المسبار الصيني «تشانغي-6» يهبط على سطح القمر بعد شهر على إطلاقه    عدا مدارس مكة والمدينة.. اختبارات نهاية الفصل الثالث اليوم    أمير تبوك يهنئ نادي الهلال بمناسبة تحقيق كأس خادم الحرمين الشريفين    جامعة بيشة تحتفل بتخريج الدفعة العاشرة من طلابها    توجيه الدمام ينفذ ورشة تدريبية في الإسعافات الأولية    غرامات وسجن وترحيل.. بدء تطبيق عقوبة «الحج بلا تصريح»    «الشؤون الإسلامية» بالمدينة تفعّل خدمة «فعيل» للاتصال المرئي للإفتاء بجامع الميقات    المملكة تستضيف بطولة العالم للراليات 2025    فيصل بن فرحان يؤكد لبلينكن دعم المملكة وقف إطلاق النار في غزة    الهلال.. ثلاثية تاريخية في موسم استثنائي    مقاطع ريلز التجريبية أحدث ميزات «إنستغرام»    لهو الحيتان يهدد السفن في المحيط الأطلسي أرجعت دراسة ل "اللجنة الدولية لصيد الحيتان"، سبب    «الصهيونية المسيحية» و«الصهيونية اليهودية».. !    سفاح النساء «المتسلسل» في التجمع !    «تراث معماري»    تكريم «السعودي الأول» بجائزة «الممارسات البيئية والحوكمة»    تعاون صناعي وتعديني مع هولندا    تعزيز العلاقات الاقتصادية مع ايطاليا    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة 15 في تاريخه    آرسنال يقطع الطريق على أندية روشن    الإسباني" هييرو" مديراً رياضياً للنصر    الاتحاد يتوّج بكأس المملكة لكرة الطائرة الشاطئية    حجاج الأردن وفلسطين يشيدون بالخدمات المقدمة بمنفذ حالة عمار    روبوتات تلعب كرة القدم!    الدفاع المدني يواصل الإشراف الوقائي في المسجد النبوي    إحباط تهريب 6,5 ملايين حبة كبتاغون في إرسالية "إطارات كبيرة"    «المدينة المنورة» صديقة للتوحد    فرنسا تستعد لاحتفالات إنزال النورماندي    بعضها أغلق أبوابه.. وأخرى تقاوم.. تكاليف التشغيل تشل حركة الصوالين الفنية    اطلاق النسخة الثالثة من برنامج "أيام الفيلم الوثائقي"    البرامج    قصة القرن 21 بلغات العالم    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    قيصرية الكتاب: قلب الرياض ينبض بالثقافة    التصميم وتجربة المستخدم    "أسبلة المؤسس" شهود عصر على إطفاء ظمأ قوافل الحجيج منذ 83 عاماً    توزيع 31 ألف كتيب لإرشاد الحجاج بمنفذ البطحاء    فرز وترميز أمتعة الحجاج في مطارات بلدانهم.. الإنسانية السعودية في الحج.. ضيوف الرحمن في طمأنينة ويسر    تركيا: تكاثر ضحايا هجمات الكلاب الشاردة    إصدار 99 مليون وصفة طبية إلكترونية    ورشة عن سلامة المختبرات الطبية في الحج    الليزر لحماية المجوهرات من التزييف    توصيات شوريَّة للإعلان عن مجالات بحوث تعزيز الصحة النفسية    شرطة الرياض تقبض على مقيمَين لترويجهما «الشبو»    النفط يستقر قبيل الاجتماع ويسجل خسارةً أسبوعيةً    بلد آمن ورب كريم    ثروتنا الحيوانية والنباتية    ضبط (5) مقيمين بالرياض إثر مشاجرة جماعية في مكان عام لخلاف بينهم    ترحيل 13 ألف مخالف و37 ألفاً تحت "الإجراءات"    شراكة بين المملكة و"علي بابا" لتسويق التمور    متنزه جدر بالباحة.. قبلة عشاق الطبيعة والسياحة    بَدْء المرحلة الثانية لتوثيق عقود التشغيل والصيانة إلكترونياً    مشروع الطاقة الشمسية في المركز الميداني التوعوي بالأبواء    جامعة الطائف ترتقي 300 مرتبة بتصنيف RUR    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    ثانوية ابن باز بعرعر تحتفي بتخريج أول دفعة مسارات الثانوية العامة    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر الإسلامي المغربي الدكتور محمد طلابي ل : الإسلام لم يدمر دولة كانت قائمة ولم يفكك وطنًا ولا مزق أمة أو شعباً
نشر في اليوم يوم 15 - 06 - 2013

أكد المفكر الإسلامى الدكتورمحمد طلابي عضو حركة التوحيد والإصلاح وعضو المكتب التنفيذي للمنتدى العالمي للوسطية ورئيس المنتدى المغربي للوسطية قائلا : في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد هجرته إلى المدينة المنورة تشكلت النواة الصلبة للسلطة المركزية بحيث كان النبي صلى الله عليه وسلم رسولا ورئيس دولة. وفي عهده صلى الله عليه وسلم تشكلت النواة الصلبة للوطن وهي المدينة وما يحيط بها وتشكلت النواة الصلبة للأمة وهي سكان المدينة وما يحيط بها وكان اللسان العربي المبين هو اللسان الرسمي.ثم قامت الخلافة الراشدة وسارت على نهج العهد النبوي.
