استعدادات أمانة الطائف لاستقبال عيد الأضحى    أمانة الطائف تنفذ (1500) مهمة لتهيئة مصليات العيد والجوامع    العليمي: المنحة السعودية تمكن الدولة من الوفاء بالتزاماتها الحتمية    لم يكن الأفضل !    مكة المكرمة تسجّل اليوم أحمالاً كهربائية الأعلى في تاريخها ب 5361 ميجاوات    الأخضر السعودي تحت 20 عاماً في مجموعة متوازنة بتصفيات كأس آسيا    الإتحاد يواجه إشبيلية الإسباني ودياً    إعادة النبض لحاج خمسيني بالمدينة المنورة    عسير: إحباط تهريب 23 كيلوجراماً من مادة الحشيش المخدر    جاهزية مقرات ضيوف خادم الحرمين الشريفين في المشاعر المقدسة بخدمات نوعية    جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الخرمة تقيم حفلها السنوي بمناسبة مرور 25 عامًا    خطر حقيقي من مجاعة في السودان    شركات الطيران تواجه نقصاً في وقود الطائرات في المطارات اليابانية    رئيس الأركان يتفقد قطاعات وزارة الدفاع المشاركة في الحج    زيادة حدة التوتر على الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية    تحذير الحجاج من التعرض للحرارة بالمشاعر المقدسة    بريد القراء    القيادة تعزي رئيس جمهورية ملاوي    الربيعة يستعرض جهود مركز الملك سلمان للإغاثة في غزة    وزير الصحة يزور مستشفى قوى الأمن بمكة المكرمة    وزير الحرس الوطني يقف على استعدادات القوات المشاركة بموسم الحج    الفريق البسامي يتفقد قوات أمن الحج والجهات العسكرية المساندة    جامعة الملك فيصل ضمن أفضل 100 جامعة عالمياً في التايمز للتنمية المستدامة    مجموعة السبع: اتفاق لدعم أوكرانيا بأصول روسية مجمدة    القصبي يشارك في احتفال (UNCTAD) بالذكرى ال 60 لتأسيسها    بنك البلاد يطلق مبادرة "هدية الحاج " لخدمة ضيوف الرحمن    أرامكو توقع اتفاقية مبدئية لشراء الغاز من منشأة أمريكية    إلزام 10 مستثمرين ومستثمرة بدفع 101.7 مليون ريال وسجن أحدهم    اسطول متنقل للحجاج المرضى    "الداخلية" تصدر قرارات إدارية بحق (26) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج لنقلهم (124) مخالفًا    الساطي يرأس وفد المملكة في الاجتماع التشاوري بشأن تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان    تتويج الاتحاد بدوري الدرجة الأولى لكرة قدم الصالات    المملكة ترحب بالمستثمرين الدوليين بقطاع السياحة    صحفيو مكة يشيدون بمضامين ملتقى إعلام الحج    تصعيد الحجاج المرضى من مستشفيات جدة إلى مستشفيات عرفات    «حفل بذكرى زفاف أقصر زوجين    الأرصاد: لا يستبعد تكون السحب الرعدية الممطرة المصحوبة برياح نشطة على الرياض والشرقية    الذات والآخر    «قوات أمن الحج»: تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي حفاظاً على سلامة الحجاج    مهمة سهلة للكبار في دور ال 32    كيف أُحبِطُ مَنْ حولي ؟    «المهدرجة».. الطريق إلى أزمات القلب وسكتات الدماغ    دورة تأهيلية لجامعي البيانات لموسم حج 1445ه    منتجات فريدة للإبل    ولي العهد يعزي ولي عهد الكويت في ضحايا حريق المنقف    الزميلة ولاء تنال الماجستير بتقدير ممتاز    اللواء الزهراني يحتفل بزواج إبنه الدكتور عبدالله    العقيد الطلحي يتفقد مركز(911)    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته.. وصول الطائرة السعودية ال 53 لإغاثة الشعب الفلسطيني    ولي العهد يعتذر عن المشاركة في قمة ال G7 لإرتباطه بالإشراف على أعمال الحج    سطوة ريال مدريد    25 فعالية لمركز "إثراء" في عيد الأضحى    فريق طبي ينجح في إزالة ورم من رحم مواطنة في مستشفى الولادة والأطفال بالدمام    المملكة تعزي في ضحايا حريق «المنقف» في الكويت    تجمع الشرقية الصحي يشارك في مبادرة "خدمتكم شرف "    «إش ذي الهيافة»    الرئيس الأوكراني يصل جدة وفي استقباله نائب أمير مكة    تابع سير العمل في مركز قيادة الدفاع المدني.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد مشاريع التطوير في المشاعر المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السنة والشيعة في رهان المذهب والوطن

