أمير الرياض يؤدي الصلاة على منصور بن بدر بن سعود    وفاة الأمير منصور بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود    «زراعة القصيم» تطلق أسبوع البيئة الخامس «تعرف بيئتك».. اليوم    برعاية الملك.. بدء اجتماعات البنك الإسلامي للتنمية    ولي العهد يرعى «المنتدى الاقتصادي العالمي»    الاقتصاد الخليجي يعزز أسواقه العالمية    الحقيل يزور الصين ويشهد توقيع اتفاقيات    دعوة أممية لفرض عقوبات على إسرائيل    "عصابات طائرة " تهاجم البريطانيين    كائن فضائي بمنزل أسرة أمريكية    النصر يضمن المشاركة في أبطال آسيا 2025    أمير الرياض يوجه بسرعة الرفع بنتائج الإجراءات حيال حالات التسمم الغذائي    ضبط أكثر من 19 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    برعاية الملك.. وزير التعليم يفتتح مؤتمر «دور الجامعات في تعزيز الانتماء والتعايش»    وادي الفن    "أبدع" منصة ممارسة الأنشطة الثقافية السعودية    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    طريقة عمل البيتزا الحلوة بالكرز الأحمر    سنة «8» رؤية    السعودية تتصدر الحلول الرقمية غير النقدية في الترفيه    الأخضر 18 يخسر مواجهة تركيا بركلات الترجيح    الهلال.. ماذا بعد آسيا؟    تتويج طائرة الهلال في جدة اليوم.. وهبوط الهداية والوحدة    في الشباك    حكم و«فار» بين الشك والريبة !    فيتور: الحظ عاند رونالدو..والأخطاء ستصحح    الاتحاد يعاود تدريباته استعداداً لمواجهة الهلال في نصف النهائي بكأس الملك    64% شراء السلع والمنتجات عبر الإنترنت    تجربة سعودية نوعية    أمير الرياض يوجه بسرعة رفع نتائج الإجراءات حيال حالات التسمم الغذائي    الأرصاد تنذر مخالفي النظام ولوائحه    التشهير بالمتحرشين والمتحرشات    (911) يتلقى 30 مليون مكالمة عام 2023    سلامة موقع العمل شرط لتسليم المشروعات الحكومية    هندوراس تعفي المواطنين السعوديين من التأشيرة    انطلاق بطولة الروبوت العربية    فوز فريق طبي سعودي بالمركز الأول في مسار السرطان بجامعة هارفارد    السجن لمسعف في قضية موت رجل أسود في الولايات المتحدة    ألمانيا: «استراتيجية صامتة» للبحث عن طفل توحدي مفقود    استقلال دولة فلسطين.. وعضويتها بالأمم المتحدة !    واشنطن: إرجاء قرار حظر سجائر المنثول    المسلسل    وفاة الأديب عبدالرحمن بن فيصل بن معمر    30 يونيو موعد القبول بجامعات الرياض    البنيان: الجامعات تتصدى للتوجهات والأفكار المنحرفة    ملتقى مرض الباركنسون يستكشف أحدث تطورات العلاج    حرس الحدود: القبض على (9) إثيوبيين بجازان لتهريبهم (180) كجم "قات"    القصاص من مواطن أنهى حياة آخر بإطلاق النار عليه بسبب خلاف بينهما    إطلاق برنامج للإرشاد السياحي البيئي بمحميتين ملكيتين    قطاع صحي خميس مشيط يُنفّذ فعالية "النشاط البدني"    فريق طبي سعودي يتأهل لبرنامج "حضانة هارفرد"    "طفرة" جديدة للوقاية من "السكري"    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آسف حماس.. لا أستطيع التعاطف
نشر في عكاظ يوم 28 - 03 - 2019

نعم آسف.. فلست أنا فحسب من يرفض المتاجرة بالدم الفلسطيني لحساب أجندات حزبية وإقليمية، بل إن أهل غزة الذين أبتلوا بتسلطكم عليهم وتقديم فلذات أكبادهم من وقت لآخر لآلة القتل الإسرائيلية لتحصد أرواحهم وكأنما بينكم وبين سلطات الاحتلال اتفاقاً غير مكتوب بقتل النشء الجديد وغرس الرعب في نفوس من لا يقتل منهم حتى آخر يوم من حياتهم.