مشيرا : للربيع الديمقراطي مقاصد أربعة هي: إنتاج السلطة وإعادة توزيعها وإنتاج الثروة وإعادة توزيعها وإنتاج القيم القائدة وإعادة توزيعها وإنتاج المفاهيم الفكرية القائدة وإعادة توزيعها ومن المفاهيم الفكرية القائدة المطلوب إنتاجها مفهوم الدولة لعصر الربيع الديمقراطي.مبينا أن الحديث الجاد والهام بالنسبة لبلداننا الإسلامية يجب أن ينصب حول الديمقراطية وليس عن العلمانية لأن هذه الأخيرة جربت في بلداننا فأعطتنا استبدادا وفقرا لا غير. لكن بناء المؤسسات الديمقراطية يبقى أمرا مطلوبا لأنه الطريق الديمقراطي لممارسة السلطة سلميا. وفى إطار هذا الموضوع وطرح العديد من الأسئلة مع الدكتورمحمد طلابي عضو حركة التوحيد والإصلاح وعضو المكتب التنفيذي للمنتدى العالمي للوسطية ورئيس المنتدى المغربي للوسطية ل(اليوم) وفيما يلى نص الحوار:
 ما أهمية الربيع العربي ودوره في تعزيز مكانة الإسلاميين في المشهد السياسي ؟
 إن من مزاياه جعل الخطوط الإسلامية الأشد راديكالية سابقا أكثر اعتدالا اليوم بحيث إن الذين كانوا فيما مضى يُكفرّون الديمقراطية والانتخابات والبرلمان والمنظمات النسائية وما إلى ذلك صاروا عقب الربيع الديمقراطي على استعداد للمشاركة في كل هذه الصيغ وهذا أمر محمود يعتبر من حسنات هذا الأخير ملوحا بما مفاده أن ثمة بوادر تؤشر بتشكّل أحزاب سياسية لاحقا من قبل السلفيين التقليديين ستنخرط في البناء الديمقراطي تظهر في المغرب ومصر.وطرح الرؤى الإسلامية في ظل الأحداث الراهنة ببلدان الربيع العربي وموقف الحركات الإسلامية من المعارضة السياسية والفكرية بالإضافة إلى طرح رؤية انتقال الإسلاميين من فكر الدعوة إلى مفهوم الدولة والهدف الرئيسي هو ترسيخ مفاهيم الوسطية الإسلامية كطريق للممارسة السياسية العملية بين أبناء الأمة، وتقرير قدرة الأمة للقيام بدورها الحضاري في ظل تصدر التيارات العلمانية للمشهد الإعلامي.
أمر مطلوب
هناك آراء تقول إن الديمقراطية هي ثمرة للعلمانية فكيف يتم استيراد الديمقراطية دون العلمانية؟
 إن الحديث الجاد والهام بالنسبة لبلداننا الإسلامية يجب أن ينصب حول الديمقراطية وليس عن العلمانية لأن هذه الأخيرة جربت في بلداننا فأعطتنا استبدادا وفقرا لا غير. لكن بناء المؤسسات الديمقراطية يبقى أمرا مطلوبا لأنه الطريق الديمقراطي لممارسة السلطة سلميا وبعد بناء المؤسسات تتبارى كل التيارات بالأسلوب المدني السلمي من أجل تنفيذ برامجها السياسية. وسواء كانت بمرجعية علمانية مثل الاشتراكية أو الليبرالية أو بمرجعية إسلامية. وهذا هو لب وجوهر الديمقراطية. وما يلاحظ من رفض للتيارات والبرامج ذات المرجعية الدينية هو في حقيقة الأمر طعن في الديمقراطية. وطعن في جوهر الليبرالية السياسية.وما أخافه حقيقة هو أن علمانيينا لم يعودوا اشتراكيين ولا ليبراليين ولا إسلاميين. وهذا ما يمثل خطرا على التدافع الجاد والمثمر بين المكونات السياسية داخل العالم العربي.
