لبعض رؤساء الأندية الأدبية ومجالس إداراتها في دوراتها المختلفة قصص لا يكاد ينقضي منها العجب، وهي قصص تحمل من الدلالات ما لو استقصاها باحث لفتحت له بابا لاكتشاف ما لم يتم اكتشافه بعد من أسرار وعجائب إدارة الشأن الثقافي على مدى يقارب نصف قرن من الزمن، وإذا كان أحد رؤساء الأندية الأدبية قد تورط حين تبرع من ميزانية النادي لأحد الأندية الرياضية في مدينته بينما تورط آخر حين أخرج الزكاة من ميزانية النادي فإن رئيسا ثالثا ورط الإدارة التي تلت إدارته حين تبرع بمبنى النادي كاملا لجمعية الثقافة والفنون لمجرد أن تبرع أحد رجال الأعمال ببناء مسرح كبير للنادي وملحق لذلك المسرح إن اتسع لإدارة ذلك المسرح لم يتسع لبقية نشاطات النادي وجهازه الإداري والفعاليات التي يمكن للنادي أن يتوسع في ممارستها بعد أن كان مقره قد اضطره إلى الحد من تلك الفعاليات. ذلك هو ما حدث في نادي جدة الأدبي، الذي شهدتُ خلال عضويتي لمجلس إدارته لأكثر من 20 عاما كيف تابع رئيسه آنذاك الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين إنشاء مقره مذ كان أرضا بيضاء تبرعت بها الأمانة للنادي حتى أصبح صرحا نموذجيا معماريا تبرع بتكلفته رجال الأعمال في جدة، وشهدتُ خروج النادي من ضيق شقة في طريق المدينة إلى سعة مبناه الجديد الذي أصبح معلما من معالم جدة. وإذا كانت إدارة نادي جدة الأدبي التي تلت إدارة عبدالفتاح أبو مدين قد عجزت عن استثمار ذلك المبنى مكتفية بالمسرح الجديد وملحقاته فتبرعت بذلك المبنى دون رجوع للجمعية العمومية أو استشارة للشؤون القانونية في الوزارة أو استئذان ممن تبرعوا للنادي بإنشاء ذلك المقر، فإن من حق الإدارة الحالية، بل من واجبها، أن تعمل على استعادة مبنى النادي وتوظيفه في نشاطات يعجز مسرح النادي وملحقاته عن استيعابها، وليس لجمعية الثقافة والفنون أن تماطل في تسليم النادي مبناه، خاصة أن منحها ذلك المقر كان وفق عقد حدد مدة المنح بخمس سنوات، وقد انقضت تلك المدة منذ ما يزيد على ثلاثة شهور، وإذا كانت جمعية الثقافة والفنون بحاجة لمقر فإن عليها أن تقدم من البرامج والفعاليات ما يجعلها مؤهلة لإقناع أمانة جدة ورجال الأعمال فيها أن يتبرعوا لها بإنشاء مقر كما فعل نادي جدة من قبلُ، وأن يربأ القائمون على شأن الجمعية بأنفسهم عن احتلال مقر ليس لهم، خاصة بعد أن قررت الشؤون القانونية في وزارة الثقافة بطلان قانونية التبرع بمقر النادي، وأن لا تضطر الجمعيةُ النادي للجوء إلى الجهات التنفيذية والقضائية كي يسترد مبناه.