محافظ سراة عبيدة يكرم المشاركين والمشاركات ب أجاويد2    وزير الاقتصاد والتخطيط يجتمع مع وفد ألماني لمناقشة تعزيز التعاون المشترك في مختلف القطاعات    السعودية.. بلغة «نحن» !    أسوأ أداء شهري.. «بيتكوين» تهبط إلى ما دون 58 ألف دولار    اَلسِّيَاسَاتُ اَلتَّعْلِيمِيَّةُ.. إِعَادَةُ اَلنَّظَرِ وَأَهَمِّيَّةُ اَلتَّطْوِيرِ    هذا هو شكل القرش قبل 93 مليون سنة !    رئيس الوزراء الباكستاني يثمِّن علاقات بلاده مع المملكة    سعود عبدالحميد «تخصص جديد» في شباك العميد    الهلال يفرض سطوته على الاتحاد    قودين يترك «الفرسان»    حظر استخدام الحيوانات المهددة بالانقراض في التجارب    متحدث التعليم ل«عكاظ»: علّقنا الدراسة.. «الحساب» ينفي !    أشعة الشمس في بريطانيا خضراء.. ما القصة ؟    إيقاف 166 في 7 وزارات تورطوا بتهم فساد    جميل ولكن..    السعودية تتموضع على قمة مسابقات الأولمبياد العلمية ب 19 ميدالية منذ 2020    أمي السبعينية في ذكرى ميلادها    هكذا تكون التربية    ما أصبر هؤلاء    «العيسى»: بيان «كبار العلماء» يعالج سلوكيات فردية مؤسفة    زيادة لياقة القلب.. تقلل خطر الوفاة    «المظهر.. التزامات العمل.. مستقبل الأسرة والوزن» أكثر مجالات القلق    «عندي أَرَق» يا دكتور !    الشرقية تشهد انطلاق الأدوار النهائية للدوري الممتاز لكرة قدم الصالات    لاعب النصر "أليكس": النهائي صعب .. لكننا نملك لاعبين بجودة عالية    القيادة تعزي رئيس الإمارات في وفاة الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    خالد بن سلمان: «هيئة الجيومكانية» حققت الريادة    وزير التعليم في مجلس الشورى.. الأربعاء    الاقتصاد الوطني يشهد نمواً متسارعاً رغم المتغيرات العالمية    33 مليار ريال مصروفات المنافع التأمينية    استشهاد ستة فلسطينيين في غارات إسرائيلية على وسط قطاع غزة    إطلاق مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية    الهلال يواجه النصر والاتحاد يلاقي أُحد في المدينة    الإبراهيم يبحث مع المبعوث الخاص الأمريكي لشؤون الأمن الغذائي العالمي تحسين النظم الغذائية والأمن الغذائي عالميًا    الحزم يواجه الأخدود.. والفتح يلتقي الرياض.. والأهلي يستقبل ضمك    النصر يضرب موعداً مع الهلال في نهائي أغلى الكؤوس    «سلمان للإغاثة» ينتزع 797 لغماً عبر مشروع «مسام» في اليمن خلال أسبوع    وزير الصحة يلتقي المرشحة لمنصب المديرة العامة للمنظمة العالمية للصحة الحيوانيّة    اطلع على المهام الأمنية والإنسانية.. نائب أمير مكة المكرمة يزور مركز العمليات الموحد    تعزيز الصداقة البرلمانية السعودية – التركية    إنستغرام تشعل المنافسة ب «الورقة الصغيرة»    العثور على قطة في طرد ل«أمازون»    تحت رعاية الأمير عبدالعزيز بن سعود.. حرس الحدود يدشن بوابة" زاول"    الفريق اليحيى يتفقد جوازات مطار نيوم    أمير الشرقية يثمن جهود «سند»    بمناسبة حصولها على جائزة "بروجكت".. محافظ جدة يشيد ببرامج جامعة الملك عبدالعزيز    أشاد بدعم القيادة للتكافل والسلام.. أمير نجران يلتقي وفد الهلال الأحمر و"عطايا الخير"    أغلفة الكتب الخضراء الأثرية.. قاتلة    مختصون: التوازن بين الضغوط والرفاهية يجنب«الاحتراق الوظيفي»    الجوائز الثقافية.. ناصية الحلم ورافعة الإبداع    مفوض الإفتاء بالمدينة يحذر من «التعصب»    أمن الدولة: الأوطان تُسلب بخطابات الخديعة والمكر    مناقشة بدائل العقوبات السالبة للحرية    فرسان تبتهج بالحريد    التوسع في مدن التعلم ومحو الأميات    نائب أمير مكة يقف على غرفة المتابعة الأمنية لمحافظات المنطقة والمشاعر    سمو محافظ الخرج يكرم المعلمة الدليمي بمناسبة فوزها بجائزة الأمير فيصل بن بندر للتميز والإبداع في دورتها الثانية 1445ه    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة "37 بحرية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المكشوفة الكاشفة..في مفهوم الرهط