عصر الربيع
 مفهوم السلطة لدى الحركات السياسية؟
  للربيع الديمقراطي مقاصد أربعة هي: إنتاج السلطة وإعادة توزيعها وإنتاج الثروة وإعادة توزيعها وإنتاج القيم القائدة وإعادة توزيعها وإنتاج المفاهيم الفكرية القائدة وإعادة توزيعها ومن المفاهيم الفكرية القائدة المطلوب إنتاجها مفهوم الدولة لعصر الربيع الديمقراطي.وتاريخ البشرية أعطى أربعة أشكال للدولة حسب الأيديولوجية الحاكمة: دولة دينية ودولة علمانية ودولة مدنية خالصة ودولة إسلامية. وعرف كل دولة كالتالي : في الدولة الدينية تبعية السياسة للقداسة ، في الدولة العلمانية فصل الدين عن السياسة وفي الدولة المدنية الخالصة تحرير السياسة من القداسة وفي الدولة الإسلامية التركيب العضوي بين السياسة و القداسة كما اعتبر القول بالدولة الدينية أو العلمانية خطأ قاتلا لنهضة شعوبنا العربية والإسلامية.
واعتبر الدولة العلمانية دولة مدنية بمرجعية لا دينية وجوباً و الدولة الإسلامية دولة مدنية بمرجعية إسلامية وجوباً والدولة المدنية الخالصة دولة مدنية بمرجعية دينية أو لا دينية اختياراً أي باختيار الشعب والأخذ بالدولة المدنية الخالصة ليختار الشعب المرجعية التي يريد.
العدل والرحمة
 ماذا تقول عن التباين حول مفهوم العلمانية في البيئة الغربية والبيئة الإسلامية؟
  تجريبها في البلاد الإسلامية لمدة قرنين من الزمن لم يجلب على الأمة إلا استبدادا وفقرا وأن استيراد العلمانية من الغرب كان خطأ قاتلا على أمتنا. لأنها أجهزت على ما تبقى من العمران الإسلامي ولذا فالتخلي عنها سيكون مدخلا للنهضة في العالم الإسلامي.والواجب على علمانيينا دراسة التاريخ الإسلامي الذي حقق العدل والرحمة للبشرية بعد أن أنتجت العلمانية حروبا طاحنة أودت بحياة أكثر من 100 مليون ضحية خلال القرن العشرين.
وأن الغرب نفسه سيكون مدعوا لمراجعة العلمانية في بلاده الأصلية مع تنامي الصحوة الدينية وعلى ضرورة تبني الديمقراطية باعتبارها نتيجة للفكر الليبرالي وليس العلمانية كآلية إستراتيجية للتداول السلمي دون القبول ببعدها الفلسفي لأنها حل للمعضلات السياسية بالعالم الإسلامي.
هكذا أسس الدين الإسلامي بعكس الدين المسيحي سلطة مركزية قوية اصطلح على تسميتها ب (الخلافة الإسلامية) وأسس وطنا عابرا للأقاليم اصطلح على تسميته ب(دار الإسلام) وأمة عابرة للشعوب اصطلح على تسميتها ب (الأمة الإسلامية)

شكل سلمى
 ماذا يتعين على طبقة النخبة والصفوة بالأقطار العربية التي أزهر فيها الربيع الديمقراطى؟
 أن تواكب سيرورة الثورة حتى إحقاق مقاصدها الكبرى المتمثلة أساسا في أربعة أهداف وهي (إنتاج السلطة وإعادة توزيعها وإنتاج الثروة وإعادة توزيعها وإنتاج القيّم والمفاهيم الفكرية) . واستثمارها من خلال إشاعة وترسيخ قيّم كونية جديدة ليس آخرها مثلا أن التغيير بات في المتناول إذا ما تمّ تبني الخيار السلمي كالذي أتيح للمصريين والتونسيين والذين خاضوا ثورتهم بشكل سلمي في الجوهر وان بدت في ظاهرها عنيفة حادة وقتالية.
