تتوزع أسباب أزمة السكن في السعودية، على عدة جهات حكومية وخاصة، ويرفض عقاريون التأكيد أن مشكلة السكن قد وجدت طريقها للحل، أو أن وزارة الإسكان ستكون قادرة بمفردها على وضع يدها على حلول الأزمة، مشيرين إلى أن المشكلة ستظل قائمة لفترة من الزمن، دون أن يحددوا مدتها. وأكدوا أن الحلول مرتبطة بقرارات رسمية جديدة أكثر شجاعة من ذي قبل، تعمل على توفر الأراضي البيضاء الصالحة للبناء في مناطق السعودية ال13. 300 ألف وحدة وتقول دراسة عقارية إن الاحتياج السنوي للوحدات السكنية في جميع مناطق السعودية يتجاوز 300 ألف وحدة سكنية، في الوقت الذي أكدت فيه أن الطلب على الوحدات السكنية في نمو متواصل، موضحة أن ما قامت به وزارة الإسكان من محاولات لتطوير جميع الأراضي لا يلبي ولا يوازي الطلب خلال خمس سنوات مقبلة. وألمحت الدراسة إلى أن الأراضي التي تسلمتها وزارة الإسكان لتطوير الوحدات السكنية، تقع في محافظات ومناطق نائية وغير حيوية وغير قابلة للسكن الآن، لبعدها عن مراكز المدن، مستشهدة بالأراضي التي حصلت عليها الوزارة في مدينة الرياض، التي كانت بعيدة عن المدن الرئيسية وعن جميع الخدمات الحيوية من مدارس ومستشفيات وأسواق ومراكز شرط ودفاع مدني وجامعات ومعاهد ووزارات حكومية، وكذلك بعدها عن أماكن عمل الموظفين في القطاعين الحكومي والخاص. توافر الأراضي الكبيرة عقبة ويرى العقاري فيصل الزهراني أن العقبة الكبرى التي تواجه مشكلة السكن في السعودية اليوم، تكمن في توفر الأراضي البيضاء، مستشهدا بسعي وزارة الإسكان لتوفير هذه الأراضي، عبر أي وسيلة كانت، ولو بفرض رسوم على المحتكرين لها. وقال: اصطدمت وزارة الإسكان منذ تأسيسها قبل نحو خمس سنوات، بمشكلة توفر الأراضي البيضاء المخدومة بالبنى التحتية فيها، وقد أقرت الوزارة بهذه المشكلة صراحة على لسان مسؤوليها، لذلك حرصت على حلها بألف طريقة وطريقة، بدأتها بتصريحات نارية، ألمحت فيها أن أسعار الأراضي ستنهار، ثم سعت إلى خلخلة السوق العقارية، وتجميد حركة البيع والشراء في القطاع الخاص، وتحقق ذلك عندما شعر معظم المواطنين أن بإمكانهم الحصول على سكن من الوزارة، وليس من القطاع الخاص الذي اتهمته الغالبية بالجشع والاستغلال بفعل ارتفاع أسعار منتجاته، ففضل المواطن أن ينتظر ما ستجلبه له الوزارة. أسعار الأراضي متماسكة ويؤكد العقاري عادل المدالله أن أسعار الأراضي البيضاء لم تهبط ولم تتأثر كما كان متوقعاً لدى البعض، ويقول: المتابع الجيد لأسعار الأراضي البيضاء، وبخاصة التي تتوفر فيها البنى التحتية المطلوبة، من كهرباء ومياه وصرف صحي وشبكة اتصالات، ظلت متماسكة على ما هي عليه، ولم تتنازل عن أسعارها التي يحددها قانون الطلب والعرض، مضيفا أن "بعض أراضي المخططات السكنية البعيدة عن مراكز المدن، قد هبطت أسعارها بنسب متفاوتة، وهذا شيء طبيعي حدده أيضا قانون الطلب والعرض، أما الأراضي الواقعة داخل النطاقات العمرانية، حظيت بالإقبال الكبير عليها، ولم تتأثر بأي هزة سعرية، ودعم ذلك حرص العقاريين أنفسهم على تحقيق المكاسب التي يأملون فيها، طالما كانت هذه الأرباح تدور في نسبتها المعقولة، وليس فيها أي مبالغة أو استغلال، مبينا أن العميل بات يستشعر الأسعار المبالغ فيها، ويتجنبها بشكل تلقائي. محتكرو الأراضي يسيطرون ويؤكد المحلل الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة أن أزمة السكن لن تجد حلولا قريبة لها، مشيرا إلى أن هذا الحل مرتبط بتوفر الأراضي البيضاء. ويقول: هذه الأراضي ما زالت محتكرة لدى البعض، وهؤلاء لا يريدون أن يفرطوا في ممتلكاتهم دون أن يحققوا الأرباح التي يأملونها من بيعها، لذا أعتقد أن مشكلة السكن في السعودية ستظل قائمة لعدة سنوات مقبلة، وستبقى مشاريع وزارة الإسكان عبارة عن مسكنات للأزمة، وليست حلا دائما لها، مطالبا بإيجاد وسائل وآلية عمل توافقية بين الوزارة من جانب، ومحتكري الأرض من جانب آخر، لحل أزمة السكن في أقرب وقت. ويرى باعجاجة أن وزارة الإسكان تجد صعوبة في توفر الأراضي البيضاء لمشاريعها الخاصة بها، ويقول "الوزارة بعد أن غيرت استراتيجيتها، من بناء 500 ألف وحدة سكنية، باستحداث برامج الأرض والقرض، أصبحت في حاجة إلى المزيد من الأراضي البيضاء الصالحة لتوزيعها على الشباب، في الوقت نفسه ترفض الوزارة البناء على أراض غير مخدومة، وهذه النوعية من الأراضي غير متوفرة بشكل كبير، ومن هنا سعت الوزارة إلى فرض رسوم على محتكري الأراضي البيضاء، وحتى الآن لم تتوصل إلى صيغة تقنع المسؤولين، بأهمية فرض رسوم على الأراضي، وإذا حققت مبتغاها في هذا الأمر، لا أحد يعلم تأثير هذه الضرائب على مستقبل الأرض وشكل تداولها أسعارها النهائية.