نشر في أنباؤكم يوم 08 - 05 - 2014


مكة - السعودية
1 سأعرض بداية إلى سلوك الرهط بوصفه حالة مشهودة وواقعية. وبعد مقالي السابق عن نقد خطاب تويتر واستشهادي بأحمد بن راشد بن سعيد، ومحمد بن عبداللطيف آل الشيخ، جاءت ردود فعل كاشفة تواجهت معها يوم الاثنين، أي بعد نشر مقالي بأربعة أيام، وحدث هذا حينما دخلت لتويتر بعد الفجر مباشرة في ذلك اليوم، ورأيت وسما (هاشتاق) بعنوان (الغذامي _ يقيم _ بن سعيد_ وآل الشيخ). ولا شك أن العنوان محايد وعلمي، ولكن المداخلات لم تك محايدة ولا علمية، وكانت على درجة من العنف اللفظي والمسلك الانفعالي، وسيطر عليها رهط ابن سعيد، وكان صاحب الحساب يقود الحدث عبر تدوير التغريدات وعبر استعادة تغريدات لي سابقة. وفائدة هذه التدويرات كانت واضحة بما أنها تحفز رهطه وتدفعهم للقول، وكنت مستغربا من حيادية العنوان مقابل توتر المشاركات، مع غياب رهط آل الشيخ غيابا تاما، حتى بان أنه الخاسر الوحيد هنا، وهذا دفعني للظن بأن الوسم من صناعة رهط ابن سعيد، ومر النهار كله لأكتشف في المساء من تغريدة لمحمد نجاء غلاب يذكر فيها بأن الوسم من صناعته، وذكر أنه لم يكن مع صف ابن سعيد، وهنا سنلاحظ كيف تمكن رهط ابن سعيد من غزو الوسم واحتلاله احتلالا كاملا حتى مسح أي وجود لآل الشيخ (خصمهم الأشد)، وهنا نرى كيف أن القوة العددية هي أول عناصر الرهط، وكلما نقص العدد ضعفت حيلة الرهط، وهذا ما حدث لآل الشيخ.
2 يكشف الوسم بعد احتلاله شبه التام من رهط ابن سعيد أن كل ما قلته في مقالي السابق جاء عليه شاهد حي وتفاعلي، فالرهط هنا ينطلق بحماس تعمى فيه الأبصار، ولا يرون أي وازع يمنعهم عن الشتم والاتهام والتكذيب والقدح، وهذا أسلوب افتتاحي يتصف فيه الرهط ويكررون به إنتاج النسق الذي استنه صاحب الحساب، أصلا، في سلوكه مع خصومه، حتى صار الفجور في الخصومة مبررا ومقبولا، لسبب واحد هو أن الخصم يستحق ما يجري له وعليه من رد فعل، بما أنه (كذا وكذا)، أي منظومة صفات سوف ترمى على الخصم بما أنه خصم وليس لبرهان منطقي أو قراءة نقدية أو محاجة من أي نوع، وهنا سنرى أن صاحب الحساب قد رسخ لغة وسلوكا طبع فئة (رهط) من متابعيه تصبغوا بصبغته حتى صار ذلك سلوكا ذهنيا لهم، وردة الفعل عادة تكشف عن استعداد نفسي وذهني لسلوك هذا المسلك أو ذاك، ثم التحجج بعد ذلك بأن البادئ أظلم، وهم لا يقولون بالأظلم إلا من أجل تبرير ظلمهم، ولكي يظهروا أنفسهم بوصفهم أهل حق يردون ظلما وقع عليهم أو على ثقافتهم أو على المطهر صاحبهم، ولكن ردة الفعل في حقيقتها هي كاشفة تكشف عن مخبوء وجد له سببا للانكشاف، ولا يصح تبريره برد الفعل، لأنه في حقيقته (فعل) وليس مجرد رد فعل. ولن ترى موقفا يجري فيه وصف السلوك بأنه رد فعل إلا حين الحاجة لتبرير الأخطاء والسلوكيات السلبية، وكأن المرء يدعي هنا أن صاحبه نقي ونزيه ولكن مواجهة الفاسدين تقتضي أن تكون فاسدا مثلهم. وهم طبعا لا يقولون هذا صراحة ووعيا، ولكنك ستكشفه كقراءة للغتهم دون وعي منهم أنهم يقولونه وإن لم يتلفظوا به، وهذا هو المظهر الثاني للرهط.
3 هنا نستحضر زمن الصحوة، ونختصر الزمن بمقولة كاشفة، وهي أن الهزيمة المعنوية الكبرى للصحوة هي في عماها عن النقد الذاتي، تبعا لحماسها لنفسها ولرموزها حتى لتغفر لنفسها الأخطاء وتجنح إلى تزكية الحشد وتزكية القول وتزكية النوايا، ومن ثم تبرير كل شيء، في مقابل سحق الطرف المخالف، بغض النظر عن حال المخالف ودرجة مخالفته، بل حتى لو نصحهم ولطف القول معهم، أو خالفهم في تفصيل عابر، وكان هذا هو مسلكهم، وقد تكلم عنه عدد منهم بمن فيهم الدكتور الفنيسان والدكتور الحضيف، في مداخلة لهما في برنامج حراك بإدارة عبدالعزيز قاسم، وبضيافة كريمة منه لي في ذلك البرنامج عن الصحوة (على اليوتيوب، بعنوان: الصحوة بعيون الغذامي).
وهنا في مشهدنا على تويتر سنشاهد تكرارا منسوخا نسخا تاما لتلك الأخطاء، فهذا رجل يرتكب كل القبحيات الثقافية ومعه رهط يتبعه فيها بتطابق تام، بما أنه يعيد إنتاجها، وفي الوقت ذاته يبررون لصاحبهم كل أخطائه ولا يرونها أخطاء، ويقول بعضهم إن المتبرجة لا حصانة لها، ولذا يصح رجمها لفظيا حتى بالمساس بعرضها وشرفها، وكأن القائل نفسه لا يشمله شرط الحصانة لنفسه ولسانه ومروءته «المؤمن ليس بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء»، وأخطر من ذلك ما يقدم من نموذج فاسد للناس وللثقافة والمرحلة. وأخطر الخطر هو حينما تساق هذه الأخطاء كلها تحت عنوان الدين، وفي الوقت ذاته يستهين الرهط بالخطاب الناقد، ويرون النقد ضربا من النكوص والتولي يوم الزحف، ويتهمون صاحبه بأنه مغرض وله أهداف، وكل هذا لصرف النظر عن صاحبهم (وعن أنفسهم طبعا)، للحصول على تحصين ذاتي يقنع النفس الخطاءة بأنها على صواب بما أن الطرف الآخر على خطأ، وهذه هي الآلية الثالثة للرهط، وهي أن تركز على أخطاء الخصم وتقوي القول فيها حتى تملأ بهذا ذاكرة الكلام، ومن ثم تشرع بالقصف المقدس، لأنك تقصف هدفا شريرا، وكل سلاح تستخدمه في مواجهة الشر فهو سلاح مبرر حتى لو خالفت أهم قيم العنوان الذي تشتغل من تحته، أقصد قيم الدين من حيث عصمة الأعراض، والعصمة ذات وجهين، أولهما عصمة اللسان عن الوقوع بالخطر الذي يضر بالتقوى وبالمروءة، والمؤمن «ليس بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء»، كما وصفنا الحبيب عليه الصلاة السلام. ولا شك أن هذا الحديث مر على الرهط وعلى صاحب الحساب مرارا وكل لحظة من لحظات تويتر، ولكن عقلية الرهط عمياء وصماء بالضرورة النسقية.
4 نصل أخيرا لتخصيص معنى الرهط وتمييزه عن سائر المصطلحات، فلك أن تفكر بالجمهور بما أنه مجاميع من يراك أو يسمعك، وتفكر بالأتباع بأنهم من يتميز عن الجمهور وينفرد عنهم بأنه يؤيدك في قولك أو في منهجك، وسترى في تويتر صيغة (المتابعين)، وهذه تعني كل من سجل حسابه في قائمة حسابك، وقد يكون صامتا أو معارضا أو محاورا يحب المداخلة والتفاعل بوصف ذلك حسا ثقافيا وحيويا، ثم ينفرد من بين هذه كلها مصطلح (الرهط)، وهم هنا المجموعة التي تتصبغ بصبغة صاحب الحساب لغة وذوقا لحد التماهي، فتمارس أخطاءه، وتستخدم مفرداته،ثم تنافح عنه بما أنها تنافح عن نفسها، وكل نقد له سيكون نقدا لها، وتتحسس من ذلك حتى التوتر والعنف اللفظي، ولا يحتاج صاحب الحساب أن يرد عليك ويكفيه أن يرسل تغريدة لك ليتولاها رهطه فيقول ما كان سيقوله لو نطق، وهو يعرف هذا عنهم ويعرفون ذلك عنه، مما يعني أصلا أنه مجرد لسان حالهم، وأنهم كانوا يبيتون هذه اللغة وهذا المسلك وهو فقط فتح لهم باب القول والتعبير فجاء المخبوء بقوة رجل شاع بينهم تسميته ب(البروف)، تكبيرا له وإجلالا وتقوية وتزكية لقائد الكتيبة الأوحد والأصوب والأنزه والأطهر، وهذه صفات تنطوي عليها صور البروف في نفوسهم، وهنا سترى أن ابن سعيد لا يرد بنفسه، ولكنه يترك الأمر للرهط الذين هم صانعوه في النهاية، بدليل أنهم لو تخلوا عنه لما وجد أية قوة يناضل بها، وهذا ما حدث لمحمد آل الشيخ بأن تصدى بنفسه ولم يجد ما يرد به سوى أن يتهمني في وطنيتي وعلميتي، ولم يجد رهطا يؤازره سوى واحدة تعمل عضوة في مجلس الشورى.
هذا كله إثبات لحال الرهط قوة وضعفا، وأن الرهط هو الصانع الحقيقي، ولولا رهط أي واحد منهما، قليلا أو كثيرا، ما كان خطاب أي منهما ظاهرة ثقافية تستوجب النقد والتنبيه لخطرها وعيبها الثقافي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.