مخالف قطعا
 تعليقك على نظرية المؤامرة التي تحاول أوساط وجهات عدة تطارحها للإقناع بتخطيط الغرب وضلوعه في إشعال شرارة الثورة وسط شوارع الحواضر العربية؟
 إن مثل هذا الكلام مستفز للغاية بالنسبة للأمة العربية أجمع لأنه ينطوي على ما يفيد تحقيرها وكأنها أمة لقيطة تاريخيا بلا إرادة ولا عراقة ولا رصيد حضاري فقط يتحكم فيها الغرب ب(التيليكوموند) عن بعد.وهذا مخالف قطعا للخاصيات التي أودعها الله في خلقه.
أمة مسلمة
 وهل يمكن فعلا بلورة علمانية تؤكد استقلالية المؤسسات بدل استقلالية التصورات والمرجعية؟
**فصل المؤسسة الدينية عن المؤسسة المدنية أمر غير وارد وغير مقبول في البنية الإسلامية والدعوة إلى هذا الفصل جربت. وكل الحكومات في العالم الإسلامي مضمونها علماني ومع ذلك لم تتحقق النهضة بهذه العلمانية. والحل اليوم أن يتم الاحتكام إلى صوت الأمة وهي أمة مسلمة مع تطبيق مبدأ( لا إكراه في الدين). فإن هي تبنت منهجا علمانيا فليكن وإن هي اختارت العودة إلى دينها من أجل النهضة.. فعلى العلماني احترام إرادتها - وليس كل علماني ديمقراطي وما يظهر من عدم احترام هذه الإرادة هو نتاج لعلمانية استئصالية معارضة لروح الليبرالية التي انطلقت منها.
وأريد أن أذكر العلمانيين بضرورة دراسة التاريخ الغربي والإسلامي جيدا. وإن حصل ذلك فسيتأكد لهم أن العلمانية في البيئة الغربية أصيلة باعتبارها ردة فعل على المسيحية المظلمة وهي في البيئة الإسلامية لقيطة.كما أن تجربة الدين الإسلامي تتعارض تماما مع تجربة الدين المسيحي فالإسلام بنى العمران ولم يخربه وبالتالي فنشدان الحداثة في البيئة الإسلامية هو القطع مع العلمانية والوصل مع الديمقراطية.ولو تأمل علمانيونا تجربة الإسلام لوجدوا أن الإسلام بنى الدولة العابرة للقوميات من حدود الصين إلى حدود الأندلس وبنى الوطن والسوق الاقتصادية الحرة من حدود الصين إلى حدود الأندلس وبنى السلطة المركزية وهي الخلافة الإسلامية ولم يكن هناك جواز سفر أو تأشيرة مرور ما بين أقاليم العالم الإسلامى. إذ نجد مثلا أن ابن بطوطة الرحالة المغربي الكبير زار العالم الإسلامي طيلة 28 سنة ولم يطلب منه أحد تأشيرة مرور أو جواز سفر وهو يجول البلاد الإسلامية حتى عندما تعددت الخلافات السياسية كانت موحدة بدستور واحد وهو الحكم وفق الشريعة الإسلامية .
الرشد السياسى
 هل الديمقراطية تتعارض مع مبدأ الشورى؟
 الديمقراطية هي آلية إستراتيجية للتداول السلمي على السلطة وهي لا تتعارض مع الشورى إلا في البعد الفلسفي وهذا البعد ليس إشكالا ما دمنا قبلنا بها كمسلمين لحل المعضلات السياسية في بلادنا والقبول بهذه الآلية في الوقت الحاضر أعتبره من قبيل الرشد السياسي.
