يُقال إن تعدد التجارب حتى ولو كانت سلبية من شأنه أن يؤدي إلى جزالة خبرة.. والخبرة تؤدي إلى جزالة المعرفة، وبالتالي طبعاً وجود رصيد عقلي يمنع من تكرار الخطأ.. تكرار الخطر.. لكن في عالمنا العربي تبدو معظم الأمور، معظم الأحداث، معظم توالي متشابهات الأخطاء ثم المخاطر، أن الإنسان يُقاد نحو مجهوله دون أن يكون له رأي في ذلك، علماً أن كثيراً من المجتمعات ليس من الأفضل أن تنطلق منها أفكار تأثير غير موزونة، حيث إن مؤهلات الوعي متردية.. بعض مازال يؤكد للآخرين: ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا وبعض لا يعرف شيئاً عن توزع العالم السياسي ولا العلمي لكنه يعيش طواعية يسير فيها خلف مَنْ يشير له بأصابعه كي يأتي.. يأتي إلى أين؟.. لا تدري.. النتائج المطروحة بعد مجازرنا كثيرة.. وحروب أكثر تؤكد أنه لا وجود لذهنية اجتماعية عامة، لكن هناك وجود لطموحات فردية مبطنة بالمخاطر.. بعضها يستبيح كل شيء ليكون هو كل شيء.. المطلوب من الشباب العرب دون سن الأربعين ألا يكتفوا برؤية الحاضر والتعوذ بالله من مسلكية صدام حسين أو نتائح حرب 67 أو الكيفية التي تحوّل بها السودان من مجتمع مبكر الوعي والتعليم وحداثة الإعلام إلى واقع راهن يبحث عن أكثر من انفصال لعل التوزع يوفّر المعيشة والأمن.. أو حجم الدماء التي أُريقت بين أوساط ثورية يسارية في عدن قبل أن يحتويها اليمن.. كيف كان عبدالكريم قاسم مشغولاً بفتح نوافذ لطائر داهمه الليل وهو داخل وزارته حيث لا يطيق إفقاد أي كائن حريته حتى ولو كان ذلك الطير.. وكأنه لا يدري أن أتباعه يمارسون في الشوارع جرائم (السحل) لمعارضيهم بجر رقابهم في حبال حتى الموت.. هي خطورة متناهية، وستكون استمرارية مفزعة، لو أن الشباب العرب دون سن الأربعين جددوا فكر الأجداد، حيث من الأفضل أن يعودوا لتأمّل نوعية فكر أولئك الأجداد، لعله يكون في مقدورهم بناء مستقبل مرصود بعقلانية وعي وقدرات علم واقتصاد..