الحقيل يبدأ زيارة رسمية إلى الصين الأسبوع المقبل    فوز 70 طالبا وطالبة سعوديين بجوائز "أولمبياد أذكى"    أرامكو ورونغشنج تستكشفان فرصًا جديدة في المملكة والصين    البرلمان العربي يمنح الشيخ خالد بن عبد الله آل خليفة وسام "رواد التنمية"    بايدن يدرس تقييد مبيعات السلاح لإسرائيل إذا اجتاحت رفح    تعليم الطائف ينشر ثقافة الانضباط المدرسي في طرق وميادين المحافظة    إبداعات 62 طالبًا تتنافس في "أولمبياد البحث العلمي والابتكار"غدا    قطاع صحي خميس مشيط يُنفّذ فعالية "النشاط البدني"    استكشاف أحدث تطورات علاج الشلل الرعاشي    جمعية الكشافة تُشارك في المعرض التوعوي لأسبوع البيئة    ترقية الكميت للمرتبة الحادية عشر في جامعة جازان    المكتب التنفيذي لجمعية الكشافة يعقد اجتماعه الأول الاثنين القادم    إطلاق برنامج للإرشاد السياحي البيئي في "محمية الإمام عبدالعزيز"    «الاحتياطي الفدرالي» يتجه لتغيير لهجته مع عودة التضخم    جعجع: «حزب الله» يعرّض لبنان للخطر    «الداخلية»: تنفيذ حكم القتل بجانٍ ارتكب أفعالاً تنطوي على خيانة وطنه وتبنى منهجا إرهابياً    ضبط 19050 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    مدرب توتنهام : لا ارغب في تعطيل سعي أرسنال للتتويج    القيادة تهنئ رئيس جنوب أفريقيا بذكرى يوم الحرية لبلادها    "البنك الإسلامي" يستعرض أهم الطرق إلى الازدهار وتحدي الفقر    جامعة حائل: اختبار «التحصيلي» للتخصصات النظرية شرط للقبول السنوي للعام الجامعي 1446    زلزال بقوة 6.5 درجة يهز جزر بونين باليابان    ابن البناء المراكشي.. سلطان الرياضيات وامبراطور الحساب في العصر الإسلامي    عهدية السيد تنال جائزة «نساء يصنعن التغيير» من «صوت المرأة»    فرصة مهيأة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    بينالي البندقية يزدان بوادي الفنّ السعودي    كبار العلماء: من يحج دون تصريح "آثم"    الأهلي والترجي إلى نهائي دوري أبطال أفريقيا    فريق طبي سعودي يتأهل لبرنامج "حضانة هارفرد"    "طفرة" جديدة للوقاية من "السكري"    إغلاق منشأة تسببت في حالات تسمم غذائي بالرياض    الصحة: تماثل 6 حالات للتعافي ويتم طبياً متابعة 35 حالة منومة منها 28 حالة في العناية المركزة    اختتام المرحلة الأولى من دورة المدربين النخبة الشباب    اخجلوا إن بقي خجل!    نائب أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة 2030 من إنجازات ومستهدفات خلال 8 أعوام    وفاة الأمير منصور بن بدر    منتخب اليد يتوشح ذهب الألعاب الخليجية    جيسوس يفسر اشارته وسبب رفض استبدال بونو    الاتحاد يخسر بثلاثية أمام الشباب    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    "الشؤون الإسلامية" ترصد عددًا من الاختلاسات لكهرباء ومياه بعض المساجد في جدة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    وزيرة الدفاع الإسبانية: إسبانيا ستزود أوكرانيا بصواريخ باتريوت    رؤية الأجيال    المخرج العراقي خيون: المملكة تعيش زمناً ثقافياً ناهضاً    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    توافق مصري - إسرائيلي على هدنة لمدة عام بقطاع غزة    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزور قيادة القوة البحرية بجازان    ترميم قصر الملك فيصل وتحويله إلى متحف    السعودية تحصد ميداليتين عالميتين في «أولمبياد مندليف للكيمياء 2024»    الأحوال المدنية: منح الجنسية السعودية ل4 أشخاص    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    مقال «مقري عليه» !    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حورا مع " سهيل اليماني " أسخر كتاب الإنترنت العرب
نشر في أنباؤكم يوم 21 - 07 - 2009

أسخر كتاب الإنترنت العرب: في الابتدائية كتبت عن(حذائي) فتنبّأ معلم التعبير بعباطتي
حوار/ وليد الحارثي - الاسلام اليوم
* أطرح الأسئلة وأمضي دون أن تعلق قدماي بعلامة استفهام
* أكثر ما أودّ أن يعود لي من طفولتي القدرة على الحلم و الدهشة
* حين خرجت من القرية وجدتني أحمل شمسي في جيبي وأسقيها ظلاماً كل صباح
* أنا غبيّ يسرق التلاميذ شمسه من جيبه كل يوم
* في الابتدائية كتبت عن (حذائي) فتنبّأ معلم التعبير بعباطتي
* كان يفترض أن أكون الرئيس الأعلى لهيئة كبار المثقفين، أو حتى العلماء لا فرق
* أرجو أن تلمعني بشكل جيّد!
* الكاتب السوّيد استفاد من شهرتي.. لكنه لم يشكرني!
بعد أن قرر ألاّ يكذب..
"سهيل اليماني".. هذا الاسم تعرفه (يوزراً) كاتباً في الشبكة العنكبوتية، يصنع الأحداث بنصوصه التي يكتبها، ينتقد فيها شخصاً، واقعاً، فكراً، ويترك الناس على أثرها يتجادلون، ويعتبر نفسه كائناً يتحدث عن الحياة من خارجها ولا يعيشها!!
كتبَ مقاله (أيها الوزير كل تبن)، والذي استفاد من شهرته الكاتب الصحافي المعروف (عبد العزيز السويد)، و (يوسف: أعظم رواية في التاريخ)، وهو المقال الذي أحدث ضجة واسعة على شبكة الإنترنت، واتهم فيها بسرقة أفكار سيّد قطب، وهو لم يسبق له قراءة أي من كتب سيّد قطب، وهو مبدع مقهى التجلي الذي يتجلى فيه بنصوص مميزة تتناول الحياة برؤيةٍ ساخرة، وتعبر - خلاف ما يعتقده الكاتب – عن أفكار الطبقة الكادحة.
وهو الآن في حوارنا معه شخصٌ حقيقيٌ اسمه: "عبدالله القرني" صانع شخصية "سهيل اليماني" التي لم تستطع أن تكون –واقعاً- كاتباً ساخراً في مواقع الإنترنت، وهي التهمة التي توجّه له بأنه ليس سوى كاتب إنترنت لا فائدة منه ما جعله يدافع عن ذلك، ويعترف بأنه لن يرفض أي عرض للكتابة تقدمه له أي صحيفة مطبوعة، ويرى أن الفرق بينه وبين كتّاب كتركي الدخيل وعبدالعزيز السويّد هو أنهم يتقاضون أجراً لقاء ما يكتبون وهو لا!
يعتقد أنّه لو كان كاتباً صحفياً يتقاضى أجراً فسيكون وطنياً مستفزاً، وسيقول أن أهله حين وُلد أسمعوه السلام الملكي في أذنه اليمنى وأغنية وطني الحبيب في أذنه اليسرى، ولن يستفز مشاعر جماهيره بصور من رحلته إلى تهامة، بل سيحدثهم عن الشقة التي استأجرها على ضفاف بحيرة في سويسرا، وعن السياحة في باريس!
مهمة الكاتب لديه هي خلق الأسئلة، ودفع القارئ للتفكير والتأمل، لا يراعي هموم أي طبقة لا كادحة ولا مكدوحة، ويتكلم عن همومه الخاصة.
بطاقة سهيلية
سؤال بدائي جداً: من هو سهيل اليماني؟!
سؤال بدائي لاشك في ذلك، ولكنه فرصة للتنظير، وأنا أبحث عن هكذا فرص؛ لأني أعتقد أني مفكر عظيم، مع أنه ليس شرطاً أن يكون كل ما نعتقده صحيحاً، وليست ضرورة قصوى أن نعتقد كل ماهو صحيح!
وعودة إلى السؤال فإني أقول إن سهيلاً أشياء كثيرة جداً، أشياء لا تشبه بعضها بعضاً، ولا يربطها رابط منطقي، ولا يفهمها أحد حتى سهيل نفسه!
ولكن: ما الذي تفعله؟ لا يهم ما تعتقده هنا!!
ما أظنه أن سهيل يمارس الكتابة اليومية منذ عشر سنوات منها ما يُنشر، ومنها ما لا يمكن نشره وأن كل ما كتبه لا يخرج عن سؤال كهذا: "من هو سهيل اليماني؟"، و أجزم أنه لم يعرف الإجابة، ولم يشغل نفسه بالبحث عنها. إنه يطرح الأسئلة، ويمضي دون أن تعلق قدماه بعلامة استفهام. إن خلق الأسئلة هي القلق الذي يصنع الكتابة، حين يصل الكاتب إلى مرحلة استقرار وراحة بال وطمأنينة وهدوء، ولا تحاصره الأسئلة من كل اتجاه، حين لا يجد أن كل ما حوله ليس ورقة اختبار مليئة بالأسئلة، فإنه يصبح أي شيء آخر، لكنه لن يكون كاتباً مبدعاً ولا حتى كاتباً عادياً، وأنا هنا لا أقول إن سهيلاً كاتب مبدع، ولكني أنظّر كما قلت في البداية!
وماذا عن علاقة الكاتب سهيل، بالكائن الحقيقي عبد الله القرني؟!
ما أعرفه أن عبد الله القرني هو من صنع سهيل اليماني؛ ليكون شيئاً لم يستطع أن يكونه واقعاً، لكنه تخلى عنه قبل أن ينتصف الطريق؛ لأنه لم يعد قادراً على السيطرة عليه، ولأنه اكتشف أن الواقع لا يحتمل وجود سهيل. عبد الله كائن حقيقي يذهب إلى عمله كل يوم متأخراً، ويقع في إشكالات مع رؤسائه في العمل، وتصبح أجهزة الصراف الآلي أحب المخلوقات إلى قلبه آخر كل شهر، ويماطل في دفع أجرة المنزل الذي يسكنه، ويحب عائلته وأصدقاءه ويكره بقية الخلق، ينفعل ويقول كلاماً وقحاً وبذيئاً، ويقول كلمات جميلة أحياناً، لكن سهيل ليس فيه شيء من هذا، سهيل كائن يتحدث عن الحياة من خارجها، لكن عبد الله يعيش الحياة، ولا يتحدث عنها كثيراً!
ذكريات النشأة، والطفولة
سنعود بكَ إلى الماضي العتيق، ونسألك: أين وكيف تعلمت؟ وكيف كانت نشأتك؟ هل كان سهيل كباقي الأطفال؟!
أعجبتني كثيرا عبارة: "هل كان سهيل كباقي الأطفال"!!
أعتقد أن من يقرأ السؤال سيظن أن هذا اللقاء مع (تشي جيفارا) أو (نيسلون مانديلا) في أقل الأحوال، مع أني أعتقد أنهما كانا كباقي الأطفال حين كانا طفلين!
على أية حال، في السؤال السابق كان هناك حديث عن كائنين منفصلين، سهيل لم يمر بمرحلة الطفولة ولم يتعلم شيئاً، بل إنه لم يتلق أي نوع من أنواع التربية على الإطلاق!
حدثنا عن شخصك الحقيقي يا عبد الله.. عن أبرز أحداث حياتك الطفولية؟
ليس في حياتي ما يمكن أن يكون مختلفاً عن أي طفل نشأ في قرية، كنت أعتقد حدود العالم هي أطراف تلك القرية، كنت أحلم أن أصعد ليلاً ذلك الجبل الذي يحد قريتنا من الشرق لأرى الشمس قبل أن تشرق، وما الذي تفعله في ذلك المكان الموحش البعيد طوال الليل!