باب السياسة
 نجد كثيرا من المسلمين ينتقدون العلمانية ولكن أدبياتها تطبق في حياتهم وتحكم سلوكهم وتصوراتهم بوجه من الوجوه؟
 هذا صحيح فكثير من المسلمين تجدهم ملتزمين بشعائر الدين الإسلامي لكن المشكلة عندهم هو اعتبار ذلك كله من الدين. وعندما تنصحه بالعمل والمشاركة في إدارة الشأن العام للأمة يرفض ذلك قائلا إن ذلك يدخل في باب السياسة وكأن العمل السياسي ليس من الدين الإسلامي وهذه علمانية مستترة تسربت لنا من ثقافة الحداثة ومن عقيدة المسيحية التي تفصل بين ما لقيصر وما لله. وعلينا تنبيه المسلمين العاميين وغير العاميين إلى خطورة هذا السلوك العلماني على الدعوة الإسلامية. وعلى إعداد الأسباب المادية للتمكين للمشروع الإسلامي فالإسلام بدون شأن دنيوي هو نصف الدين وقوة الإسلام في اهتمامه بالشأنين معا: الديني والدنيوي.
وقد نجد أيضا بعض تأثيرات الحداثة والعلمانية في سلوك النخبة أو الصفوة في الحركة الإسلامية فتجدهم يمارسون الميكافيلية (بدون وعي منهم) . حيث تجد البعض يستعمل كل الوسائل من أجل الوصول إلى الهدف وهذا يتنافي تماما مع العقل السياسي الإسلامي. فالمبدأ المنظم للعقل السياسي العلماني أن الغاية تبرر الوسيلة وأن السياسة لا تخضع للأخلاق والمنظر الكبير لهذه الفكرة هو (ميكافيلي). ولكن عندنا الواجب في الممارسة السياسية الإسلامية أن تخضع السياسة لأخلاق الإسلام وأن تكون الغاية والوسيلة نبيلتين.
أقل تقدير
 من خلال تجربتكم السابقة من مناضل يساري اشتراكي إلى مفكر إسلامي ما هي أسباب فشل التجربة العلمانية في قيادة مسيرة تحرير الأمة؟
 جل العلمانيين في بلاد الإسلام يتغنون بالحداثة والعلمانية ويعتبرونهما الخط الأوحد للارتقاء الحضاري للأمة العربية والإسلامية وفي تقديري الخاص أن جلهم لا يدرك المضمون التاريخي للحداثة كما تنزلت في البيئة الغربية منذ القرن الثامن عشر على أقل تقدير وهذا الجهل بمضمونها الحقيقي ابتلي به كبار مفكري العلمانية في بلاد المسلمين حتى وإن التهموا مئات المؤلفات حول الموضوع.فالعلمانية في الغرب أصيلة لأن تجربة المسيحية في أوروبا دفعت الحداثيين إلى تبني العلمانية فالكنيسة عندما تحالفت مع الإقطاع الغربي منذ القرن الخامس الميلادي إلى الثامن عشر أي إلى الثورة الفرنسية ساهمت في تدمير ما يسمى بأدوات الإنتاج الحضاري الكبرى التي هي الدولة والأمة والوطن واللسان.وهذه الأدوات التي أنتجتها البشرية عبر تاريخها الطويل هي أدوات ضرورية لأي ارتقاء حضاري ولأية أمة كانت .وكان حصيلة تحالف أهل السيف من الفرسان وأهل القلم من الرهبان سقوط الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي وميلاد النظام الإقطاعي في أوروبا خلال العصر الوسيط.ومن أهم خصائص هذا النظام الجديد تقطيع أرض الوطن الواحد ما بين الأسياد في شكل إقطاعيات حيث منع مرور المال والرجال والأفكار إلا بأمر من السيد وهو ما أدى إلى تقطيع الشعب الواحد إلى عشرات المجموعات السكانية التي تستوطن تلك الأقاليم وتم تدمير السلطة المركزية مع سقوط الدولة الرومانية وتدمير اللسان اللاتيني لتحل محله اللهجات مثل الفرنسية والألمانية وغيرها قبل أن تتحول إلى لسان وطني مع عصر الحداثة.وكانت النتيجة المرعبة أيضا لتفكك السلطة المركزية وتفكك الوطن الواحد وتفكك الأمة أو الشعب الواحد وتفكك اللسان هو توقف الإنتاج الحضاري في أوروبا خلال العصر الوسيط الأوروبي وعاشت أوروبا فعلا عصر ظلمات حيث اعتبرت الكنيسة العلم والعقل معاديين للدين و(أفتت) بكفر من يؤمن بهما فشحت منابع العلم وتوقف نشاط العقل البشري.وبعدها جاءت الحداثة لتلغي كل الأفكار والأنظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي أدت إلى هذا الهبوط الحضاري المرعب للغرب وعلى رأس هذه الأنظمة الفاسدة كان النظام الكنسي المسيحي والنظام الإقطاعي.ولذا كان هدف الثورة العلمانية من هذا الإلغاء هو إعادة بناء أدوات الإنتاج الحضاري العملاقة وهي: الدولة والأمة والوطن واللسان عن طريق ما سمي بالقوميات في القرن الثامن عشر والتاسع عشر مثل القومية الفرنسية والإيطالية والاتحاد الألماني إلى غير ذلك. فالكنيسة في معتقدها وتجربتها التاريخية بأوروبا ألغت الشأن الدنيوي ولم تهتم بالدولة أو بالعلم وبالعمران المادي وفي معتقداتها الدينية - تزعم زورا - أن عيسى عليه السلام قال: (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله) لتقول: إن جوهر المسيحية علماني.فجاءت الحداثة واهتمت بالشأن الدنيوي وفرطت في الشأن الديني وهو ما نتج عنه مسمى العلمانية فالعلمانية في الغرب لها أصول وهي جاءت كرد فعل تاريخي ضد فعل تاريخي قامت به الكنيسة والاقطاع.
