يوم الاثنين الماضي أعلن دونالد غراهام الرئيس والمدير التنفيذي لشركة البوست بيع صحيفة آل غراهام «الواشنطن بوست» التي تأسست في عام 1877م ويملكها آل غراهام منذ عام 1945م . صحيفة الواشنطن بوست من الصحف الامريكية الرزينة واوسعها انتشاراً وأقواها مصداقيةً فلقد كشفت فضيحة التجسس المسماة « بووترجيت « التي أدت الى تنحي الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون عن الحكم ويعتبرها البعض معبرة عن الرأي الامريكي الرسمي كونها قريبة من موقع اتخاذ القرار ولان محرريها على صلات قوية بأعضاء مجلس الشيوخ والنواب الامريكي. اما الشاري فهو امبراطور البيع بالتجزئة مالك شركة امازون العبقري في مجال التسويق جفري بيزوس . كذلك تم السبت الماضي الاعلان عن بيع مجلة «نيوزويك»- التي لم تعد ورقيّة - لمجموعة إعلامية إلكترونيّة، ومن قبل بيع مجلة النيوزويك قامت شركة نيويورك تايمز ببيع صحيفة بوسطن جلوب لمالك نادي كرة القدم الامريكية « ريد سوكس « السيد جون دبليو هنري وقبل بيع بوسطن جلوب تم ايضاً بيع صحيفة عندما تقرأ اي صحيفة فأنت تبحث عن شيئين اولهما : المعلومة والثاني: الخبر وكلا الشيئين يمكن الحصول عليه بكل يسر وسهولة عن طريق الصحيفة الالكترونية أو من مصادر موثوقة في مواقع التواصل الاجتماعي الالكترونية ويضيف قائلا : إن صحفنا ستبقى الى ما شاء الله مادامت تحقق ارباحاً فيلادلفيا انكواير وهذه الصفقات تأتي ضمن 60 صفقة بيع لصحف ورقية تصدر في الولاياتالمتحدةالامريكية!! ماذا جرى ماذا حدث ؟؟ كريغ هوبر من هوبر وشركاه للأبحاث يقول « لو تم بيع الواشنطون بوست قبل 10 سنوات لكان سعر البيع هو 2 بليون دولار بدلا من سعر البيع الحالي 250 مليون دولار» وهذا يمثل الضغط الرهيب الذي تتعرض له الصحف الورقية من الصحف الالكترونية وتعكس مدى تأثير التغير في صناعة الاخبار خلال فترة قصيرة حيث وضع هذا التحول الرقمي الاعلان المطبوع في وضع لا يحسد عليه. الكاتب في صحيفة النهار البيروتية جهاد الزين كتب مقالا رائعا عن هذه الصفقة قال فيه « هل هو الافتراس الكامل من العصر الجديد للعصر القديم ليس فقط بمعنى تغيير قواعد المهنة الصحافية بل أيضا بمعنى أخطر هو تغيير الرأسمال نفسه؟ منذ حوالي ثلاثة عقود، بل أقلّ، لم يكن هذا النوع من الثروات موجوداً في الأساس. «أمازون» لم تكن موجودة لكن هذا الرأسمال الجديد ليس رأسمال أغنياء حروب وفساد وسمسرة، أي ليس رأسمالا بلا أخلاقٍ ولا روادعَ ينتزع الصحيفة من رُوّاد أفرادٍ أسّسوها. بل هو رأسمالُ مبدعين ومتعلّمين من النخبة الأكثر ألمعية علمية في العالم، مالكين وعاملين. هذا يعني أن الصحافة لا تقع في أيدي اصحاب مصالح فاسدة وإنما في أيدي قوى جديدة جاءت أصلا من التفوّق العلمي والاقتصاد الجديد الذي غيّر العالم» . اما ناشر صحيفة نيويورك تايمز ورئيس مجلس إدارتها آرثر سولزبيرجر فلقد أكد في بيان للعاملين أن النيويورك تايمز ليست للبيع وان الجميع أصابتهم الدهشة عند سماعهم لخبر بيع أسرة جراهام يوم الاثنين لجريدة الواشنطن بوست وعند اتصاله بدون جراهام، المالك السابق للجريدة، شدد على رغبته في أن يضع هو و عائلته الجريدة في أيدي من يؤمنون بأنه سوف يقوم بمساعدتها على النمو والازدهار والمنافسة في السوق العالمية والرقمية. لكن بعد هذا الطرح وقد رأينا ما يحدث في امريكا فهل سيحدث هذا في غيرها؟؟ جمعتني الصدفة في مناسبة اجتماعية بالكاتب الرائع الاستاذ عبد العزيز اليوسف وهو من المتخصصين القلائل في الاعلام الجديد وكان يكتب في صحيفة الجزيرة وصحيفة الرياض وحاليا له مقال أسبوعي في جريدة اليوم ولقد تجاذبنا اطراف الحديث عن واقعنا الاعلامي وتحدثنا عن صفقة بيع الواشنطون بوست ، لكن دعونا نستمع لما يقول المتخصص في الاعلام الجديد. يقول الاستاذ عبدالعزيز اليوسف : « نحن نعيش حاليا مرحلة تحول في الاعلام المقروء فالجيل القادم اصبح جيلاً رقمياً وما جرى لغيرنا سيجري علينا فعندما تقرأ اي صحيفة فأنت تبحث عن شيئين اولهما : المعلومة والثاني: الخبر وكلا الشيئين يمكن الحصول عليه بكل يسر وسهولة عن طريق الصحيفة الالكترونية أو من مصادر موثوقة في مواقع التواصل الاجتماعي الالكترونية ويضيف قائلا : إن صحفنا ستبقى الى ما شاء الله مادامت تحقق ارباحاً ، فبالرغم من تراجع التوزيع الا ان الارباح تتزايد مما يعني ان المُعلن مازال يثق في الاعلان المطبوع وليس الاعلان الالكتروني « . إذاً في نظري المسألة مسألة وقت وينسحب البساط من تحت ارجل المؤسسات الصحفية المطبوعة لصالح الالكترونية وهذا ما نلمسه ونراه من حولنا فعندما ننظر الى النشأ الجديد من ابنائنا واقاربنا لا نجدهم يقرأون الصحف الورقية وهي في متناولهم وتجدهم متشبثين بأجهزتهم الرقمية يأخذون الخبر والمعلومة اولا بأول بل اصبحنا نسألهم ما هو الخبر الذي جعلك تبتسم و بعد قليل نسألهم ماذا حدث عندما نراهم مقطبي الجبين. twitter:@IssamAlkhursany