الاقتصادية - السعودية في استقبال خاص من خادم الحرمين الشريفين لرجال القضاء العام والإداري وهيئة التحقيق والادعاء العام ومختلف تشكيلات المحاكم العامة والإدارية في درجاتها العليا والاستئناف، أكد أن القضاء في المملكة سلطة مستقلة، تضمن الدولة استقلالها وحيادها وتضمن حسن أدائها ومقدرتها على التصدي لما يعرض عليها من منازعات وقضايا، سواء في الحق العام أو في الحق الخاص، كما أوضح أن مرفق العدل بشكل عام يهم الدولة من كل الجوانب، ولذا فإن مشروع تطوير وإعادة هيكلة القضاء مشروع مستمر، ويسير العمل فيه بصورة جادة ومتسارعة، وقد لمس الجميع حجم الإنجازات على أرض الواقع. إن لقاء خادم الحرمين الشريفين برجال القضاء، يأتي في إطار متابعته جميع مرافق الدولة، ومنها أجهزة السلطة القضائية التي تعمل باستقلال كامل عن أي تدخل في أعمالها، وتأكيد أن العدالة وتطبيق الشرع والنظام والإنصاف في كل قضية ليس محلا للمساومة أو للمقايضة أو للتنازل، مهما كانت طبيعة النزاع ومهما كانت أطرافه، فالعدل منهج وغاية وهدف، ليس لمرفق العدالة وحسب، بل لجميع أجهزة الدولة التي تراعي حقوق الأطراف، سواء كان في قضايا حقوقية أو جنائية، ولذا فإن الأحكام التي تصدر من القضاء يتم تنفيذها وفق آلية جديدة ونظام تنفيذ يقوم على السرعة والضمان لنفاذ الأحكام. ومرة أخرى يعود الملك سلمان خلال حديثه مع رجال القضاء أمس الأول، ليشدد على الاهتمام بالمواطنين، وتطبيق أحكام الشرع والنظام دون تهاون. لقد حقق القضاء السعودي قفزات واقعية ملموسة سواء في إنشاء محاكم متخصصة في مختلف أنواع المنازعات والخلافات، أو في التوسع في تعيين القضاة وترقيتهم وتطوير أدائهم بالتدريب، ومتابعة آخر مستجدات علم الحقوق من النواحي التنظيمية، ولذا فقد أنشأت وزارة العدل مركزا للتدريب، إضافة إلى التوسع في تصالح الخصوم، وإحالتهم إلى التحكيم متى رغبت الأطراف في ذلك، ولعل إنشاء المحاكم الجزائية وفصلها عن المحاكم العامة، ثم إنشاء محاكم الأحوال الشخصية، والبدء في فصل القضاء التجاري في محاكم مستقلة ستكون تحت مسمى المحاكم التجارية، وستضم لها الدوائر التجارية في ديوان المظالم بكامل كوادرها واختصاصها وآليات عملها، وهي قفزة ستخدم القطاع الخاص والشركات ورجال الأعمال في مختلف القطاعات. والحقيقة الثابتة أيضا أن قضاء المملكة العادل والمنصف مفخرة للمملكة التي لا تفرق قوانينها وأنظمتها بين مواطن ومقيم، وبين قوي وضعيف، فليس هناك محاكم للوجهاء، فالكل يخضع لسلطة واحدة تحميها الدولة وتعمل جاهدة على أن تكون في مستوى طموحات الدولة والمجتمع، وأن تكون سلطة قضائية مواكبة للمستجدات التنظيمية والتقنية والإدارية، وأن تتطور في جميع المجالات، وأن تواكب متغيرات الواقع، دون إخلال بالثوابت التي هي جزء من الشريعة والأنظمة المرعية في البلاد، التي تعد في قلب المنظومة التشريعية والقضائية، وتعكس خصوصية القضاء السعودي، وتميزه بتطبيق الشريعة وتحقيق مقاصدها وغاياتها التي هي من الأسس المعتبرة. وإن مرفق العدالة الجنائي ممثلا في المحاكم الجزائية ودوائرها الاستئنافية والادعاء العام يتميز بالضمانات الفعلية للمتهم في جميع مراحل الدعوى الجزائية، ومنها مرحلة التحقيق ثم مرحلة الادعاء العام، وأخيرا مرحلة المحاكم الجزائية، ويشهد الواقع أن كثيرا من الأحكام يخضع لنظام آخر هو العفو العام متى توافرت شروطه، وفي أنواع من القضايا الجنائية، بل إن منهج العفو عن الحق العام تميزت به المملكة، وهو نوع من استصلاح الجاني، فالعقاب ليس هدفا بقدر ما هو وسيلة لإصلاح الجاني ومنع غيره من الوقوع في الجريمة، في حين يبقى الحق الخاص محل حماية لصاحبه، وتضمن الدولة نفاذه، ما لم يتنازل عنه صاحبه طوعا واختيارا.