اقتصاد الذكاء الاصطناعي    «الطيران» لا يُفارق سماء غزة    بايدن يشغل الساحة.. والمحاكمة تشغل ترمب    روسيا وأوكرانيا تتبادلان قصف المنشآت النفطية    النصر يعبر الخليج بصعوبة    رئيس وزراء ماليزيا يصل الرياض    الكتاب كنزنا المذخور    المسلسل    بيت سعودي لتعريف زوار منتدى الاقتصاد برحلة التحول    هندوراس تعفي السعوديين من تأشيرة الدخول    إخلاء مواطن ومواطنة حالتهما حرجة من القاهرة    روسيا تجدد هجماتها على قطاع الطاقة الأوكراني    النفط يستقر مرتفعاً في إغلاق تداولات الأسبوع وسط مخاوف العرض    "أوتر إيدج" يستشرف مستقبل الويب 3 والذكاء الاصطناعي    ليفركوزن يسجل هدفا في اللحظات الأخيرة ليتعادل مع شتوتجارت ويحافظ على سجله الخالي من الهزائم    أمير الرياض يوجه بسرعة رفع نتائج حالات التسمم    30 يونيو موعد القبول بجامعات الرياض    صلاة الميت على الأمير منصور بن بدر بن سعود    البنيان: الجامعات تتصدى للتوجهات والأفكار المنحرفة    وفاة الأديب عبدالرحمن بن فيصل بن معمر    تخصيص 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية دولية    رأسية لابورت تمنح النصر نقاط مضيفه الخليج    ضبط 19050 مخالفاً للإقامة والعمل وأمن الحدود    ملتقى مرض الباركنسون يستكشف أحدث تطورات العلاج    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُجري جراحة معقدة لعلاج جنف مضاعف بدرجة "120"    الأعاصير تسوي المنازل بالأرض في نبراسكا وأيوا    رئيس الشورى اليمني يشيد بجهود السعودية لإحلال السلام في اليمن    حرس الحدود: القبض على (9) إثيوبيين بجازان لتهريبهم (180) كجم "قات"    كلوب يستبعد تعثر أرسنال وسيتي بالجولات الأخيرة    برعاية ولي العهد.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتوج الفائزين بكأس العلا للهجن في نسخته الثانية    تركي بن طلال يلتقي أهالي عسير ويشيد بالإنجازات التعليمية في المنطقة    القصاص من مواطن أنهى حياة آخر بإطلاق النار عليه بسبب خلاف بينهما    أمير عسير‬⁩ يشكر القيادة على ما توليه من اهتمام بالتعليم ومنسوبيه    إطلاق برنامج للإرشاد السياحي البيئي بمحميتين ملكيتين    المالية تعدل اللائحة التنفيذية لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية    مدرب توتنهام: لا يهمني تعطيل آرسنال نحو التتويج    "911" يتلقى أكثر من 30 مليون مكالمة خلال عام 2023    الحقيل يبدأ زيارة رسمية إلى الصين الأسبوع المقبل    إبداعات 62 طالبًا تتنافس في "أولمبياد البحث العلمي والابتكار"غدا    قطاع صحي خميس مشيط يُنفّذ فعالية "النشاط البدني"    المكتب التنفيذي لجمعية الكشافة يعقد اجتماعه الأول الاثنين القادم    ترقية الكميت للمرتبة الحادية عشر في جامعة جازان    ابن البناء المراكشي.. سلطان الرياضيات وامبراطور الحساب في العصر الإسلامي    عهدية السيد تنال جائزة «نساء يصنعن التغيير» من «صوت المرأة»    فرصة مهيأة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    فريق طبي سعودي يتأهل لبرنامج "حضانة هارفرد"    الأهلي والترجي إلى نهائي دوري أبطال أفريقيا    كبار العلماء: من يحج دون تصريح "آثم"    "طفرة" جديدة للوقاية من "السكري"    الصحة: تماثل 6 حالات للتعافي ويتم طبياً متابعة 35 حالة منومة منها 28 حالة في العناية المركزة    نائب أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة 2030 من إنجازات ومستهدفات خلال 8 أعوام    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    رؤية الأجيال    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    مقال «مقري عليه» !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنبهوا في صدورنا صحراء
نشر في عكاظ يوم 03 - 03 - 2024


لو تم وضع مشهد تلفزيوني لمدة ثوانٍ:
يجلس جميع أفراد الأسرة، في صالة واحدة، ينشغل الكل بجواله.. يسود الصمت، تُبحلِق العيون في شاشات الجوالات، تظهر مشاعر مختلفة بناءً على شاشة كل منهم، يضع الأب يده على صدره، يتحسس ألماً، يئن، يهمس الاب: اسعفوني.
لا أحد يتنبه له، ينهض بصعوبة، يردد: اسعفوني.
يواصل أفراد الأسرة تقليب جوالاتهم.. يتقدم الأب بصعوبة.. ويسقط ميتاً.. يواصل الجميع تقليب شاشات جوالاتهم.