كانت أحلامي صغيرة جداً وغبية، لكنها أحلام على كل حال، أكثر ما أود أن يعود لي من أيام الطفولة هو القدرة على الحلم، وعلى الدهشة. أنا حالياً بلا أحلام، ولم يعد لديّ القدرة على الدهشة، لم أعد أتفاجأ بأي شيء، في حين أذكر أني عشت أياماً مندهشاً ومتعجباً حين اكتشفت أن هناك بشراً غير أولئك الذين أعرفهم، وفاجأتني الشمس كثيراً حين عرفت أنها لا تختبئ خلف جبل ما لتستعد ليوم جديد. من أصعب الأشياء على النفس تقبل فكرة أن تغير قناعاتك، ولكني بعد فترة من الحياة خارج حدود القرية بدأت أتقبل هذه الفكرة، وقناعاتي أصبحت صالحة للاستخدام لمرة واحدة فقط. حين خرجت من القرية لأول مرة وجدت أني أحمل شمسي في جيبي، وأسقيها ظلاماً كل صباح، حتى ترتوي وتغيب، وتعود يملؤها الجوع بياضاً..، أزعم أني "مفتّح" كالشمس الجائعة تماماً بينما أنا لست إلاّ غبياً يسرق التلاميذ شمسه من جيبه كل يوم!
بعيداً عن سهيل، كيف كانت المراحل الأولى في حياتك؟ ما دور الوالدين في تلك الأيام؟
ذاكرتي ضعيفة، وهذا أحد الأسباب الوجيهة والمنطقية لاستمراري ضمن الأحياء حتى هذه اللحظة، أحب والديّ كأي إنسان سوي وأعتقد أن لهما الفضل الأكبر بعد الله في أي شيء جميل حدث لي، وأن الأشياء السيئة التي حدثت لي كانت بسبب عدم قيامي بواجبي بشكل صحيح تجاههما، وأنا من هذه الناحية محظوظ أكثر من غيري فيما يبدو؛ لأن لي أكثر من أم لهما في نفسي نفس المكانة؛ فزوجة والدي وأم إخوتي هي أمي أيضاً، وهي من أجمل الأشياء التي لها فضل كبير في حياتي بشكل عام، كل شيء جميل في حياتي أجد أن لها بصمة واضحة فيه، وحين يكون هناك حديث عن الأم تقفز في ذهني صورتان لشخصين أحمل لهما في داخلي نفس المعنى، وأحبهما بنفس الطريقة أكثر مما يمكن وصفه بكلمات حمقاء!
ألا تتذكر مواقف حفرت نفسها داخل ذاكرتك؟!
لا أعلم هل يصح أو هل يحق لي أن أتأسف؛ لأنه ليس لدي كثير من المواقف التي يمكن أن أظهر من خلالها كم عانيت في حياتي، مثل هذه الإجابات مطلوبة، ويتكلم عنها الكثير من الذين أصبحوا شيئاً مهماً في الحياة، وأنا أحاول أحياناً إقناع نفسي أنّي شيء مهم، ولكني أكف عن المحاولة؛ لأن بيني وبين نفسي ما يشبه الاتفاق ألاّ نحاول خداع بعضنا البعض، ما يعلق في ذاكرتي أني عشت حياة عادية، ومازلت إنساناً عادياً، وأعتقد أني سأرحل من هذه الدنيا وأنا كذلك، صحيح أني فقدت الكثير من الأحبة، هناك من كف عن الحياة في الوقت الذي لم أكن أتخيل الدنيا بدونهم، مات أناس في قلبي، ومتّ أنا أيضاً في قلوب كنت أسكنها، صحيح أني حزنت وتألمت وبكيت، ولكنني واثق من أن كل الناس يفعلون نفس الشيء، ومرّت عليّ لحظات سعيدة وجميلة شعرت خلالها أن الدنيا أجمل مما كنت أتوقع، ولكني أيضاً واثق أن كل الأحياء مرت عليهم ولو لحظة سعيدة واحدة على الأقل. أحاول حقيقة أن أتذكر شيئاً يجعل مني حالة استثنائية لكي تكون إجابتي مؤثرة، ولكني لا أجد أي شيء لم يحدث إلاّ لي وحدي!
الحرف يهتف باسمه
لم تخرج من بطن أمّك كاتباً ممسكاً بالقلم. فكيف بدأت الكتابة؟
معلومة صادمة ومحبطة، وأنا الذي كنت أتوقع أني خرجت من بطن أمي متأبطاً (اللاب توب)!
ولا أعلم كيف بدأت الكتابة، بل إني لست متأكداً أني بدأت حتى الآن، إن كانت الكتابة تشبه الحمى فإني أعتقد أني أعاني حالياً من أعراض بداية هذه الحمى، ولكني لم أُصب بها بعد!
في الصف الخامس الابتدائي طلب منا مدرس مادة التعبير أن نكتب عن شيء نحبه ولماذا نحبه، فكتبت في صفحتين ما يشبه المعلقة أمتدح فيها حذائي، وأنه من أكثر الأشياء التي أحبها، لأنه يتحملني ويذهب معي إلى حيث أريد، ويتحمل الأذى نيابة عن قدمي دون أن يعترض، ولا أزال أحتفظ بدفتري الذي كتبت فيه هذه المعلقة الخالدة، أذكر أن أستاذي تنبأ لي حينها أني سأكون "عبيطاً" عظيماً حين أكبر، لكنه لم يتنبأ بأي شيء يخص الكتابة.
وفي مرحلة متقدمة كان لي صديق عزيز جداً وكان تعني أنه لم يعد صديقاً، ولم يعد عزيزاً وكنت أتبادل معه الرسائل بشكل أسبوعي، كنا نتكلم عن كل شيء من خلال هذه الرسائل الورقية، ونشتم كل الناس ونسخر من كل الأشياء، كان هذا قبل أن تكون هناك منتديات، وتوقفنا عن هذه العادة بعد افتتاح الساخر بسنة تقريباً، صرت أكتب مثل تلك الرسائل على هيئة مواضيع في الساخر، وأصبح هو يشتم الناس على أرض الواقع.
يجيد سهيل الكتابة، يحترفها، ويصنع من كلماته سحراً.. كيف تعلم ذلك؟ وأين؟
أشعر بالإطراء إن قال أحدهم أني أجيد أي شيء، أحدهم عند إشارة مرور قال لي فيما معناه أني غبي بشكل مبالغ فيه، وشعرت حينها بسعادة غامرة، وقلت لمن كان معي إن هذا يدل على أني غبي متميز، غبي يجيد صنعة الغباء، ولذلك أحظى بهذا الإطراء حتى من المجهولين عند إشارات المرور. التميز ليس أمراً سهل المنال كما ترى!
أنت هنا تقول إني أجيد الكتابة، وهذا لا يختلف كثيراً عن النعت الذي وصفني به ذلك الرجل الطيب عند إشارة المرور، الكتابة كالحب، لا أحد يتعلمه ولا أحد يعلم متى يأتي، ولا كيف يتحول في لحظة ما إلى كراهية! وكوني أقول إن الكتابة مثل الحب فهذا لا يعني -كما قد يُفهم- أني أمتدح الكتابة ولكني أذم الحب!
