أمير الشرقية يستقبل رئيس مؤسسة الري    أمير الرياض يستقبل فريق عمل من الداخلية ومتنازل عن قاتل ابنه    أمير منطقة تبوك يعتمد الفائزين بجائزة سموه للمزرعة النموذجية    القيادة تهنئ الرئيس الإيطالي وولي العهد الكويتي    إقامة المؤتمر الصحفي لبطولة العالم للبلياردو "9كرات" في جدة    11 مليون مشاهدة و40 جهة شريكة لمبادرة أوزن حياتك    الشورى: مراجعة شروط الضمان الاجتماعي المطور لصالح الأيتام وبعض الأسر    الهلال الاحمر بمنطقة الباحة يشارك في التجمع الصحي لمكافحة التدخين    «التخصصي» ينجح في علاج حالة مستعصية من «الورم الأصفر»    مسبار صيني يهبط على القمر    الزعيم يتجلى في الجوهرة    خلال أسبوع.. «مسام» ينتزع 1,406 ألغام وعبوات ناسفة من الأراضي اليمنية    مجلس الوزراء الكويتي يبايع الشيخ صباح خالد الصباح ولياً للعهد ونائباً لأمير البلاد    إدانة مزور شيكات ب34 مليون ريال منسوبة لجمعية خيرية    دوريات الأمن بمكة تقبض على وافدَين روّجا سندات هدي غير نظامية    «أسبلة المؤسس» شهود عصر على إطفاء ظمأ قوافل الحجيج منذ 83 عاماً    جهاز HUAWEI MateBook X Pro يتميّز بابتكارات متطورة ومزايا عدّة تجعله الجهاز الرائد ل 2024    أمير الرياض يرعى حفل تخريج متدربي ومتدربات «التقنية» والمعاهد الصناعية الثانوية    كوريا الجنوبية تتوعد بالرد على بالونات القمامة    أوبك+ تمدد تخفيضات الإنتاج لنهاية 2025    فرضية لحالة شجار بين مرتادي مسلخ بمكة    المملكة تسجل أقل معدل للعواصف منذ 20 عاماً    إطلاق اسم بدر بن عبدالمحسن على أحد طرق الرياض    «إخفاء صدام حسين» يظهر في بجدة    المملكة تحقق أول ميدالية فضية ب"2024 APIO"    «أطلق حواسك».. في رحلة مع اللوحة    تاسي يعود للارتفاع وتراجع سهم أرامكو 2%    «طريق مكة».. تقنيات إجرائية لراحة الحجيج    إبراهيم المهيدب يعلن ترشُّحه لرئاسة النصر    وصول الطائرة ال51 لإغاثة غزة    حميّة "البحر المتوسط" تُقلِّص وفيات النساء    الصادرات السعودية توقع مذكرة تفاهم مع منصة علي بابا    فيصل بن مشعل يرعى حفل تكريم معالي رئيس جامعة القصيم السابق    سعود بن خالد يتفقد مركز استقبال ضيوف الرحمن بوادي الفرع    نجوم النهائي يكملون عقد الأخضر    أمير عسير يؤكد أهمية دور بنك التنمية الاجتماعية لدعم الاستثمار السياحي    الأهلي السعودي والأهلي المصري يودعان خالد مسعد    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 36439    د. الردادي: المملكة تضمن سلامة وأمن ضيوف الرحمن وتحدد متطلبات اللقاحات في موسم الحج 1445ه    الحزن يخيم على ثانوية السيوطي برحيل «نواف»    لأول مرة على أرض المملكة.. جدة تشهد غداً انطلاق بطولة العالم للبلياردو    التجارة تدعو لتصحيح أوضاع السجلات التجارية المنتهية تجنبا لشطبها    "فعيل"يفتي الحجاج ب 30 لغة في ميقات المدينة    الصناعة والثروة المعدنية تعلن تخصيص مجمعين لخام الرمل والحصى في بيشة    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    "الصحة العالمية " تمدد مفاوضات التوصل إلى اتفاقية بشأن الأوبئة    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    «الصهيونية المسيحية» و«الصهيونية اليهودية».. !    ارتفاع ملموس في درجات الحرارة ب3 مناطق مع استمرار فرصة تكون السحب الممطرة على الجنوب ومرتفعات مكة    غرامات وسجن وترحيل.. بدء تطبيق عقوبة «الحج بلا تصريح»    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة 15 في تاريخه    بعضها أغلق أبوابه.. وأخرى تقاوم.. تكاليف التشغيل تشل حركة الصوالين الفنية    البرامج    قصة القرن 21 بلغات العالم    توزيع 31 ألف كتيب لإرشاد الحجاج بمنفذ البطحاء    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفشخرة الخليجية
نشر في أنباؤكم يوم 09 - 08 - 2010

جميل الذيابي - الحياة اللندنية
في صيف لندن هذا العام لا موطأ قدم من كثرة السياح القادمين من أرجاء المعمورة، خصوصاً بعد منع النقاب في دول أوروبية. سياح من جنسيات مختلفة يندمجون سريعاً في فضاءات لندن الرحبة، وتذوب جنسياتهم ولهجاتهم، وتتقاطع علاقاتهم وعاداتهم ما عدا سياح من دول الخليج العربية يصرون على التمظهر والفشخرة، فتظهر ألوانهم وصفاتهم ولهجاتهم بشكل يوحي بالثراء ولا عزاء.
في لندن خليجيون فارون من الحر. هاربون من عيون ترصدهم في ديارهم، وربما تتلصص على طبيعة حياتهم. جاؤوا إلى عاصمة الضباب ليفرحوا بالحرية والبرد والمطر. جاؤوا إلى لندن كما يقال، حيث الخضرة والماء والوجه الحسن و»سبيكر كورنر».
يتحرك السياح الخليجيون في حياة لندن كيفما يشاءون. ويعبّرون عن أنفسهم كيفما يشاءون، لكن مشكلتهم تبدو واضحة للعيان في حب التمظهر المبالغ فيه، للفت الأنظار إلى لباسهم وحركاتهم وسكناتهم وطريقة عيشهم وغناهم.
تبدو مشكلة «الفشخرة الخليجية» في لندن هذا العام ذات معالم ديناميكية، فكل من يعرف تلك المدينة الهادئة جيداً وحياة أهلها وطبيعة سياحها من الأوروبيين والآسيويين يستغرب تلك التصرفات الصيفية الطارئة.
في شوارع لندن وأسواقها المكتظة بوجوه عربية «فشخرة» مفرطة حد الجنون وربما المجون، حتى انه يمكنك أن ترسم في شارع «اديجوير رود» أو «نايتس بريدج»، خريطة جديدة لدول مجلس التعاون الخليجي من جراء وجود تلك السحنات والسيارات الفارهة التي تحمل لوحات دول خليجية، ويمتطيها صبيان مترفون بالمال والطاقة.
أمام المقاهي والمطاعم في «نايتس بريدج» و»البيكاديلي»، يحجز خليجيون طاولات معدة لارتشاف القهوة أو لتناول العشاء منذ وقت مبكر، ويدفعون عليها ضريبة مضاعفة، أو ما يسمى «بخشيش مسبق الدفع»، وللعلم هذه الضريبة لا تعرفها لندن إلا في فصل الصيف مع قدوم سياح الخليج البارعين في دفع المال، وإفساد عمال المقاهي ب «البخشيش».
وعلى الضفة الأنثوية، تشاهد عباءات مزركشة وألواناً زاهية ووجوهاً نسائية تتلألأ محملة بجدران من أجود ماركات «الميك أب». وتشتم رائحة العطور الباريسية، وتشاهد لباساً ناعماً من أفخم دور الأزياء العالمية، وترى على الأكتاف وفي الأيدي حقائب نسائية فاخرة تظهر رشاقة وحسن ذوق المرأة الخليجية الهاربة من السموم والحر، للتفسح تحت الضباب وزخات المطر.