هذا مشهد افتراضي، إلا أننا جميعاً نعيش عزلة كل منا عمن معه في البيت، أو المجالس.. الكل متلّهٍ بحاله، متفرد بجواله، والعوالم الافتراضية المبثوثة له.
** **
أستشعر أن الناس مقدمون إلى حالة من حالات التصحر العاطفي، ولأن الزمن جدّ في سرعته، فلم يترك لهم فرصة استقبال المتغير التقني بخطط استباقية، فالتغير التقني وثورة التواصل خطيَا خطوات متلاحقة طوت الزمن، فما كان يثبت من قيم للأبناء لم يعد قادراً على التثبيت، فإذا كنا نقيس الفرق بين الجيل والجيل بمقدار عشر سنوات، فهذا المقياس الزمني لم يعد صالحاً للقياس، فالخطوات سريعة جدّاً، وغدا الناس يقيسون فوارق الأجيال بالسنة أو السنتين متمثلين بتغير أجهزتهم الإلكترونية أو موديلات هواتفهم، وهذه الفترة الزمنية الصغيرة لفوارق الأجيال غير قادرة على تثبيت أي قيمة كانت محل التقدير، والتوصية بالإمساك بها، وجُلّ الناس في دوامة اجتماعية، ومن وضع خططاً بديلة للتغيرات الاجتماعية أيضاً لن يستطيع القفز من الخلاط الاجتماعي، فأولئك المحتاطون غلبتهم سرعة الزمن، إذ كان القياس الزمني للمتغير يقدّر بخمس أو ست سنوات، ولهذا لم تستطع خططهم البديلة النجاة بسبب سرعة المتغير.
فدخلنا جميعا داخل (خلاط) لا يعنيه رخاوة أو صلابة ما في داخله، فالكل سيغدو سائلاً.
ومع هذه السرعة الزمنية لم نألف على موازاتها أو مجاورتها، أو الاستعداد للمتغير بما يجب أن نكون عليه، وهذه الطامة الاجتماعية ليست مقتصرة على بلد أو جغرافية بعينها، بل هي عامة شاملة، ولن تثبت أي قيمة سابقة، فالجيل الحاضر والقادم سيصيغ قيمه الجديدة، إلا أن معضلته ستكون ساكنة في صدوره، وهذا ما أسميه بالتصحر العاطفي.
نعم، فشباب العالم مقدمون على تصحر عجيب، فالمخترعات التقنية قفزت بالكون أشواطاً بعيدة، ولم تعد المجتمعات الاستهلاكية على اتفاق ثقافي ونفسي مع المستجدات ذات الأثر الفاعل على حياتهم.. وعادة تكون المجتمعات الاستهلاكية تابعة رغماً عنها، وتتشكل وتتغير سلوكياتها وفق معطى المنتج التقني..
والدول المنتجة توازت مجتمعاتها وفق ذلك المنتج؛ فتجد تناقضاً بين ثقافة المجتمع ومنتجاته وتحديداً في الجانب الاجتماعي، بينما ما يحدث للدول المستهلكة أن ثقافتها وسلوكها يكونان متأخرين جدّاً عن الأدوات التي يستخدمونها في حياتهم؛ بحيث تمثّل فجوة لا تتسق مع حياتهم مع المعطى التقني..
ماذا ستكون عليه المخترعات التقنية القادرة على صياغة حياة أخرى لها قيمها عند مستهلكيها؛ بمعنى أن أي مخترع هو تجريف لما سبقه من أداة وسلوك أيضاً.
لنترك للخيال فرصة لدى كل قارئ لكي يجيب: ماذا ستكون عليه الحياة بهذه الصيغة المتغيرة يومياً..؟
والقضية هنا هي تقنية ستغير النمط السلوكي خلال السنوات القادمة؛ أي أن ثقافة الدول المستهلكة ستجد نفسها أمام معضلة اجتماعية قاسية، إذ لم تصل ثقافتها إلى ما هو حادث تقنياً، ويزداد تخبطها، إذا لم يكن لديها حلول وقتية للمجابهة، وحلول مستقبلية لما تحمله التقنية من تغير ثقافي وسلوكي..
القضية عميقة وخطرة اجتماعياً، وإنسانياً، وكنوع من تطبيق القول مع الواقع، كنت أقرأ تقريراً عن العنوسة، وعن نسب الطلاق، وعن تأخر سن الزواج وعن العازفات عن الزواج، وجدت أننا فعلاً أمام أزمة اجتماعية لم تحل بالطرق التقليدية، ولن تحل بالتعددية، وهذا جانب واحد، أما التصحر الاجتماعي فله دائرة أعم وأشمل، وأعتقد أن القادم بحاجة إلى تأسيس فكرة لمجابهة التصحر العاطفي، الذي ينبئ أن ثمة عاصفة اجتماعية لم يتنبه لها أو تؤخذ لها الحدود التي من شأنها تجنيب المجتمع من ذلك التصحر العاطفي..
عفواً، هذا ليس بكاءً على اللبن المسكوب، بل محاولة لجمعه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.