الدعيلج: ننفذ أفضل الممارسات في صناعة الطيران المدني    أمراء المناطق يناقشون توفير أفضل البرامج والخدمات للمواطنين    «السعودية للطاقة» الأقل تكلفة لإنتاج الكهرباء من «المتجددة»    مجلس الطيران العالمي    تسعيني ينال الثانوية قبل وفاته بأيام    السعودية تستثمر في «إنتاج أبطال» سعوديين بدل «التجنيس»    تعديل في تنظيم هيئة تنفيذ اتفاقيات حظر الأسلحة الكيميائية    القتل للإرهابي «آل جوهر».. هدد الأمن الوطني    700 ألف صك صدرت عبر البورصة العقارية    منى زكي تجسّد دور «أم كلثوم».. وحفيدها يعترض !    600 متخصص و160 ورقة علمية في مؤتمر الطب المخبري    بتوجيه خالد الفيصل.. نائب أمير مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    احذر.. قد يأتيك السرطان من داخل سيارتك !    تلوث الهواء يزيد خطر الإصابة بالخرف !    أنواع من الشاي الأشهر حول العالم    الأخضر تحت 17 لرفع الأثقال يشارك في بطولة العالم بالبيرو    مجلس تراحم الباحة يعقد اجتماعه الأول لعام 2024 .    برعاية وزير الداخلية.. تخريج الدورة التأهيلية للفرد الأساسي لمجندات الدفعة السادسة في معهد التدريب النسوي    سيدات الشباب يتوجن بلقب بطولة الصالات في نسختها الثانية    نقل مباراة الهلال والطائي من ملعب المملكة أرينا إلى ملعب نادي الشباب    الرائد .. تذاكر مباراتنا أمام الأهلي متاحة الآن    عقد ضخم ينتظر حارس ليفربول والثقافة السعودية تحفز نجم ال" ميلان" للانتقال إلى روشن    الهلال يستعيد سالم قبل النهائي المرتقب    الرؤية والتحول التاريخي ( 3 – 4)    تطوير مناطق صناعية ولوجستية    لجنة شورية تناقش حقوق المستهلك    "هدف": نعمل على تمكين استدامة التوظيف لفئات المستفيدين عالية المخاطر    فرضية في طريق الهجرة استعداداً لموسم الحج    لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء.. ولي العهد يطمئن الجميع على صحة خادم الحرمين    ولي العهد‬⁩ يطمئن الجميع على صحة ⁧‫الملك سلمان    أمير المدينة يستقبل المشايخ ومديري الإدارات الحكومية المدنية والعسكرية    نائب أمير الرياض يرعى حفل التخرج بمدارس الملك فيصل    ترجمة الهوية    أنيس منصور الذي عاش في حياتنا 2-2    اطلاق برامج دعوية لخدمة ضيوف الرحمن    دبابات الاحتلال تحاصر مستشفيات شمال غزة    الدولة واهتمامها بخدمة ضيوف الرحمن    مذكرة تفاهم لتوفير مياه زمزم لحجاج الداخل    بتوجيه من أمير مكة.. الأمير سعود بن مشعل يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    السعودية.. إنجازات وطموحات رائدة نحو الفضاء    تويتر ينتقل نهائياً إلى«إكس دوت كوم»    اطلع على برامج التدريب التقني.. أمير القصيم ينوه بدور«الشورى»    هديتي تفاحة    لمرضى الروماتيزم في الحج .. مختص: تناولوا الأدوية في مواعيدها    غرور الهلاليين وتواضع الأهلاويين    تكريم الفائزين والفائزات بجائزة الشيخ محمد بن صالح    أشيعوا بهجة الأمكنة    نائب أمير المنطقة الشرقية يشهد حفل تخريج طلاب كليات الأصالة    ماذا بعد وفاة الرئيس الإيراني ؟    أمير الرياض يستقبل ابن عياف وسفير كازاخستان    إصدار 700 ألف صك عبر البورصة العقارية    «الذكاء الاصطناعي» الأوروبي.. إنفاذ القانون والتوظيف    IF يتصدر شباك التذاكر    الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 28 يونيو    نائب وزير الخارجية يقدم واجب العزاء والمواساة في وفاة رئيس إيران    السعودية تحقق أكبر تحسن إقليمي في قطاع السياحة منذ 2019    أمير القصيم يستقبل ووفداً من أعضاء مجلس الشورى ونائب المحافظ لخدمات المساندة بالتدريب التقني    كفاءات سعودية تتحدث الإندونيسية بجاكرتا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافتنا بين ابن سينا وابن عبدالمطلب

يطرح المتحاورون على الأريكة الباردة من استوديو القناة الفضائية ما أوهموا أنفسهم به أنه السؤال الضخم: من أي جامعة تخرج، عمر الفاروق عبدالمطلب، الانتحاري على طائرة ديترويت الأمريكية؟ هل هو خريج أكسفورد أم جامعة لندن البريطانية؟ هل حصوله على الشهادة الجامعية من جامعة غربية، ثم تحولاته نحو الإرهاب دليل براءة أن المنهج والجامعة التي طالما حاصرنا بها مناهجنا ونظم تعليمنا وجامعاتنا لم تكن سبباً في بذرة التشدد والتطرف؟ كل هذه الأسئلة تأتي من خارج السبورة، ومن خارج غلاف الحقيقة. الجامعة الحقيقية هي (الثقافة) المريضة التي سمَّمت آلاف العقول حتى بات سجناء الخلايا الإرهابية في خريطة العالم الإسلامي يفوقون أعداد طلاب أكبر جامعة على هذه الخريطة. البحث عن تأثير جامعة لندن أو الإكوادور في تحويل هذا الفتى الثري إلى مشروع قاتل هو البحث في السفسطة وإذا كان الورم قد استفحل في الرأس فلماذا يظن الخبراء الأطباء أن العلة بدأت من طول الأظافر.
تعالوا نحاكم من الأصل ثقافة الردة والنكوص. تقول الأدبيات التي لست هنا في صدد البحث عن صدقها من عدمه إن طاولة التعليم ظلت تبحث لسنوات خلت عن البدائل المناسبة لأسماء عشرات المدارس التي كانت تكتسي لوحاتها أسماء الرازي وابن الهيثم وابن حيان وابن رشد وابن عربي لأن هذه الثقافة وهي تحاكم تلك الأسماء التي ذابت عظامها في القبور بتقادم الزمن ظلت تنبش في الإطار الفكري لهذه الرموز التاريخية. ذاك زنديق وذلك إرجائي وذاك معطل وذلك فيلسوف وجودي. أمة، أو بالأصح ثقافة، تحاكم هذه الرموز التي ماتت على الأقل قبل ألف عام وكأن هذه الرموز مازالت تنشر أفكارها على حوار مباشر في قناة فضائية. تحاكمهم وهم الذين ماتوا منذ ألف عام وكأنهم مازالوا يكتبون مذكراتهم أو ينشرون مقالاتهم في صحيفة هذا النهار المطبوعة. ثقافة تحاكم كل رمز لم يختر لاسمه إلا (ابن أبيه) المعلن الصريح، فلا عجب أن يتمخض هذا النكوص عن الأسماء المستعارة في إرهاب اليوم من شاكلة أبودجانة وأبوحفص وبقية طابور مجالس الآباء. ثقافة تظن أن الحق مع المختبئين في الكهوف والشاردين إلى مغارات الجبال على حساب الرموز التي وضعت البذرة الأولى من أساسات الحضارة الإنسانية المعاصرة. هي ثقافة الارتداد والنكوص التي أصبحت فيها المقاربة والمقارنة ما بين ابن سينا وبين أيمن الظواهري مجرد اقتران عبثي عدمي. وإذا كانت أجيال الحاضر والمستقبل تتعلم اليوم أن دخولها لمدرسة تحمل اسم ابن سينا مجرد إقرار بالزندقة فاسألوا ذات الجيل عن آلاف المروجين لمجالس الآباء الإرهابية من الأسماء المستعارة وفي المختصر، فإن فترة العقود الأخيرة الثلاثة وحدها كانت إشارة ظلام في الإشارة إلى الرموز وقصص النجاح، وفي تضليل جيل كامل عن القدوة وعن الأنموذج. ففي ذات الفترة التي كانت فيه قبائل الوسط الآسيوي في مثلث أفغانستان تبني أنموذج العبث والكهوف والخلايا وكتائب الأحزمة الناسفة، كان أنموذج البناء والاستخلاف والحضارة الإسلامية في ماليزيا يشق طريقه بكل صخب. لكنه تضليل الأنموذج لأن ملايين الطلاب في جامعات العالم الإسلامي ومدارسه كانوا بالبرهان يتطلعون إلى أنموذج الملا محمد عمر في مقابل التغييب القسري المتعمد لأنموذج مجاهد البناء، تنكو عبدالرحمن، ذلك العملاق الذي بنى لشعبه أول نمر حقيقي في خريطة لم تعرف من قبله حدائق النمور. أنموذج التضليل في المثال والقدوة هو الذي أجبر الملايين من شبابنا على لي الأعناق على مدن كابل وقندهار وجلال أباد على حساب التغييب القسري لكوالالمبور وبوترا جايا وبينانج وبقية تلك القصة الآسيوية الإسلامية المدهشة.
والخلاصة أن المدرسة التي أنزلت اسم – ابن سينا – من اللوحة على المدخل ومن فوق الباب، هي ذات المدرسة التي أخرجت عمر الفاروق عبدالمطلب، خلسة إلى طائرة مسافرة باختراعه المذهل أن يمزج في منتصف السماء محلولين متناقضين كي يفجر بهما طائرة. المدرسة التي تظن أن مكتشف دورتها الدموية ليس إلا زنديقاً هي المدرسة التي ترى في حامل الحزام الناسف قمة الأنموذج للثقافة التي بخلت أن تطلق على الخوارزمي اسم شارع أو جامعة أو حتى روضة أطفال، وهي الثقافة التي تعتقد أن البطولة الخارقة ليست إلا شريط سحاب – بالتهديد بالقتل والوعيد بالدمار. الثقافة التي تفصل طلابها عن رموز المدرسة وإرثها القديم وتراثها البنائي العملاق لن تخرج من أسوارها إلا هذه الأسماء المستعارة، وحسبك من ثقافة صار فيها الاسم المستعار هو الرمز وهو البطل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.