لا شك أنكم تعلمون بأن خبراء إسرائيليين يتحدثون منذ زمن عن توفر معطيات من فترات ما قبل اندلاع الانتفاضتين الفلسطينيتين؛ الأولى في ديسمبر 1987، والثانية في سبتمبر عام 2000، مفادها بأنه في الانتفاضتين سبق اندلاع العنف الجماعي ازدياد حدة العنف الفردي، ولذا تبدو الظروف الحالية مشابهة لتلك المعطيات.
ويخطئ من يظن بأن تحذيرات الخبراء أو من يسمون أنفسهم «المستشرقين» الإسرائيليين من اندلاع انتفاضة ثالثة تهدف لحقن الدماء. بل هم في الحقيقة عبّروا في مناسبات عديدة عن استبطائهم لاندلاعها بل كادوا يستجدون الفلسطينيين في الضفة أن ينتفضوا فهم يريدون فاصلاً زمنياً قصيراً بحدود 15 عاماً بين الانتفاضات، حتى ينال كل جيل فلسطيني صاعد نصيبه من السحق والإرهاب فإما أن يخنع أو يرحل وكلا الخيارين مثالي للإسرائيليين.
ولئن تميزت القيادة الفلسطينية في الضفة بالتعقل في الاحتجاج والسعي للسلام، فإن هذا التوجه لا يخدم استمرار قيادة حماس والفصائل التي نعرفها ولا نعرفها في مواقع السلطة والتسلط في غزة. فالضربات الإسرائيلية المتقاربة لجموع الشعب الأسير مهمة بالنسبة لهذه القيادات ولنفس الدوافع الإسرائيلية ولكن على الوجه الآخر من العملة، لتذكير الأجيال الجديدة بالغول الإسرائيلي لتبرير تطرفهم واستمراريتهم في السلطة والتحكم بأموال الإعانات وبمدفوعات القوى الإقليمية ذات المصلحة في المزايدة على العرب في قضيتهم الأولى والمركزية، القضية الفلسطينية.
فعندما وجدت قيادة حماس في غزة أن ردود فعل الإسرائيليين العسكرية على استفزازاتهم اقتصرت على ضرب مقرات الحركة لجأوا اعتباراً من 30 مارس 2018 لأسلوب لا يفكر فيه غير الشياطين وهو ما أسموه «مسيرات العودة الكبرى»، وذلك بالدفع بالشباب باتجاه الشبك الفاصل بين القطاع وإسرائيل بمسيرات تهدف للعودة لفلسطين.. هكذا! وبكل بساطة، ليبطش الإسرائيليون بهؤلاء الشبان من الجنسين ويقتلوا منهم 189 حتى الآن ويجرحوا ما يزيد على 12،000 بلا ثمن، ودون أن يرتدع تاجر الدماء الحمساوي الذي يكرر فعلته كل يوم جمعة. ليتدخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ويشير إلى تورط جنود إسرائيليين في جرائم حرب إبّان تعاملهم مع هذه المسيرات على حدود قطاع غزة العام الماضي.
