الشرق - السعودية النفوس المملوءة بالحب والتسامح، والمكتنزة بالمعارف لا تتجهم في وجوه الخلق، ولا تأتيها الكآبة في مواعيد منتظمة؛ صحيح أن العبوس أصبح حالة مرضية توشك أن تحتل كامل شيوخنا ومثقفينا إلا من رحم الله، ولكن الصحيح أيضاً أنه يبقى حالة عابرة كأي احتلال بغيض يأتي ويذهب ومن ثم يبقى الأصل والمنبع الصافي؛ فهل يريد هؤلاء التعساء الثقلاء أن يوهموا البسطاء الذين لا ذنب لهم أن الرجل المميز والمتدين الحقيقي هو الأكثر عبوساً ومللاً وكآبة؟ عجباً لأمركم يا آل عبوس..!! والله ما كان آباؤنا ولا أجدادنا أهل كآبة بالرغم من شظف عيشهم وقلة مالهم وجاههم؛ بل كانوا ملوك الظُرف وأهل الابتسامات الصادقة الراقية التي لا تغيب ولا تتراجع، والسبب لأنهم أيقنوا -بخلاف بعضنا- أنهم ضيوف منكسرون على هذه الدنيا سرعان ما يرحلون دون بشوت ولا دهن عود؛ فتعاملوا معها ومع الناس كالضيف العابر الذي يحاول خلق انطباع نبيل، وترك ذكرى حسنة، وقد كان رحمهم الله.. فيا عشاق الحياة والتدين الصافي تأكدوا أن المتجهمين والمتصدين للفرح في عصركم وفي كل عصر -حتى لو كانوا مفكرين أو شعراء أو شيوخاً- يخفون دائماً عيوباً معرفية لا يصح إظهارها، ولذلك يتجهمون كي تنصرف الكائنات بسلام؛ هم ينسون أو يتناسون أن الديانات السماوية كلها جاءت كي يسعد الناس ويفرحوا ويحبوا بعضهم ويتقربوا إلى الله سبحانه وتعالى بالعدل والمحبة وتبسم الوجه، والقرآن الكريم هو خلاصة حضارات الديانات السماوية والمتمم لها، ومن يعرفه حقاً لا يتجهم أبداً، ومن يعرف سيرة رسولنا الكريم في طيبته ووداعته وخُلقه وظُرفه لا يتجهم أيضاً، وكم نحن بعيدون جداً، والله العظيم بعيدون عن القرآن الكريم وعن أخلاق محمد صلى الله عليه وسلم. ربما أن المواقف المهتزة هي التي تجعل الإنسان يهرب من المواجهة، ولذلك يتصنع الغضب والفجاجة كي يُنهي الحوار، وربما يتعالى على الآخرين كي يبدو لأتباعه المساكين رسمياً وصاحب شخصية قوية؛ لكن هذا الكائن الضعيف ينسى أن عبوسه وتقطيبه جريمة ضد سوية الإنسان، وقد يكون عبوسه -وهذا هو الأخطر- طارداً للشباب الذين يريدون الخير ويتحرون أهله وأمكنته.. الذين اخترعوا مصطلح قاصف الجبهات وأهدوه للشيخ عادل الكلباني حلالاً بلالاً؛ أرادوا أن يقولوا للبقية إن هذا ما نريده من نخبنا التي تتعالى يوماً بعد يوم، ولم يخذلهم الشيخ بل أبدع أيما إبداع، وأحرج محاوريه الثقلاء بإجابات مسكتة وظريفة تبقى آثارها على الضحية فترة من الزمن، وتأتي على شكل ارتجاج في التفكير، أو لخبطة لا يدري صاحبها هل دخل من الباب أم من النافذة؟ ولذلك أصبح الكلباني نور الله دربه مدرسة لوحدها في قصف الجبهات، وكم من متكبر متغطرس دخل معه على تويتر وعاد بجبهة مخرومة من قوة الردع؟ فما بالكم حينما يضيف إلى الإجابة المسكتة الظرف والمرح أيضاً؟! لا أجمل ولا أحلى.. لقد أصبح الذين يناكفون الشيخ عادل الكلباني على تويتر أضحوكة لأنهم دخلوا لا ليحاوروه ولكن ليتجنوا عليه، ونسوا أن الله عادل لا يظلم أحداً ولا يخفى عليه شيء من النيات المبيتة.. ميزة الشيخ عادل الكلباني أنه المقرئ الوحيد في المملكة -بحسب علمي- الذي يحقق هذا الحضور المختلف، ومن يستغرب ذلك الظُرف من مقرئ فعليه أن يتأمل سير المقرئين عبر عصور الإسلام، وأن يقرأ قبل ذلك سيرة أعظم الخلق عليه الصلاة والسلام؛ كي يتعلم روح الإسلام ورونقه العالي.. سندعو للشيخ الكلباني بالخير دائماً لأنه يُفرحنا ويضحكنا في غابة من المتجهمين والعبوسين أصلحهم الله وهداهم، ولأنه فاكهة شيوخنا في هذا الزمن العربي والإسلامي المُر..