لم ينشغل العم عبدالله بن عبدالرحمن القرني -130 عاما- بما أحدثه زحف السنوات من تأثير طاغ على ملامحه بل رأيناه وقد تصدّى لهذا الزحف بذاكرة يقظة وابتسامة لاتغيب. وكأنه يؤكد لكل من يقرأ قصته أن التجاعيد التي عرفت طريقها للوجه ليست عنوان ضعف وعجز - كما يحسب الكثيرون - وانما هي خطوط خبرة .كل خط يحمل حكاية ويخبىء خلفه قصة غريبة. منعطفات ساخنة وأخرى ملتهبة عاشها القرني قبيل توحيد الملك عبدالعزيز للبلاد حيث حضر الحروب القبلية وذاق مراراتها وكان الشاهد الصادق على فصول الخوف وعدم الأمان التي كان المواطنون يدفعون ضريبتها -غصبا- . ليس هذا فقط بل شاهد القرني في هذه الحقبة وجه «الفقر» وهو يطل على الجميع فقر مميت يحفز الإنسان لحفر الأرض بأنامله من أجل كسرة خبز وشربة ماء. ومع هذا المنعطف الساخن كان هناك منعطف جديد عاشه «القرني» بعد توحيد البلاد على يد المغفور له الملك عبدالعزيز. حيث عاش فترة مغايرة عرف فيها الأمان على النفس والمال والعرض .. تنعّم القرني بأجمل سنوات حياته وقتما سنّ المؤسس أنظمة تكفل للمواطن العيش في أجواء آمنة لا يفلت فيها من القصاص خاطف عرض ولا قاطع طريق. وفقا لصحيفة المدينة التي التقت العم عبدالله بن عبدالرحمن القرني -معمر ال 130 عاما- في منزل ابنه بحي الاجاويد لتقف معه على مراحل الحياة ماو قبل الملك عبدالعزيز وبعد فتح الرياض ورؤيته في 3 قرون عاشها 14 عاما من القرن التاسع عشر و100عام من القرن العشرين و14 عاما من القرن والانتقالات المدهشة من الحروب القبلية إلى حقبة الأمن الى زمن الآي فون والآيباد. خارطة الأمن يقول المعمّرالقرني: فروق واضحة بين ما قبل التوحيد وبعده . فلقد عشنا فترة صعبة لم نكن نأمن فيها على مالنا وأهلينا من محترفي السرقة وقاطعي الطريق حتى جاء المؤسس -رحمه الله- ليرسم لنا خارطة جديدة ويرسخ في البلاد عنوان الأمان. كان الناس في الماضي في فقر شديد لا يجدون لقمة العيش إلا بعد مشقة وتعب بل ويصل بهم الحال في بعض الاوقات الى تناول وجبة واحدة واذكر اني ربطت بطني كثيرا من الجوع بل كنت أسافر «لتربة البقوم» للعمل في الحرث والزراعة والسقية ولحماية المحاصيل من الطيور والحشرات ثم نعود بما كسبت أيدينا فرحين بما أتانا الله من فضله أما اليوم فالحال تبدل واصبح الرجال والنساء يربطون بطونهم حتى يعملون الرجيم واصبح الوضع مختلفا راحة بال واستقرار في الماضي كانت هناك حروب قبلية وكان الناس في خوف شديد فتجد الرجال يحملون البندقية خشية تعرضهم للقتل بالغدر نتيجة الحروب وقد فقدنا الكثير من الأخوات والاقارب آنذاك . واليوم في حكم آل سعود فالحمدلله الوضع أمن وأمان ونسأل الله من فضله وأن يوفق حكامنا ولقد حضرت أيام الملك عبدالعزيز -رحمه الله- والملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد -رحمهم الله جميعًا- ونحن اليوم في عهد ابو متعب أطال الله بعمره ننعم بالرفاهية والسعادة لا يوجد بيننا فقير معدم فلقد قدم أبو متعب للبسطاء كل جسور الراحة والرفاهية. انا مزارع .. حياتي كلها في هذه المهنة أزرع وأروي مزرعتي .أسكن بيوت الطين وأربي المواشي من بقر وغنم وجمال وكانت الاراضي في الماضى مرتوية والأبيار مملوءة بالمياه كانت أيام جميلة بعضنا يزور الاخر، ولكن الزمان اختلف فلم يصبح هناك احد يسأل عن احد بل الجميع انشغلوا في أنفسهم وفي حياتهم. زوجتان و5 أولاد لدي 5 اولاد تزوجت من إمراتين وأديت فريضة الحج 6 مرات اما العمرة فلقد اعتمرت كثيرا ولله الحمد كان الحج قديما يستغرق منا الكثير في السفر الى مكة قد يستغرق عشرة ايام وكنا نتعب ونمرض ولكن كانت الفرحة بالحج ورؤية الكعبة والمشاعر تنسيك كل ذلك التعب وعناء المشقة «أنا رجل أكرة الجوال والساعة وأعرف مواقيت الصلاة دون أن يخبرني بها أحد . هكذا تعودت كما انني أخدم نفسي ولله الحمد حتى اليوم أذهب الى دورة المياه دون مساعدة من احد كما أنني أصوم أيام البيض وعن الأكلات أنا أحب التمر والبر ولا أحب التميس والمعصوب.