من المضحكات المبكيات قبل سنتين تقريباً، بادر مواطن قطري بشحن سيارته الرياضية الفاخرة من طراز «لامبرغيني» جواً إلى بريطانيا لتغيير زيتها ومن ثم إعادتها إلى قطر، وذلك بحسب ما أفادت به صحيفة «الصن» آنذاك. وذكرت الصحيفة أن كلفة الرحلة مع تغيير الزيت وصلت إلى نحو 23 ألف جنيه إسترليني، أي حوالى (138 ألف ريال).
الغريب في الأمر أن كل من تجلس أو تتناقش معه من الخليجيين حول ظاهرة «الفشخرة»، يرى فيها خطأ كبيراً ويتحدث عنها بامتعاض كبير ويرفضها، وهو في الوقت نفسه ربما يهوى ممارستها.
قبل فترة قصيرة لفت نظري تحقيق نشرته إحدى الصحف السعودية عن «الفشخرة» الكذابة التي تكبل بعض البسطاء بالديون. و»الفشخرة» في القاموس السعودي الشعبي هي التظاهر بمظهر «غير صادق» يقوم على المديونيات وركوب ولباس ما لا يملك الإنسان قيمته.
والفشخرة لغة تعني التباهي بما لا فائدة منه ولا ضرورة. ومن العجيب أنه على رغم انتشار معنى هذه العبارة (الفشخرة) في اللغة المولدة، فإن المعاجم الحديثة كالمعجم الوسيط مثلاً لم تتناولها، مع أنها تناولت عبارات أقل منها انتشاراً، وزعم بعض اللغويين أنها (أي الفشخرة) موجودة في معجم مختار الصحاح للرازي، وليس ذلك صحيحاً عند التحقيق.
لكن هل يعلم البعض أن هناك من أهل فلسطين القابعة أرضهم تحت الاحتلال والحصار من يتفشخر ويشخر في لندن من دون أن يتبرع لأهله في الضفة والقطاع بريال واحد؟
لا شك في أن حب الظهور والاهتمام بالمظهر شيء جميل ومهم في جوانب مختلفة من الحياة، ومطلب إنساني محبب للعين، لكن ليس بتلك الطريقة التي يمارسها خليجيون مهووسون، لكون تلك الممارسات والمبالغات عندما تزيد عن حدها تنقلب إلى ممارسة غير مقبولة ومقززة اجتماعياً.
«الفشخرة» الكاذبة يجب أن تلجم لكونها إسرافاً وتبذيراً، فمثلاً يمكن مشاهدة قمة البذخ في صالة أفراح الزواج، أو عند دعوة مسؤول أو أمير منطقة، إذ تقام له موائد طويلة وعريضة في مباهاة مذمومة، ليقال عن المضيف إنه في إكرام الضيف لم يسبقه أحد، ولن يجاريه أحد، على رغم أن بعض هؤلاء لا تتوافر لديه المادة، بل انه يستدين المبلغ للمباهاة في الكرم أمام الآخرين.
إن استمرار تلك المظاهر الكاذبة واستمراءها يتحولان إلى مشكلة كبيرة ومكلفة أسرياً، ولا يعكسان الواقع الاجتماعي والمادي الصحيح، ومع الأسف فإن انتشار هذا التمظهر الزائف من دون مبرر إلا من أجل التفاخر والمباهاة والانجراف نحو التقليد الأعمى لا يعبّر عن حقيقة المجتمعات الخليجية وطبيعة تعاطيها مع الحقيقة، لكنه ربما يخبئ في «المتفشخرين» شخصيات مركبة ومريضة نفسياً، وهذا يتطلب من المؤسسات المعنية في دول الخليج العربية زيادة جرعات الوعي والتثقيف الاجتماعي والنفسي، لإبعاد الناس عن خداع الأنفس والإسراف والاستهتار واستمراء التظاهر وادعاء الغنى، ما ينعكس سلباً على حقيقة المجتمعات الخليجية وطبيعتها، ويعطي صورة مشوهة عنها داخلياً وخارجياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.