- سارة الدرعة لما عفوت ولم أحقد على أحد أرحت نفسي من هم العداوات إني أحيي عدوي عند رؤيته أدفع الشر عني بالتحيات ذات الخبر - الرياض إحياءاً لليوم الدولي للتسامح والذي يوافق السادس عشر من نوفمبر، وهو اليوم الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1996 م يوماً دولياً للتسامح، مؤكدة على أن التسامح هو الوحدة التي تضمن بقاء الإنسانية طالما كان التنوع والاختلاف هو أمر ملازم للوجود الإناني وسنة كونية. فالتسامح يعني احترام التنوع الذي يزخر به هذا العالم وقبوله والتصالح معه، وهو في جوهره "اعتراف بحقوق الإنسان لأخيه الإنسان"، فالتسامح فضيلة تعكس قلب الإنسانية النابض بالمحبة والتفاهم والسلام. وفي ديننا الإسلامي الحنيف، دين العفو والتسامح، وردت الآيات والأحاديث التي أكدت على فضل هذا الخلق النبيل، الذي إن دل يدل على رقي صاحبه وترفعه عن صغائر الأمور ومسببات الضغائن والأحقاد، ومن ذلك قوله تعالى: "ولْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "، وقوله تعالى: " الذين ينفقون فى السراء و الضراء و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين"، كما جاءت السنة النبوية الشريفة بذكر عظم ثواب هذا الخق العظيم، ومن ذلك حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كنا في المسجد عند رسول الله فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة"، قال: فدخل رجل من الأنصار، تنطف لحيته من وضوئه، قد علق نعليه بيده، فسلم على النبي وجلس، قال: ولما كان اليوم الثاني قال: ((يدخل من هذا الباب عليكم رجل من أهل الجنة"، قال: فدخل ذلك الرجل الذي دخل بالأمس، تنطف لحيته من وضوئه، مُعلقاً نعليه في يده فجلس، ثم في اليوم الثالث، قال عبد الله بن عمرو بن العاص : فقلت في نفسي: والله لأختبرن عمل ذلك الإنسان، فعسى أن أوفّق لعمل مثل عمله، فأنال هذا الفضل العظيم أن النبي أخبرنا أنه من أهل الجنة في أيامٍ ثلاثة، فأتى إليه عبد الله بن عمرو فقال: يا عم، إني لاحيت أبي أي خاصمت أبي فأردت أن أبيت ثلاث ليال عندك، آليت على نفسي أن لا أبيت عنده، فإن أذنت لي أن أبيت عندك تلك الليالي فافعل، قال: لا بأس، قال عبد الله: فبت عنده ثلاث ليال، والله ما رأيت كثير صلاةٍ ولا قراءة، ولكنه إذا انقلب على فراشه من جنب إلى جنب ذكر الله، فإذا أذن الصبح قام فصلى، فلما مضت الأيام الثلاثة قلت: يا عم، والله ما بيني وبين أبي من خصومة، ولكن رسول الله ذكرك في أيامٍ ثلاثة أنك من أهل الجنة، فما رأيت مزيد عمل!! قال: هو يا ابن أخي ما رأيت، قال: فلما انصرفت دعاني فقال: غير أني أبيت ليس في قلبي غش على مسلم ولا أحسد أحداً من المسلمين على خير ساقه الله إليه، قال له عبد الله بن عمرو: تلك التي بلغت بك ما بلغت، وتلك التي نعجز عنها ". فلو جرب المرء حلاوة العفو و التسامح ما بدلها بكل الدنيا، ولو عرف عظيم الثواب الذي ينتظر المسامح، العافي عن الناس و قدر الراحة التي ينام بها و ليس في قلبه ذرة كره أو حقد ربما أدرك المرء لما وهب ديننا الإسلامي كل تلك الأهمية لتلك الصفة صفة التسامح، وذلك الطبع النبيل، العفو عند المقدرة. لذا قرن الله تعالى العفو بالكرم فهو بذلٌ لشيءٍ كبيرٍ نفيس لا يتخلق به إلا كريم.