وما الذي صنعك، صنع أسلوبك الساخر اللاذع؟
الكتابة الساخرة تشبه كثيراً البنج الموضعي، حين يبدأ الجرّاح في تقطيع جزء من جسدك وأنت تنظر إليه وتبتسم، ليس لأن المنظر يبعث على البهجة، ولكن لأنك لا تشعر بشيء تبتسم؛ لأنك ترى كل هذه البشاعة دون أن تتألم، وأنا أجد نفسي في هذا النوع من الكتابة دون أن أعلم لماذا أو كيف، هي لأشياء لا تبرير لها ولا يمكن تعلّمها فيما يبدو!
ككاتب، دعني أسألك: ما المصدر الرئيس الذي تستقي منه ثقافتك؟ ولماذا!
جميل جداً هذا السؤال؛ لأنه يفترض أني مثقف، وهذا شيء لا أنكر أنه يلامس شيئاً من أوهامي، وإمعاناً في تقمص دور المثقف فإني سأجيب وأقول: إنه ليس هناك مصادر فرعية وأخرى أصلية، كل الأشياء دون استثناء مصادر أصلية للثقافة؛ لأن الثقافة ليست شيئاً جميلاً على إطلاقها، وليست شيئاً يفترض ألاّ يأتي إلاّ من مصارد جميلة. الثقافة قد تكون وبالاً. لا يمكن أن نختزل مفهوم الثقافة في صورة شخص يقرأ كتاباً، ويتناول القهوة كل صباح، ويحفظ أسماء بعض الفلاسفة وبعض أبيات من الشعر لا يحفظها أصحابها الذين كتبوها أو قالوها!
أنا بهذا المعنى لست مثقفاً ولا علاقة لي بالثقافة، أعتقد أن كل ما لدي هو أنني أجيد التعبير عن نفسي بشكل جيد، وهذا أمر يستطيعه الكثيرون من الذين لا يندرجون تحت راية "المثقفين".
ما الذي يدعوك لهذا الاعتقاد؟!
أذكر أني قلت في مكان ما إنني التقيت كثيراً بحكماء لم يقرؤوا حرفاً واحداً، لكنهم حكماء وفلاسفة ومفكرون عظماء ولديهم فهم واسع للحياة. في نظري كان جدي -رحمه الله- أعظم فيلسوف على مرّ التاريخ، لكنه لم يسمع بسقراط ولا بأرسطو، لكنه كان أكثر حكمة منهما. تعلمت منه أشياء لا أعلم هل كنت سأجدها في الكتب أم لا، أنا لا أقرأ كثيراً، وكان من السهل أن أتحدث هنا عن قراءاتي وعن مكتبتي الضخمة، وأني قرأت كتباً في اللغة والأدب والعقيدة والفقه، وأنه كان يفترض أن أكون الرئيس الأعلى لهيئة كبار المثقفين، أو حتى العلماء لا فرق. لكني قررت ألاّ أكذب اليوم!
إذاً.. حدثنا عن الصدق في هذا؟!
لو قلنا إن الثقافة هي معرفة شيء عن كل شيء فإن الأمر الآن لا يحتاج إلى مجهود كثير، كل ما هو مطلوب أن يكون لدى الإنسان معرفة بسيطة باستخدام محرك البحث قوقل، وسيكون مثقفاً يُشار إليه بأصابع اليدين والرجلين معاً!
ما رأيك فيما كتبته الكاتبة السورية (رانيا منير)، حول شخصيتك الإنترنتية (سهيل اليماني)، يبدو أن ذلك نوع من التلميع لشخصك!
يبدو لمن؟
يبدو لكل من يقرؤها، هل كان تلميعاً بنظرك؟!
لا أعتقد أنه يبدو كذلك لكل من يقرؤها. هذا إجماع على السوء لم يحصل عليه حتى إبليس، لكن فلنفترض أن هذا الأمر كان بدافع التلميع؛ فالتلميع ليس شيئاً سيئاً دائماً، المهم ألاّ يكون بدافع النفخ لبالون فارغ؛ لأن هكذا أمر سيضر رئة النافخ، وسيتسبب في انفجار البالون، وإن كان الحديث عن سهيل وعما يكتبه سهيل يُعدّ تلميعاً فإني لا أرى كثير فرق بين ما كتبته رانيا منير وبين إجراء هذا اللقاء، بل إن هذا اللقاء فرصة أكبر وأوسع للكلام عن نفسي كثيراً، وعلى أية حال إن كان إجراء هذا اللقاء هو لتلميعي فأرجو أن تفعل ذلك بشكل متقن؛ فجلدي خشن وباهت ويحتاج مجهوداً مضاعفاً لتلميعه!
رواية "يوسف" المثيرة
دعنا نتحدث عن رؤيتك التي كتبتها، وعنونت لها ب: (يوسف: أعظم رواية في التاريخ)، وأحدثت ضجيجاً، واتهاماً، وقذفاً.. ما القصة الحقيقية والكاملة لهذا؟!
القصة الحقيقية تافهة، وأقل بكثير من أن يُعاد الحديث عنها، ولكني سأفعل وأتحدث في هذا الأمر للمرة الأخيرة، وعودتي للحديث عن هذا الموضوع ليست أول سخافة أرتكبها، ولا أعتقد انها ستكون الأخيرة.
لا مشكلة.. المهم أن نعرف حقيقة الأمر؟!
الأمر باختصار يكمن في أنه ليس لدي أي حساسية حين يتحدث أحدهم عن مقال كتبته سلباً أو إيجاباً، وحتى إن كان لدي حساسية ضد النقد فإنه ليس من حقي الاعتراض؛ فهذا حق متاح لكل أحد، وليس لمن يكتب أو يتكلم في مكان عام أن يصادر حق الآخرين في أن يبدوا استياءهم مما يقول، لكن الذي حدث في هذا الموضوع لم يكن نقداً ولا تحليلاً ولا حتى اتهاماً حقيقياً!! كان شيئاً مقززاً مليئاً بالألفاظ السوقية والمنحرفة والهجوم الشخصي، وأنا هنا لا أتكلم عن الموضوع الأساسي فقط، بل مجمل الموضوع وأغلب ما جاء فيه من تعقيبات، لم يكن لها علاقة لا بيوسف ولا بإخوته، ولا بالقرآن الكريم ولا بظلال سيد قطب، وهذا ما فهمته، ولكن للأسف بعد أن انتهت القصة، والفهم المتأخر شيء يشبه عدم الفهم على الإطلاق.
لكنك أنتَ الذي تسببت في هذا الضجيج كله بردك المنفعل!
لو كنت ذكياً بما يكفي، واستقبلت من أمري ما استدبرت لما أعرت الموضوع أي اهتمام، ولا فكرت بالرد عليه، ردي عليه وإعطاء الموضوع حجماً أكبر من حجمه الحقيقي هو سوء تصرف ما زلت أدفع ثمنه بأشياء ليس أقلها أني مضطر للإجابة عن هذه الأسئلة!!
عفواً.. لم تكتب ردك عليه إلاّ بعد وصول عدد قرائه (30) ألفاً، لكن: بعيداً عن هذا ما سبب كتابتك لهذا الموضوع؟!
سبب كتابة الموضوع الذي يتحدث عن مقالي هو وجود تعقيب كتبه أحدهم في مقالي يتكلم عن علاقة بين ما كتبت وبين كتاب في ظلال القرآن لسيد قطب، ولو أن ذلك التعقيب كان يتكلم عن علاقة بين ما كتبت وبين أي كتاب آخر يتحدث عن سورة يوسف وأسلوب القصص القرآني فيها لأي مؤلف آخر فسيكون هناك أيضاً شيء من التشابه الذي يتيح لمن يرغب أن يكتب مقالاً مشابهاً يشتمني فيه؛ فنحن نتحدث عن سورة في القرآن الكريم، كُتب عنها على مدى أربعة عشر قرناً الكثير من الكتب والرسائل والبحوث والتفاسير، لو تمت المقارنة بين مقالي وبين ماجاء في هذه الكتب فسيعثر على أشياء تتشابه وتشبع نزوة الفراشة لدى الباحثين عن الضوء!
المقال الذي كتبته.. هل كان يخصك وحدك ليلقى كل هذا الهجوم؟
لم يكن مقالي يتحدث عن هم خاصٍ ولا قصيدة أمتدح فيها عيني حبيبتي التي تلبس النظارات الطبية، ولم يكن ما كتبته رواية أغلب مشاهدها سبق أن عُرضت في أفلام هندية، ولا ترجمة رديئة لقصائد أجنبية. كان حديثاً عن نص "مشترك" تحدثت عنه كل التفاسير والكتب، كان حديثاً عن شيء تكلم فيه كل من قرأ القرآن الكريم، وتأمل تلك السورة العظيمة، ولا أعلم هل كان يفترض بما كتبته أن يصل إلى نتيجة أن امرأة العزيز كانت نبية، وأن العزيز كان صاحب محل للأحذية في مجمع تجاري في مصر الجديدة، وأن صاحبي السجن كانا مسجونين بسبب مخالفتهمنا لنظام الإقامة أو بتهمة حيازة المخدرات حتى يكون ما كتبته مختلفاً ولا يشبه أي شيء قيل عن السورة!
لم تكن مشكلتي مع من كتب الموضوع؛ فقد كانت له أهداف واضحة من كتابة المقال وسعى لتحقيقها، وليس من حقي الاعتراض على أي أحد إن هو أراد أن يعبر عن نفسه ويقدمها بطريقة سخيفة. مشكلتي الحقيقة أو مصدر استغرابي كان من كمية الهجوم غير المبرر من الكثيرين الذين لم يقرؤوا مقالي ولا كتاب قطب ولا حتى صحيفة إعلانات. مشكلتي كانت مع اولئك الذين تحدثوا عن سهيل أكثر من الموضوع نفسه بمبدأ (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ).
على أية حال فالأمر قد انتهى بالنسبة لي، وأعتقد أني تجاوزت الموضوع، وتجاوزت التجاوزات التي جاءت فيه.
وماذا عن كلام سيد قطب في تفسير هذه السورة وموافقتك له؟
حين قرأت كلام سيد قطب عن سورة يوسف شعرت ببعض الندم؛ لأني لم أقرأه قبل كتابة مقالي. كان سيكون مقالي أفضل بكثير، أفكر جدياً في إعادة كتابة المقال بعد أن اطلعت على كتاب الظلال وعلى غيره من الكتب التي تحدثت عن السورة. الأمر مغرٍ جداً ويحرض على إعادة التجربة بشكل أكثر نضوجاً، وهذه الحسنة الوحيدة من إثارة مثل هذا الموضوع؛ فقد يُجنى من الشوك عنب أحياناً!
.. ومقال "الوزير" المقال
بما أنّ الحديث عما كتبته، كتبت أيضاً مقالاً ينتقد تصريح وزير التجارة المقال بتغيير الناس لعاداتهم الغذائية حين ارتفعت الأسعار، وكنت شديداً فيما كتبت. ما توضيحك وتعليقك؟
وزير التجارة السابق خريج هارفارد في تخصص الفيزياء، ومعرفة أن لكل فعل ردّ فعل مساوياً له في المقدار ومعاكساً له في الاتجاه لا تحتاج لشهادة من هارفارد، ولذلك فإني على يقين أنه يدرك أن تصريحه الشهير الذي يطلب فيه من الناس أن يغيروا عاداتهم الغذائية لابد أن يكون له رد فعل مساو في المقدار ومعاكس في الاتجاه كما أخبروه في هارفارد .
أنا لم أطلب منه شيئاً أكثر مما طلبه هو من الناس، وهو أن يغير عاداته الغذائية، ولا أرى في ذلك أي ظلم له أو تجنٍ عليه، ثم إني لا أفهم فعلاً ما الذي يجعل من رجل قضى جل عمره في معامل البحث كعالم فيزيائي وزيراً للتجارة، وبدلاً من أن نراه يفوز بجائزة نوبل في الفيزياء أصبحنا ننتظر منه تصريحاً عن سعر الأرز والفجل والجرجير!!
لقد أسأت له في مقالك، وربما لكل الوزراء!
لست أنا ولا مقالي من أساء له. حين لا يكون الشخص في مكانه المناسب فإن قبوله بأن يكون في ذلك الموضع هي الإساءة الأقسى، وهو على كل حال ليس حالة استثنائية؛ فطبيعة تعيين المسؤولين والوزراء لدينا لا تعتمد في الغالب على معرفتهم بالشيء الذي يجيدونه والذي صرفت عليهم الدولة ليتعلموه. الشخص الوحيد الذي أشعر أنه استفاد من موهبته الحقيقية كشاعر فذّ ووظفها في منصبه الوزاري هو غازي القصيبي؛ لأنه أثبت أن الوزراء كالشعراء يقولون ما لايفعلون، وفي كل منصب وزراي يهيمون!
وماذا عن نفي الكاتب الصحافي: عبدالعزيز السويد كتابته هذا المقال، وارتباط اسمك باسمه؟
هذا أمر طبيعي وبديهي؛ لأنه ليس من كتبه، وإن كان قد استفاد منه بعض الشيء حين أصبح اسم عبد العزيز السويد في فترة ما هو الأكثر ظهوراً في نتائج البحث في قوقل، وهو كاتب جيد، ولا أجد مشكلة في أن يستفيد مني نفع الله بي؛ فقد استفاد مني مجهولون لا يُعرف لهم هوية ولا جنس. على الأقل هو شخص معروف، أنا مستاء فقط؛ لأنه لم يشكرني على ذلك، ويرفع من معنوياتي؛ لأني كاتب إنترنت ليس إلاّ!
أسلوب الكتابة اليمانية
يركز سهيل دوماً في كتاباته على مفهوم (التفكير)، وكتاباته أيضاً هي نوع من التفكير. ما صحة هذا؟ وبرأيك: هل الكتابة تفكير؟!
حسب وجهة نظري التي أحترمها بشكل مبالغ فيه أن مهمة الكاتب هي خلق الأسئلة، ودفع القارئ للتفكير والتأمل بعيداً عن أي مسلمات ونتائج متوقعه. الكاتب الذي يقدم معلومات كتلك التي توجد في كتاب العلوم مهما كانت لغته بليغة وقوية، فإنه لايفعل أي شيء أكثر مما يقوم به مدرب ببغاوات يعلمها كيف تتكلم لتقول جملاً لاتعرف ماذا تعني بالتحديد. الكتابة الأدبية تختلف عن كتابة تقرير يخرج من معمل للأبحاث!
الكتابة حالة من حالات التفكير، الكتابة هي التفكير بصوت مقروء!
ينظر لك الكثير على أنك كاتب برجوازي تتظاهر بالفقر والعدم، وتدعي مراعاة هموم وأفكار الطبقة الكادحة.. متى تنزل للناس من برجك العاجي؟
أتمنى صدقاً أن لديّ برجاً عاجياً ثم أنزل منه بين الفينة والأخرى، بل إني سأتنازل عن هذه الأمنية مقابل شقة واحدة في عمارة آيلة للسقوط!
ما أعلمه أني لا أراعي هموم وأفكار أي طبقة، لا كادحة ولا مكدوحة، أتكلم عن همومي الخاصة فقط وأفكاري المستهلكة. كون لي شركاء كثر في هذه الهموم فهذا شيء يثير إحباط مغرور مثلي.
كنت أتمنى أن تكون همومي خاصة لي وحدي لاشريك لي فيها!
يقول عنك الناقد عبدالله السفياني: إنك تكتب في منطقة انعدام الوزن بين الشعر وبين النثر. هل هذا من تأثير مابعد الحداثة عليك.. أم أنك تريد أن تكون اثنين في واحد؟
أنا لا أكتب فقط في منطقة انعدام الوزن، بل إني أعيش في هذه المنطقة، والحياة أوسع وأشمل من الكتابة، وقد قلت في إجابة سابقة إأني لست مثقفاً لكي أتحدث عن أشياء مثل الحداثة وما قبلها وما بعدها وما حواليها.
لم يخطر في ذهني يوماً أن أنحاز لتصنيف معين من الكتابة، أنا أكتب فقط. مسألة التصنيف ليست من مهامي، وحين أنتهي من الكتابة فلا يهمني ما يحدث بعد ذلك، يمكن لأي أحد أن يعتبر ما كتبته شعراً أم نثراً أم هراء لا معنى له!
أبو الأفكار..!
يُعتقد أنّك مُحارب شرس للمرأة. هل للإرهاب الذي تمارسه أم القعقاع عليك أثر في ذلك؟
أم القعقاع بالمناسبة اسم حركي، وأفكر في إبلاغ السلطات الأمنية عن تحركاتها المشبوهة مقابل مكافأة مالية مجزية تمكنني من أن أوفر لها منزلاً خاصاً بها بعد أن تخرج من السجن وتتم مناصحتها، أو لأتمكن من الزواج بأخرى إن كانت مدة إقامتها ستطول، وبالطبع سأبحث عن زوجة ليبرالية ولا مشكلة لدي إن كان اسمها الحركي أم جورج أو حتى أم نتن ياهو!
ثم إني لست عدواً ولا محارباً للمرأة. أنا فقط أتحدث عن الغباء و"التناحة" كثيراً، وهن يحسبن كل صيحة عليهن!
كما أنك اخترت لابنك اسم يوسف!! فهل أحببت يوسف النبي أم تتزلف إلى يوسف المتنبي؟
أتمنى صدقاً أن يكون لديّ القدرة على التزلف. هذه موهبة أفتقدها، ولو أني أجيدها فعلاً لتزلفت إلى من سيكون هناك نتيجة واضحة وحتمية لتزلفي إليه. يوسف المتنبي -بكل أسف- ليس لديه خيل يهديها ولا مال، وعلى أية حال فإن كنت سميت يوسف حباً في نبي الله -عليه السلام- فإن الثواب على هكذا محبة لا يأتي على هيئة شرهات وهبات، وإن كان تزلفاً ليوسف المتنبي فهذا يدل على أني فاشل بتميز في النفاق ولا أجيده؛ لأنني لم أختر الشخص المناسب لأنافقه، والفشل في إجادة أمر كهذا هو نجاح دون شك!
ثم إن اسم ابنتي هو بثينة، أرجو ألاّ يأتي من أقصى التناحة أحمق يسعى ليقول إني لم اسمها بهذا الاسم إلا تزلفاً إلى جميل بن معمر ليوافق على إضافة قصائده إلى ديوان أدب!
إذاً: لماذا يكره سهيل اليماني "لماذا"؟
الأمر لم يصل لدرجة الكراهية بعد، هو حقد في أحيان واحتقار في أحيان أخرى، مع أن للكراهية مبرراً، فوجود لماذا حرم سهيل من أشياء كثيرة، كأن يتفرغ للكتابة وتشكيل الكلمات، والتميلح والبحث عن معجبات!
أنت كاتب الإنترنت: ما الفرق بينك وبين أي كاتب صحفي، مثلاً: تركي الدخيل، وعبدالعزيز السويد؟!
الفرق أنهم يتقاضون أجراً على ما يكتبونه وأنا لا أفعل، طبعاً لا مشكلة لدي في مسألة الأجر، وأتمنى أن أكون مكانهما، وأن يكون لي أجر شهري أو حتى يومي، وسأكون وطنياً بشكل مستفز، سأقول إن أهلي حين ولدت أسمعوني في أذني اليمنى السلام الملكي وفي أذني اليسرى أغنية وطني الحبيب، ولن أكتب مقالاً عن وزير التجارة كالذي سبق أن كتبته، بل إني حين أتحدث عن وزير ما فسأخبر القرّاء أني تلقيت اتصالاً من معالي الأخ الصديق الوزير فلان تحدث معي عن مقالي الذي كتبته قبل يومين، وسأخبر الإخوة القرّاء أننا نريد من كل وزرائنا أن يكونوا بمثل شفافية الأخ الصديق معالي الوزير علّان.
لن أستفزر مشاعر جماهيري العريضة بصور من رحلتي إلى تهامة، بل سأحدثهم عن الشقة التي استأجرتها على ضفاف بحيرة في سويسرا، وعن السياحة في باريس!
لا أسخر منهم، ولكني فعلاً أتمنى أن أكون كذلك؛ لأن في ذلك فائدة لي وللناس الذين كُتب عليهم أن يعيشوا معي!
أتخيل أني لو كتبت مقابل أجر فإن كثيرين سيتهمونني بالخيانة العظمى؛ لأني أتهمت بمثل هذا في أمر أقل بكثير، لكن لا مشكلة لديّ في تقبل هكذا تهمة، أنا بالفعل أريد الحديث عن السياحة في سويسرا!
أخبرنا: ماذا تصنع حينما تفقد القدرة على الكلام، وتفقد القدرة على الكتابة؟ ومن تظنه يفعل ذلك بك؟
حين أفقد القدرة على الكلام فإني أكتب، وهذا يحدث كثيراً، وحين أفقد القدرة على الكتابة فإني أتكلم، وهذا يحدث كثيراً أيضاً!
الذي يفقدني القدرة على الكتابة هي الكتابة الجميلة، حين أقرأ نصاً جميلاً فإني أتوب عن الكتابة مؤقتاً، قبل أن أنتكس وأعود لغيي من جديد! أما الذي يفقدني القدرة على الكلام فهو المرض، ووجه أحبه كثيراً، وكلاهما لم أجد لهما لهما علاجاً مناسباً حتى الآن!
من هو صديقك؟ وما هي مواصفات صديق كاتب محترف مثلك؟!
لا علاقة للصداقة بالكتابة والاحتراف والهواية، أصدقائي هم أصدقائي حتى لو كنت لا أجيد تهجية أحرف اسمي، يكفي أني أجيد تهجية قلوبهم وهم يفعلون ذلك معي، لدي أصدقاء أحبهم أكثر مما يحبون أنفسهم، وهم أصدقائي دون كتابة وحروف، ودون أية أشياء أخرى، أعتقد أنه من السخف أن يفكر أحدهم في صداقة آخر؛ لأنه كاتب جيد، أو لأي ميزة أو موهبة قد تكون في أي أحد، مثل هذه الصداقات ليست أكثر من (برستيج) غبي يحاول أن يمارسه من يشعرون بعقدة نقص ما، حين تدخل " لأنه " في موضوع مثل الصداقة والحب فإنها تجتث المعنى الحقيقى لهما من جذوره، أحب فلان لأني أحبه، هذا هو التبرير الوحيد والمنطقي للحب، وفلان صديقي لأنه صديقي، وليس لأنه أي شيء آخر..!
يمكنني أن أختار وأتمهل وأدقق في الاختيار حين يتعلق الأمر بأعدائي. ليس لأي أحد أن يكون عدوي، ولكي يكون أحدهم عدوي ويستحق كراهيتي فإن الأمر لابد أن يخضع لتمحيص طويل وتفكير عميق، ليس من السهولة أن ينتقل أحدهم من خانة اللاشيء إلى خانة يستحق أن أستنزف تجاهة بعض مشاعر البغضاء!
الإنترنت: باسوورد الكتابة!
كيف توفق بين متطلبات العمل، والأسرة، والموقع (الساخر وأدب)، وما سر علاقتك بالماوس والكيبورد!
طبيعة عملي لها علاقة بالكمبيوتر والإنترنت واللغات التي لا يتحدثها البشر، ولذلك فإني متواجد دائماً، ووجود نافذة مفتوحة على الساخر وأدب ومطالعتها بين الفينة والأخرى أمرٌ لا يتطلب الكثير من الجهد، هذا فيما يتعلق بالتواجد الدائم والمتابعة، لكن أحياناً يكون هناك عمل يتطلب إنجازه وفق جدولة معينة وفي هذه الحالة فإن التضحية ببعض الوقت الذي يفترض أن يكون مع أسرتي أو أصدقائي ليس أمراً سيئاً بما أنه ليس عادة دائمة.
وفريق العمل الموجود في الساخر وأدب متفاهم ومتفهم في أغلب الأحيان، ويشعر المرء بالسعادة بالعمل مع مثل هذا الفريق، وكثيرون يعملون كثيراً دون أن تظهر أسماؤهم، ويعملون أكثر بكثير مما يتكلمون. صحيح أننا ننتظر موت عبد الله السفياني لكي نتحرر من بعض القيود الرجعية التي يفرضها بقاؤه حياً حتى هذه اللحظة، ولكن الصبر "باسوورد" الفرج!
