كلنا مع الخير أينما كان. المجتمع ليس ضد "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، ببساطة لأن في الإنسان ميلا كلنا مع الخير أينما كان. المجتمع ليس ضد "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، ببساطة لأن في الإنسان ميلا ونزوعا للخير فطريا، فمنذ أن خلق الإنسان فهو في الأصل يتصف بالخير والبراءة. وكلنا مع التغيير لأجل هذا الخير للجميع، فشكراً لهذا التغيير الذي استبشر به الجميع مؤكدين أن المجتمع لم يكن يوما ضد الهيئة بقدر ما هو ضد انتهاك حريات الأفراد. وجل ما نؤمله من هذا التغيير أن يكون جذريا في صميم فلسفة الأمر والنهي التي يمارسها جهاز الهيئة، وهو أن ننعم بأمان، وألا نتطرف في هوس الرقابة التي تصل حد التلصص، فشتان بين رقيب محب ورقيب متربص. نريد حياة أكثر أمنا، وأعضاء أقل انحناء، أن نغفر ونسامح بحيث لا يظهر وسط كل الضجيج شيء مريب سوى الخير، أن يؤمن أفرادها أن الخير باق في الأمة ما بقيت وأن الأصل في الأشياء أن تسبق النوايا الحسنة كل نية للارتياب في أي كان، وأن يظل نصب أعينهم نوعان من الواجبات؛ واجبات مجتمعية تختلف من مجتمع لآخر وواجبات إنسانية مشتركة بين جميع الناس، هذه الأخيرة تستوجب خضوعا إراديا والتزاما حرا من الفرد وهو المقصود بأن الخير هو الأصل. نعم، ليس المجتمع ضد الهيئة وليعلم جهاز الهيئة بكل من فيه أن أغلب مؤيديه ومحبيه هم من النساء، لأنهن أكثر من يريد السلامة والأمان. نحتاج إلى كثير من الهدوء في شوارعنا، ومدننا، مثلما نأمل منهم النبل وحفظ الكرامة حتى في أسوأ الأحوال. الكمال الذي يسعى البعض من أفراد الهيئة إلى تحقيقه هو بمثابة مثال لا يمكن تحقيقه بمثالية قسرية، والتكامل والالتزام بالأخلاق الفاضلة ليس في أي مدنية معاصرة ومن الصعب فرضه بأي رقابة، لأنه لا يوجد إلا في "المدينة الفاضلة" التي لا يعرف لها خريطة حتى يومنا هذا، فالإنسان هو الإنسان في كل زمان ومكان، فيه الخير وفيه نزوع إلى الشر. إن الأخلاق التي تهدف إلى تقويم اعوجاج السلوك الإنساني وتنظيم الحياة الاجتماعية، ليست من مهام أفراد بذاتهم، بل هي ضمير جمعي يقوم على ذات المجتمع، وعلى فلسفته تجاه الحياة وضميره الديني. الأخلاق مطلقة وموحدة بين جميع الناس، ولكل مجتمع أخلاقه وبذلك تكون نسبية يعتمد تطبيقها على الالتزام وليس الإلزام. المجتمع مبتهج ومتفائل بتفهم التحولات العصرية التي تمر به. المجتمع ليس ضد الهيئة كما يعتقد البعض. الكل يأمل بحياة آمنة "بلدة كريمة وحياة طيبة".