فرق أن تستمع إلى شيء بدافع الاختيار، وبين أن تستمع إليه تحت وطأة الإجبار، وهذا ملخص حالنا مع موجاتنا الإذاعية، التي تعج في عصر الفضاء الرحب بمحطات «غصب» وأخواتها الاحتكارية. محتكرو الإذاعة لا توجد لديهم معايير في إدارة محتوى مايبث على أسماعنا، لأن جودة المضمون لا تقدم ولاتؤخر في ظل غياب أو تغييب المنافس الذي يخلق أجواء لتقديم مادة لا تعتمد على دجل الإذاعات واستثمارها لقابلية النصب علينا: أرسل 1 إن توقعت فوز الهلال و2 إن توقعت فوز الاتحاد، وإن كنت خطيبا مصقعا فاتصل وردد خمس مرات «شرشفنا مع شريف، وشرشف شريف زي شرشفنا»، وإن ظننت أن اسمك سقط سهوا من جيل الأطرش الفريد، فنحن ندعوك لتلقي «نشازك» العذب في «كاريوكي» وإن كانت على سمفونية «باسمك صرخت وصابني نشوة الزار»، لتسمع بعدها معلقة المدائح، وبين كل أغنية وأغنية فاصل غنائي، وعبود أبو عيون سود يهدي للحبايب و«جروبهم» بقائمة من 50 اسما، ومتصل مسكين يقول: طلبت أغنية قبل يومين وما أذعتوها، والمذيعة تقول «ابشر» ونحن نكمل «بطول سلامة يامربع».. وقمة التحدي يوم نؤخذ إلى ركن قصي من سوق عكاظ لنشهد بلاغة قس بن ساعدة الإيادي في «الحرف الممنوع» فنسمع الهذر، وين رحت وجيت وتعشيت.. يجيب المتصل «وشو؟»، يغلق المذيع الخط لأن «الشين» ممنوع!. هذا جميعه في كفة و «عطني السؤال» في كفة أخرى، فبحر الثقافة العامة كاد يغرقنا إلى حد القهقهة بين مذيع يجيب ومتصل يعطي السؤال، معطوفا ب «تكفى عطني السهل»، يقول المذيع: هو الصندوق البرتقالي الموجود في جميع الطائرات.. عطني السؤال، يجيب المتصل: سهلة.. ماهو الصندوق الذي لونه برتقالي؟، المذيع: سؤالك غلط، المتصل: ماعندك سؤال في الرياضة؟.. وتستمر حدوتة «هواها خليجي». لم أتصور وأنا أستمع إلى الإعلان الغنائي في المحطة «تصبح معها وتمسي» أن الأمر حقيقي، ليس بسبب التنوع وإدارة المحتوى بشكل فريد، بل لأنها الوحيدة التي تغرد على أثيرنا وتصبح وتمسي علينا شئنا أم أبينا، ولا أستبعد في مقبل الأيام أن يضيفوا عليها «غصب عليكم». أملي وكثيرون مثلي أن يتم التعجيل بمشروع فتح التراخيص الإذاعية في المملكة، فلم يزدنا الاحتكار إلا نكسة في الذائقة، وكسره سيثري الأثير بخيارات متعددة تناسب الأذواق كافة، وحتى ذلك الحين لا أتمنى الوقوع في يوم إذاعي كئيب سببه تعطل جهاز «الكاسيت». [email protected] للتواصل أرسل SMS إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة