عبدالمحسن محمد الحارثي من باب الوفاء لأهل الوفاء نتقدّم بالشكر الجزيل إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي أمر بإنشاء مجمع باسم ( مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للحديث النبوي الشريف) فكان هذا الشرف لأعظم عظيم قد حيّاه الله بالرسالة، وأيده بالمعجزات، واصطفاه من بين خلقه .. والذي ينحني أمام جلائل أعماله وعظيم هديه جُلّ البشر .. إلا من عاند وأبى .. هذا الهدي الذي يتمثّل اليوم في ذلك الرصيد الهائل من الخير والفضل والعلم الذي لو تتربى عليه الإنسانيّة على بعض أدبه وتأتنس النفوس ببشره وخيره ؛ لما عانت البشرية ويلات ضياعها اليوم ولما وقعت في براثن أعداء الخير والحق الذين يريدون أنْ يُطفئوا نور الله بأفواههم ولكنّ الله متمّ نوره ولو كره الكافرون. لقد حاول بعض المستشرقين ومن اتبع سبيلهم من المسلمين – وهم عدد قليل- التشكيك في المنهج العلمي الرائع الذي التزمهُ علماء الحديث في تدوينهم للسنّة .. فقد كان الصحابة والتابعون يسافرون ويقضون الأيام والليالي في طلب حديث واحد. . وكانوا يقولون:( إنما هذه الأحاديث دين، فانظروا عمّن تأخذونها). ومن هنا نشأ علم الجرح والتعديل الذي يوزن به الرجال ويُعرف به صحّة السند أو عدم صحّته. السنّة النبوية أصل من أصول الدين؛ فالسنة بيان للقرآن وتفصيل لمجمله. . قال تعالى:( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل لهم). فجاء الخطاب لعموم الناس ، عرباً وعجماً حاضرين ولاحقين إلى يوم القيامة .. وآيات القرآن الكريم تقرر عموم رسالته إلى كافة البشر.. قال تعالى:( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً). وهناك دليل على من يشكك بعموم رسالة الإسلام للناس جميعاً.. وهي: الرسائل النبوية التي بعثها الرسول الكريم إلى ملوك ورُؤساء العالم حينذاك كسرى وقيصر وملك مصر وغيرهم، يدعوهم فيها إلى الإسلام. والهدف من الحوار النبوي هو إقناع المخلوقات المكلّفة بالإسلام، وأن الحوار ينطلق من احترام حقوق الأفراد ، ومنها حريتهم في الدين ، وحريتهم في التعبير ..وبهذا ، فالإسلام سبق النظام الديموقراطي بأكثر من اثني عشر قرناً في احترام حقوق الفرد في المجتمع. يقول تعالى:( لا إكراه في الدين) وهذا رد لمن يعتقد أن النظام الديموقراطي قد سبق الدين الإسلامي. لقد أطلق علماء الحديث اسم الكتب الستة على ( البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود والترمذي وابن ماجه) وهي الكتب التي دونت الحديث الشريف في القرن الهجري الثالث الذي يعتبر بحق العصر الذهبي للسنّة إذْ فيه اتجهت همم العلماء والرواة إلى جمع الحديث. ويُعتبر الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز- رغم خلافته القصيرة- له اليد الطولى بأمره بكتابة الحديث ، وكتب إلى عامله على المدينة ( أبو بكر بن حازم).. قال له:{ انظر ما كان من حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء} واليوم في ظل هذه التداعيات وتلك الشبهات وما نراه من تداخل وتحريف وزيادة ونقص أبى خادم الحرمين الملك سلمان الذي سار على خُطى أخيه – المرحوم له بإذن الله تعالى- الملك فهد بن عبدالعزيز الذي سبقه على هذا الشرف بإنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.. بأن يكون له شرف إنشاء هذا المجمع الذي يُعنى بالسنة النبوية الشريفة ويحفظها من التحريف والتزييف ؛ لتكون اللبنة الثانية – كما هي كذلك- للتشريع الإسلامي ، وأن تجتمع الأمة على كلمة سواء.. فهي المشتملة على جوانب العقيدة والتربية ونماذج من تشريع الإسلام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأخلاقي.