الزطن- السعودية أفادت الأخبار الصحافية المتناقلة من يومين عن خبراء في علم الفلك بأن "المربعانية" ستزورنا غدا الأربعاء وتدخل السعودية والجزيرة العربية. ولمن لا يعرف "المربعانية" فإنها فترة يشتد فيها البرد وتستمر أربعين يوما، وخلالها تصل درجات الحرارة لمستوى منخفض جدا في معظم المناطق السعودية، وخاصة المنطقة الوسطى، فيما قد تنزل الثلوج وتصل الحرارة إلى تحت ما الصفر في المناطق الشمالية، وكثيرون يصفون برد "المربعانية" بأنه من شدته ينخر العظم ويدخل بين الأجساد رغم التدفئة بالملابس، خاصة في الليل والصباح الباكر. ومن دون شك، فكثيرون يفضلون البرد على شدة الحر في بيئة صحراوية، وهناك من يخلق جوا من الترفيه والمتعة في مثل هذه الأجواء نتيجة التأقلم مع ظروفنا الجوية المعتادة، وسنجد الكثير من المقاطع الطريفة في ال"يوتيوب"، خاصة حين تحط الثلوج على جبل اللوز في تبوك لتنقل أهل تبوك إلى الأجواء الأوروبية، ولكن ما أود قوله هنا هو محاولة رؤية الهامش قليلا في مثل هذه الظروف، فلا ننسى أن هناك من يعمل ونحنُ نيام ليلا دافئين في بيوتنا وفي الصباح المبكر، أمثال العسكريين وبعض الأطباء والممرضين وغيرهم كثير، وربما لديهم المقدرة على شراء ما يدفئهم واتخاذ ظروف تُعينهم على حمايتهم من البرد، ولكن هناك من لا يستطيع ذلك ولا يملك إلا القليل من المال في رواتب "نحيلة" كأجسادهم، لا تُسمن ولا تُغني من جوع، أمثال حُراس الأمن وعمال النظافة وعمال البناء وآخرين، وهؤلاء يجب على وزارة العمل أن تُلزم شركاتهم ومؤسساتهم بتوفير ملابس عمل شتوية تحميهم من البرد القارس، ليس هذا فقط بل أن تكيف ساعات العمل لاتقاء ساعات البرد الأولى أو ذروة البرد، هذا الأمر على وزارة العمل ألا تهمله، بل تضعه ضمن خطة رقايبة جادة، فهؤلاء في ذمتها، وحقوقهم الإنسانية قد تضيع عند ضعاف الضمائر ممن يهمهم المال لا الإنسان، ولا يمنع أن يتبرع من يستطيع منّا بملابس شتوية لهؤلاء العمال الوافدين، أو التبرع ببطانية دافئة، هذا شيء من التكافل الاجتماعي الذي يدفعنا له الإسلام، دين الرحمة والإحسان، ولنا أن نتخيل مدى الطمأنينة التي ستحل بمن يفعل ذلك حين يدفئ فقيرا قد يمرض من شدة البرد. الأمر لا يقف عند هذا الحد؛ فقد تمنيت بالأمس أن أقرأ تصريحا لوزارة التربية والتعليم تحيط مديري المدارس في المناطق التي ستشتد فيها البرودة بإلغاء الطابور الصباحي، فالبرد ذروته في ساعات الصباح الأولى وقد يضرّ الطلاب والطالبات المبكرين إلى المدارس، خاصة الصغار ممن لا يمتلكون طاقة تحمل، ثم إن هناك عددا من الطلاب والطالبات ينتمون لأسر فقيرة وهؤلاء يجب تفقد ظروفهم وإعانتهم بمعونة الشتاء، وأظن أن الوزارة لديها إدارة تهتم بهذه الفئة العزيزة علينا، فعلى وزارة التربية والتعليم أن تهتم بظروف طلابها وصحة أجسادهم حتى تصل إلى هدفها الحقيقي وهو التعليم.. أليس كذلك!