في عام 1426ه عندما بدأ برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث كانت هناك حاجة ماسة لتوطين الوظائف الصحية لتوائم حاجة السكان الذي كان عددهم حينها أكثر من 23 مليون نسمة، حتى وصل عام 1438 ه لأكثر من 32 مليون، بزيادة عدد أطباء الأسنان من 4975 طبيب/ة إلى 15625 طبيب/ة نفس العام 1438ه، بمعدل ارتفع من 2.14 إلى 4.8 طبيب/ة لكل 10000 نسمة، وهو ما ينعكس على مؤشرات صحة الفم والأسنان، رغم وجود 28 كلية لطب الأسنان في المملكة وخريجيها ما بين 1400-1500 طبيب/ة سنوياً، إلا أن نسبة توطين الأطباء في القطاع لازالت في مستوى 27-30% على أقصى تقدير فيما تشير هيئة التخصصات الصحية إلى وجود أكثر من 6 آلاف طبيب يبحثون عن عمل. ولعل عقلية بعض رجال الأعمال والقطاع الخاص هي أكبر عوائق التوطين التي رودها قرار وزير العمل والتنمية الاجتماعية م. أحمد الراجحي، برؤية 2030 التي رأت بأنه يجب أن يتحرك القطاع الخاص ويغذي بما فيه قطاع طب الأسنان وتحويله إلى بيئة نامية مستقطبة لأطباء الأسنان، ليأتي القرار بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية منها وزارة الصحة ومجلس الغرف السعودية وهيئة التخصصات الصحية وصندوق الموارد البشرية، بهدف إتاحة فرص وظيفية مناسبة للمواطنين في التخصصات الحيوية، بعد انتظار طال أمده، بتوطين تدريجي لجميع مهن طب الأسنان في المنشآت التي يتجاوز عدد العاملين الوافدين فيها في مهن طب الأسنان 3 أطباء أسنان فأكثر، إنفاذاً لمبادرة "توطين المهن" إحدى مبادرات الوزارة المعلن عنها في تاريخ 1440/01/20 ه، لتتم على مرحلتين، الأولى تستهدف توطين 25% اعتبارًا من تاريخ 1/08/1441ه، والثانية توطين 30% اعتباراً من تاريخ 1/08/1442ه. ويرى البعض أن مشكلة الإحجام عن العمل في القطاع الخاص ترجع بالدرجة الأولى إلى الرواتب، حيثُ تُحمِّل وزارة الصحة الأطباء المسؤولية الكاملة عن ذلك بدعوى عدم رغبتهم في العمل خارج المناطق التي يُقيمون بها، وتعوده على الوظيفة الحكومية ومميزاتها، في ظل شكاوى من تكدس العيادات، وضعف أداء بعض الأطباء الوافدين، التي وصلت نسبتهم ل 90% من عدد الأطباء في عيادات الأسنان الخاصة، وكثير منهن يزاول مهنته بتخصصات دقيقة أو تجميلية وجراحية في الفم والأسنان بدون تأهيل مناسب، إضافة إلى ضعف الأجور وفرض عمولة للطبيب على حسب عدد المرضى الذين يعالجهم، وطلب العديد من المراكز الطبية وجود خبرة مع ان الغالبية خريجون جدد، أيضا غالباً من يقوم بالمقابلة الشخصية للمتقدم على الوظيفة وافدين، ونظرة القطاع الخاص التي تركز على الربحية مُقدمة على الجودة والتخصصية، حيث لا يرى رجل الأعمال القيمة الاستثمارية المهولة التي يجنيها حينما يوظف الطبيب السعودي الذي أثبت جودته وأمانته ومهارته، ثم ارتفاع كلفة الدراسة بالتخصصات العملية، لنرى مؤخرًا مُطالبات بالتريث في القبول بالأقسام الطبية طالما ستظل البطالة قائمة بين الخريجين. فهل تفي برامج صحة الأسنان الوقائية والعلاجية لتفسر قائمة الانتظار الطويلة للحالات العلاجية الشائعة؟، فكيف للمُتخصصة؟. وقفة: إن التدخل الحكومي ضرورة لتعديل ظروف التوطين لهذا التخصص، ومواجهة تلك التحديات من ذلك تحسين رواتبهم، واشتراط السعودة على مسؤولي التوظيف، وفتح مجال العمل الخاص في الفترة المسائية بعيادات الأسنان الحكومية واللاربحية تحت إِشراف حكومي يلتزم بمقاييس الجودة والتطوير حسب اللوائح والأنظمة، ووضع آليات لدعم وتحفيز التدريب والتوظيف ضمن برامج صندوق الموارد البشرية. أملين من وزارة الصحة أن تجعل تأمين طب الأسنان يشمل الأساسي والتجميلي، ومراعاة المواطن ميسور الحال ومساعدته على تكاليف علاج الأسنان نظراً لضعف شمولية التأمين خاصة مع جهود الوزارة الكبيرة مع اكتمال الخصخصة والسعودة التي نجحت في طرحها لأكثر من 22 ألف وظيفة للأطباء السعوديين في مختلف مناطق ومحافظات المملكة وهي من ثمار رؤية الوطن.