الكتابة في الإنترنت كيف تنظر لها وأنت أحد رموزها؟
أنا أفضّل الكتابة نفسها، أما وسيلة النشر فلا تهم كثيراً، حتى لو كانت النشر البخاخي (أي باستخدام بخاخ للبوية للكتابة على الجدران)، أغلب -وربما كل- الصحف والمجلات والدوريات الورقية أصبح لها مواقع على الإنترنت، وتحاول تطويرها لتنافس المواقع التي ولدت في الفضاء، وتحقق بعض النجاح، لكن العكس ليس صحيحاً كثيراً؛ فأغلب المواقع الإلكترونية التي فكرت في إصدرات مطبوعة لم تحقق نجاحاً يشبه نجاحها الإلكتروني. كثير من الشعراء والأدباء أصبح لهم مواقع على الإنترنت ينشرون فيها أكثر مما ينشرون ورقياً، هذه الأشياء مؤشرات لشيء ما، لكنها مؤشرات تجعلنا نجزم بأن وسيلة نشر ما هي الأفضل مما عداها!
وتجربة موقع الساخر، وموسوعة أدب العالمية للشعر.. كيف تقرؤونها؟
الساخر وأدب موقعان إلكترونيان يسبحان في فضاء الإنترنت الواسع، ولذلك فإن التركيز منصب على النشر الإلكتروني، والهدف هو أن يكون هذا النشر بطريقة متميزة وجاذبة ومتقنة، وأعتقد أن التركيز على هذا الهدف وتحقيقه أهم من البحث عن طرق أخرى للنشر في الوقت الحالي، والعمل على تحقيق مثل هذا الهدف يستنزف الكثير من الوقت والجهد والمال، وكل الأعمال التي تتم في الموقعين أعمال تطوعية من أناس يقدمون الكثير ليكون الساخر ممكناً وليكون أدباً حقيقياً.
ولماذا أيضاً سهيل حتى الآن لم يُنشر في أي مطبوعة؟!
إن كنت تقصد النشر الدوري في الصحف وما شابهها فالسبب يعود أنه لم يطلب مني أحد فعل ذلك. لم تطلب مني أية صحيفة يومية أو حتى صحيفة حائطية أن أكتب لها ولذلك فلم أنشغل بالتفكير في شيء لم يحدث حتى هذه اللحظة مع أني كاتب عظيم ومفكر كبير كما ترى، وإن طلبت مني صحيفة أن أكتب لها فسأكتب إن كان هناك مقابل مادي مجزٍ، فأنا أصبحت في الحقيقة أني هكذا منذ عرفت نفسي كائناً مادياً جشعاً لاهمّ له إلا اليورو والدولار، وإن كنت تقصد لماذا لم أنشر كتاباً فهذا يعود لسببين أستخدم أحدهما في الإجابة عن هذا السؤال حين لا يكون من اللائق الحديث عن السبب الآخر، الأول أن التزاماتي التي تخص أسرتي أهم من التضحية بها أو ببعضها في سبيل نشر كتاب، والسبب الآخر أني أحياناً أعتقد أن الوقت غير مناسب لفعل هذا الأمر، وأن ما كتبته لا يستحق الكثير من الجهد الإضافي!
الساخر، ومشكلات السخرية!
في موقع أدبي كبير كالساخر تظهر مشكلات كثيرة من نوع: سرقة أدبية، إثارة عنصريات، آراء تخالف النسق الثقافي. ويوجد أعضاء من كل مكان كيف تتعاملون مع ذلك كله؟
هذه المشكلات طبيعية ومتوقعة، والمشاكل المتوقعة ليست مشاكل حقيقية بشكل كاف. الساخر موقع مفتوح والتسجيل فيه متاح لأي أحد، ولم يتوقع الساخر أنه لن يدخله ويسجل فيه إلاّ ملك منزل من السماء، من الطبيعي أن يدخله العاقل والمختل، والمريض الذي لا يُرجى شفاؤه، وهذا أمرٌ إيجابي أو بمعنى أدق ليس سيئاً كثيراً، لابد من وجود مثل تلك العينات؛ لأنها موجودة في الحياة الحقيقية، وهؤلاء أناس نقابلهم في الشارع وفي السوق وفي أماكن العمل، ووجودهم في الساخر يجعل الأمر أقرب للواقعية، ومع هذا فإن الساخر يحاول أن يجعل الأمر في حدوده الطبيعية، ولذلك فإنهم لا يشكلون ظاهرة. الساخر من تلقاء نفسه أصبح لديه مناعة طبيعية لمثل هذه الأمراض وبدون تدخلات إدارية في معظم الأحيان!
العجيب أنكم لا تغلقون التسجيل في الساخر للأعضاء؟
كثيراً ما يطرح هذا السؤال عن التسجيل في الساخر ولماذا لا يغلق، وأعتقد أن إغلاق التسجيل في الساخر سيجعل منه شيئاً لا يشبه الساخر ولا الهدف الذي قام من أجله أساساً. الساخر لم يكن من ضمن أهدافه أن يكون منتدى نخبوياً لا يسجل فيه إلاّ أصحاب الأقلام المذهبة والأسماء البرّاقة، والذين ينتسبون إليه عن طريق تزكية من أعضاء سابقين أو عن طريق إدارته، ثم يتحول بعد فترة إلى مجموعة من المسوخ الذين يكيلون عبارات المديح لبعضهم البعض في كل شاردة وواردة، وأحياناً تجد مثل هذه الظاهرة في الساخر حين يكون مجموعة من الأعضاء على علاقة ببعضهم البعض، يتقابلون في مقهى ليلاً ليغتابوا أعضاء الساخر، ثم يكتب أحدهم موضوعاً ويأتي بقية الشلة ليخبروه أنهم لم يقرؤوا في حياتهم شيئاً بذلك الجمال، وهلمّ دجلاً، أتخيل أن إغلاق التسجيل في الساخر سيحوله برمته إلى شيء يشبه هذا.
ماذا تريدون للساخر أن يكون؟!
فكرة الساخر الرئيسة هي أن يكون ورشة عمل لتطوير الأدوات الكتابية، كثير من الأعضاء دخلوا الساخر، وهم لايجيدون كتابة جملة مفيدة، وهم الآن كتاب مجيدون يكتبون نصوصاً طويلة وجميلة، بل إن بعضهم أصبح يتحدث عن الكتابة بتعالٍ، وكأنه هو من اخترع الحروف الأبجدية، والساخر حين نشأ كفكرة، كان الهدف الأساسي هو الكتابة والحرف نفسه، ولذلك فحين ينجح في صنع كاتب فقد تحقق هدف الساخر، بغض النظر عن جحود أو وفاء هذا الكاتب!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.