ولنفترض جدلاً بأن الأمم المتحدة ستدين إسرائيل، وهو الأمر المستبعد تماماً، فالتساؤل الشرعي الأكثر إلحاحاً هو كيف تكون الأمم المتحدة أرحم بشباب غزة من قيادتها؟ لماذا ترمي بهم هذه القيادة في أتون معركة غير متكافئة مع عدو يمتلك ترسانة من الأسلحة لا يمتلكها العرب مجتمعون؟ هل أصبحنا ونحن «أهل السنة والجماعة» تبعاً لملالي إيران وغيرهم من الوثنيين ممن يؤمنون بضرورة تقديم الضحايا البشرية على مذابح الثأر التاريخي والمظلومية؟
وكشاهد على أن تقديم الضحايا البشرية أصبح مقصودا بذاته هو ما حدث مساء الخميس 14 مارس الحالي حينما سقط صاروخان من قطاع غزة قرب تل أبيب، دون أن يتسببا في وقوع أضرار، وكان رد فعل الإسرائيليين الانتقامي قصف مواقع لحماس في غزة. ولكن رد الفعل هذا لم يعجب حماس لأنه لم يتضمن مجزرة بين المدنيين فأعادوا الكرة يوم الإثنين الماضي 25 مارس، حيث استيقظنا على أخبار صاروخ من غزة سقط على منزل شمال تل أبيب وأصاب سكانه. وكان التوقيت هذه المرة مدروساً بعناية، ربما للهروب من انكشاف حقيقة تسلط حماس على أهل غزة بعد حملة القمع والقتل والتخوين والاغتيال التي نفذتها مليشيات حماس بحق معارضيها والمحتجين على الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعانون منها، ما دفع بكاتب إسرائيلي للترحيب ساخراً بانضمام حماس ل«معسكر قمع الفلسطينيين».
وهناك من يرون أن هذا الإطلاق العبثي كان للتغطية على أخبار توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على اعتراف بلاده بسيادة إسرائيل على الجولان السوري الذي لم يزد رد فعل النظام السوري نفسه عليه عن وصفه بأنه «اعتداء صارخ على سيادة سوريا».
وأياً كان دافع الإطلاق إلا أن رئيس الوزارء الإسرائيلي لم يكذب خبراً وسارع لتلقف هذه الهدية ليأمر، من واشنطن، بشن حملة عسكرية رئيسية على غزة، لترد حماس بمزيد من إطلاق الصواريخ قبل أن تشيع بأنها توصلت لوقف لإطلاق النار بوساطة مصرية، ولكن الجيش الإسرائيلي سارع إلى نفي ذلك عبر إذاعته ليستمر القصف وحشد القوات البرية على حدود غزة. ورد الفعل الإسرائيلي غير المتوقع هذا أوقع مطلقي الصواريخ في ورطة فبدأت البكائيات بأن غزة ليس فيها ملاجئ، وأنهم يخشون على المدنيين من ضربات العدوان الغاشم. فكيف يكون في غزة آلاف الصواريخ ولا يكون فيها ملاجئ؟
بقي أن أؤكد بأنني ممن لا يؤمنون بإمكانية تحقيق السلام مع الإسرائيليين طالما أنهم يحتلون فلسطين والجولان أو أي أراض عربية أخرى، ويصادرون حقوق أهلها الشرعيين بتقرير المصير والعيش الكريم. ولا أؤيد أيضاً السكوت على حصار غزة. ولكن أقدر مخاوف العرب قبل الإسرائيليين من تسلط جماعات محسوبة على قوى إقليمية لها هي أيضاً مطامع بالبلاد العربية بصرف النظر عن «الشعارات» الدينية والطائفية التي ترفعها.
وفي الختام، أرغب التأكيد على أن السلامة الوطنية من أهم مبادئ الحكم، والإقدام على مغامرات غير محسوبة العواقب، وشن حرب معروفة النتائج مسبقاً يدخل في باب الخَطَل وفقدان الأهلية. ولذلك أرجو أن تتدخل القمة العربية المقرر انعقادها يوم السبت القادم بحسم في مصير غزة باتخاذ قرار برفع يد حماس عنها وتكليف السلطة الفلسطينية بتولي مقاليد الأمور فيها، وتكليف مصر والأردن بالإشراف على مباحثات باسم العرب وبضمانهم لرفع الحصار نهائياً عن غزة، فقد تخطت مأساة المدنيين الأبرياء فيها كافة حدود الاحتمال الإنساني.
* اقتصادي وباحث إستراتيجي سعودي
alitawati@


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.