الأديان... المذاهب الدينية... الملليات... من طبيعتها السريان والاستقطاب حول المحيط الذي تمكث فيه، وليس ذلك مخالفاً لسياقها بل هو جزء من طبيعة المعتنقات البشرية حتى وإن تكن معتنقات إجتماعية، المعتنقات الدينية دافع استقطابها أو التبشير بها التقائي هو يقينية ووثوقية المؤمنين التقليديين بها أنها الخيار الأكمل والأصلح، فضلاً عن أنها سبيل النجاة الخلودي هناك وراء لحظات الدنيا حيث الآخرة، هكذا المخيال الرسوخي عند مريدي وأتباع الأديان أنهم الأصوب والأقرب إلى المقدس وأن الآخر يعتنق الضلال ومصيره الجحيم، لكن الأديان تتجاوز في خطورتها مراحل التبشير الديني الذاتي التقليدي حينما يتقاطع معها السياسي في توزيع الدين والتبشير به ليتحول المقدس إلى ذريعة مدنسة على الدين وعلى الأوطان... لعل النموذج الأظهر في تدنيس المقدس وترويجه هي السياسة الإيرانية التي اختارت مع الثورة الخمينية تسييس الدين والاعتمار به في أجندتها الثورية التوسعية عبر شعار «تصدير الثورة» الاستعماري بالتواطؤ أحياناً مع أصدقاء الثورة الخمينية من المسلمين السنة جماعة «الإخوان المسلمين» المصرية، التي مهدت طريق الوصال للثورة الشيعية الدينية على الأراضي السنية منذ حسن البنا، باني ومؤسس جماعة الإخوان، مروراً بمرشدي الجماعة عامة الذين اتفقوا على إعطاء ثورة الملالي رخصة عبور لنشر المذهب الشيعي.
ها هي اليوم جماعة الإخوان المسلمين، العفوية سياسياً، تكتشف أنها كانت بلاءً على أمتها، ها هي تشاهد كما نشاهد كيف تغتال طموحات إيران العراق وسورية ولبنان، وكيف تمارس قصقصة الوطن العربي وتفخيخه من خلال عملائها الذين صنعتهم عبر أكثر من ثلاثة عقود، حتى أرض جماعة الإخوان التي فتحت ذراعيها لثورة الفقيه اشتملتها حمى التشييع التوسعي الاستعماري، وليست عنا ببعيد حادثة قتل الداعية الشيعي المصري حسن شحاته، الذي قتل ومجموعة من مريديه بطريقة وحشية ثأرية، (ولست في مقام الحديث عن هذه القصة وإنما هي أنموذج للورم الذي صنعته إيران في الوطن العربي عن طريق حليفها الإخواني)... هل كان الإخوان يجهلون الذهنية الثورية الإيرانية الكريهة، أم أن مصر والإسلام ينحصران في مصلحة ووجود جماعة الإخوان فحسب؟
أعود للثورة الخمينية وأجندات إيران المللية التوسعية، وكيف صنعت إيران الكراهية المتبادلة ما بين المذهبين الشيعي والسني... لقد خفت الصوت الشيعي الديني المستقل وتم احتواؤه من حكومة طهران التي استطاعت أن تتملك توجيه المذهب وتحويله إلى حصان طرواده ورأس حربة للأجندة القومية الإيرانية الفارسية المتهدمة قديماً، ولا صوت يعلو اليوم في المذهب الشيعي صوت ولي الفقيه، إذ تراجعت أصوات المراجع الشيعية الحقيقية بعيداً، وباتت غير قادرة على الاعتراض على الصوت اللاهوتي (ولي الفقيه الميتافيزيقي) ومع هذا التراجع والتوهن لعلماء ومراجع الشيعة، خصوصاً في الوطن العربي، استطاعت إيران تفكيك علاقة الشيعة العرب بأوطانهم لمرحلة أن اعتبرتهم رعايا منضوين تحت سلطنة رجال الدين المتماهين في السياسة التوسعية الإيرانية.
لم تفلح نداءات علماء الشيعة العرب في إقناع عامة العرب الشيعة بحرمة التمالؤ مع سياسة الولي الفقيه الرمادية التي تنتهج تهديم الحس الوطني لدى المواطن الشيعي العربي مع وطنه الحقيقي لمصلحة القداسة البابوية لحكومة الولي الفقيه، أصوات علماء الشيعة العرب المستقلة، من حسن فضل الله وشمس الدين إلى الأمين والطفيلي وغيرهم، لم تتوان أو تنقطع في حتمية الولاء للوطن والدين على الولاء الضيق للمذهب، لكن كانت أصواتهم لا تفعل شيئاً أمام قوة التطييف التي تنتج في مطبخ طهران الذي يتوعدهم بنار الدنيا ونار الآخرة.
نشر التشيع في الوسط السني لم يكن عقيدةً طارئةً بل كانت قديمة، ولعل الدارس للتاريخ العراقي مثلاً سيستشرف كيف كانت القبائل العربية التي تهاجر من الجزيرة العربية تتعرض لحملات التشييع المذهبي التي تنتهي أحياناً بتشيع أحياء وعشائر عربية... أنا لست هنا في مشكلة مع الخيار الديني الفرداني، تشيع إنسان أم تنصر أم تهود، فذلك خيار ديني ذاتي، وثمة من هم معنيون بحراسة أديان الناس... مشكلتي مع التعدي على التركيبة المذهبية لأجل أجندات استعمارية وأجندات تخريبية تهديمية، كما تفعل إيران من خلال تصدير المذهب الشيعي لأجل الهيمنة والتقوي داخل المجتمعات العربية السنية، ومن ثم تحويلها إلى كانتونات مفككة... كما يزعجني محاولة إيران سلخ الشيعة العرب من عروبتهم ومن محيطهم العربي المتمثل في تفكيك حسهم وولائهم الوطني والأكثر خطورة على الوعي الشيعي الحفر الذي يستهدف إقصاء الشيعة عن بعدهم الإسلامي من خلال خطاب ولاية الفقيه الذي يكرس تحويل الشيعة لأقلية دينية منعزلة في محيطيها الإسلامي كما العربي، وذلك ما حوّل الخطاب الشيعي العام نحو التدثر بالعباءة الإيرانية والتماهي وأجنداتها الإيديولوجية.
أنا لست هنا معنياً بحكاية التقارب، ذاك أن التقارب لا قيمة له، كما أنه من غير الممكن وغير المفهوم أساساً (لكم دينكم ولي دين)، ما يعنيني هو التعايش الوطني والسلم الأهلي والوئام الذي يعتمد روح المواطنة لا روح الانتماء الديني المدمر... إنني أعتبر الشيعي المتماهي مع سلطة ولي الفقيه على حساب استقرار وطنه الأم إنساناً خائناً لأمته ووطنه ولا يعني ذلك نبذي للولاء الديني فذلك خيار ذاتي متاح ومفهوم.
ما يحدث من ويلات مذهبية في وطننا العربي تتحمله ولاية الفقيه الراديكالية الشمولية، أما الذين يحملون المذهب المجرد شؤم الكراهية والاحتراب فإنني أعتبرهم مندفعين خلف أهداف صانعي الطائفية، الذين يجدون في التطييف الإمكان الكبير لتمرير أجنداتهم وأحابيلهم السياسية التي يعني الوصول، وإن على ظهر المذهب، وإن عبر تشويهه كما تفعل حكومة الملالي الرجعية.
«الحصاد»: لا يعني حديثي أنني منخرط في المزايدات المذهبية الساذجة فتلك لغة لم أعتدها بل أكفر بها، ما يقلقني تداعي بعض مثقفي المذهبين الشيعي والسني خلف الأصوات المذهبية المنكرة، وأحياناً تماهيهم مع ظلماتها، ضعف الحس الوطني الذي تتحمله نخبنا السياسية كان بوابة العبور لشيطان الطائفية إمعاناً في «إن مت ظمآناً فلا نزل القطر»، وها نحن بدأنا نجني تهتكنا الوطني... استطاعت حكومة فقهاء طهران دحرجتنا في تنور الطائفية لأنها كانت تعمل جيداً ولأننا نتفرج جيداً... ويل لنا إن كانت لا تغني عنا العبر والدروس التي تتبرع بها أكاديمية ولاية الفقيه... لست مكارثياً لكنني أحكي ما تراه العين وتسمعه الأذن، وليس بعد خطيئة حزب الله إعذار وإنذار... لست أنزه «السنية» عن النفس الطائفي المتبادل لكن الحال تستدعي الحكي عن البادئ في صناعة الكراهية راهناً (حكومة ولاية الفقيه).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.