في ظرف شهر من الزمن سقطت ثكنات ومراكز الجيش السوري في محافظة الرقة، واحدة تلو الأخرى، وآخرها مطار الطبقة العسكري بعد معارك ضارية منذ الساعات الأولى لمحاولات الاقتحام المتكررة التي قام بها جهاديو "الدولة الإسلامية"، فقد ضربت بوابة المطار بعملية انتحارية أولى، تلتها أربع عمليات أخرى. والمطار يبعد حوالي 45 كلم عن مدينة الطبقة وكان يأوي طائرات ميغ وسوخوي ومروحيات روسية وفرنسية الصنع من نوع غازيل. وكانت القناة الإخبارية السورية قد خرجت بتقرير من داخل المطار عشية سقوطه تؤكد فيه على السيطرة التامة على المطار وجواره عارضة الطائرات المقاتلة والدعم الذي يصل المطار عبر الجو. ومع سقوط المطار بيد "الدولة الإسلامية" تكون محافظة الرقة أول محافظة تخرج بالكامل عن سلطة دمشق، كما كانت مدينة الرقة أول عاصمة محافظة تخرج عن النظام . مجريات المعركة تعذر التواصل مع من شهدوا مباشرة سير المعارك في اليومين الأخيرين، وكان الهدف استيضاح بعض ما أُفدنا به ووصلنا من معلومات. وذلك بسبب انقطاع التواصل مع البعض وإصابة البعض الآخر، فالمعارك مع الجيش السوري كانت ضارية وامتدت لمدة خمسة أيام متتالية ليلا نهارا بشكل شبه مستمر وانتهت في اليوم السادس. كما سقط ل "الدولة الإسلامية" ثلاثة "إعلاميين جهاديين"، وهم يشاركون بالمعارك فضلا عن تصويرها، وقد أصيب ستة "إعلاميين" آخرين. إلا أنه في نهاية الأمر تواصلنا مع أحد الإعلاميين المقربين من "الدولة الإسلامية" وقد انتقل مؤخرا من ريف حمص الشمالي إلى مدينة الرقة، وقد أفادنا بما تيسر له من معلومات. فأكد لنا أنه "بخلاف معركة الفرقة17 التي كانت أسرع والتي سبقها حصار طويل، فإن معركة مطار الطبقة العسكري لم يسبقها حصار، إلا أن مدفعية ودبابات "الدولة الإسلامية" دكت المطار وتحصيناته لمدة أربعة أيام قبل الشروع بالهجوم". ذلك قبل أن تنجح عملية انتحارية، كانت الخامسة كما وردنا، بإحداث خرق في منظومة الجيش الدفاعية، فضلا عن ضرب مدافع ال،23 بصواريخ حرارية تم استقدامها من اللواء93 الذي سيطرت عليه "الدولة الإسلامية" قبل أيام قليلة. وهذه المدافع كانت مركزة على الأطراف ما كان يجعل تقاطع نيرانها قاتلا للمهاجمين. ويقول لنا مصدرنا أن "العملية المذكورة جاءت مباغتة على إحدى بوابات مطار الطبقة وسبقت عملية اقتحام واسعة حدثت في مرحلة كان الجيش السوري مطمئنا لصلابة موقفه والدليل كان وصول إعلاميين وتعزيزات وذخائر للمطار في صباح اليوم عينه". وفعلا وبحسب عدة مصادر من الجيش السوري كان في استعدادية كبيرة في مطار الطبقة وكان مجهزا بأفضل التجهيزات العسكرية وحتى الطبية، فكان يوجد داخل حرم المطار مستشفى ميداني حديث ومجهز للعمل لفترة طويلة. كما أن المطار على خلاف مطارات أخرى كان ما يزال قيد الاستعمال الفعلي. ويقول لنا مصدرنا أن "عمليات الكر والفر والاقتحام دامت حوالي ستة أيام انتهت بسيطرة جهاديي الدولة الإسلامية على المطار ومبانيه".علما أن المعارك استمرت لساعات طويلة في جوار المطار مع الجنود والضباط الذين تحصنوا في عدد من المنازل إلى أن نفذت ذخيرتهم. وهنالك من العسكريين من حاول الهرب نحو ريف حلب عبر ما يعرف بحاجز أثريا، إلا أن الحاجز المذكور كان قد وقع بدوره بيد الجهاديين. حتى أنه وردت أنباء عن محاولة الجيش السوري فك الحصار عن ما تبقى من جنوده عبر القصف الصاروخي والجوي وعبر إرسال تعزيزات لهذه الغاية. لكن هذه المحاولات باءت بالفشل وتم أسر المئات من العسكريين الذين "سيقوا كالمواشي" في البادية، ما يذكر بمشهد سوق المئات من الجنود العراقيين منذ أشهر قليلة، قبل أن يتم إعدامهم بعد ساعات. وبحسب مصدرنا "دامت عمليات المطاردة والأسر 48 ساعة بعد انتهاء المعركة". وهذه التفاصيل الميدانية تدحض كل ما أشيع عن "تسليم المطار" وإلى ما هنالك من نظريات تخرج كلما حُسمت معركة في سوريا لمصلحة هذا الطرف أو ذاك. نهاية من الواضح أن أصعب المعارك وأكثرها ضراوة منذ أشهر وعلى امتداد الأرضي السورية تجري ما بين الجيش السوري، وتنظيم "الدولة الإسلامية" المنهمك على جبهات متناهية الأطراف على امتداد كل من العراق وسوريا. فالتنظيم منهمك بمواجهة الجميع، من جيوش إلى فصائل وتحالفات إقليمية لم تكن واردة منذ أشهر قليلة خلت وبدأت ترتسم ملامحها يوما بعد يوم مع الضربات الأمريكية والتقارب السعودي الإيراني والدعم العسكري المتزايد لكردستان العراق، فضلا عن ما ذكرته بعض المصادر عن التواصل المخابراتي المستجد مع دمشق.