النواة الصلبة
هل اهتم الإسلام بالشأن الديني وفرط في الشأن الدنيوي؟ وهل تسببت تجربة الإسلام في تفكيك أدوات الإنتاج الحضاري الكبرى في البلاد التي انتشر فيها؟
  إن وقائع التاريخ الإسلامي تؤكد أن استنساخ العلمانية الغربية في البلاد الإسلامية هو مجرد طرح فكري وسياسي في غاية المراهقة الفكرية والسياسية لأن الإسلام لم يدمر دولة كانت قائمة ولم يفكك وطنا ولا مزق أمة أو شعبا ولا دمر لسانا للإنتاج كان قائما بل العكس هو الصحيح فمع مجيء الإسلام وفي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد هجرته إلى المدينة المنورة تشكلت النواة الصلبة للسلطة المركزية بحيث كان النبي صلى الله عليه وسلم رسولا ورئيس دولة.وفي عهده صلى الله عليه وسلم تشكلت النواة الصلبة للوطن وهي المدينة وما يحيط بها وتشكلت النواة الصلبة للأمة وهي سكان المدينة وما يحيط بها وكان اللسان العربي المبين هو اللسان الرسمي.ثم قامت الخلافة الراشدة وسارت على نهج العهد النبوي وتبعتها الخلافة التابعة سواء الأموية أو العباسية أو العثمانية وإن بشكل أخف.
وهكذا أسس الدين الإسلامي بعكس الدين المسيحي سلطة مركزية قوية اصطلح على تسميتها ب (الخلافة الإسلامية) وأسس وطنا عابرا للأقاليم اصطلح على تسميته ب (دار الإسلام) وأمة عابرة للشعوب اصطلح على تسميتها ب (الأمة الإسلامية).
بمعنى آخر فإن الإسلام بنى ما جاءت العلمانية لتبنيه في العصر الحديث ألا وهو إعادة بناء أدوات الإنتاج الحضاري الأربعة وإعادة الاعتبار للشأن الدنيوي بالمحافظة على العمران والعلم والعقل وكل هذا من صميم الإسلام عقيدة وشريعة وتجربة تاريخية ولهذا شواهد عقلية ونقلية حيث نجد الإسلام يكرم العقل ويعتبر العلم فريضة بدل تكفير المؤمن به كما بنى حضارة وعمرانا ماديا وروحيا مشهودا له في التاريخ.ولذا كان العصر الوسيط الإسلامي عصر نور بامتياز وليس عصر ظلمات أبدا ولا يمكن نعته ب (الظلامية) إلا من حاقد أو جاهل أو مغرر به ثقافيا. كما هو شأن علمانيينا بل إن الإسلام بنى حتى عصر ما بعد الحداثة والذي من علاماته البارزة بناء التكتلات الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي وغيره وعودة المجتمعات إلى الدين لتحقيق الأشواق الروحية بعد الجوع المروع الذي ساد عصر الحضارة المادية الحديثة.ودار الإسلام في العصر الوسيط الإسلامي هي الاتحاد الأوروبي اليوم بمعنى آخر وهي وطن عابر للأقاليم وأمة عابرة للشعوب بسلطة مركزية عابرة للكيانات السياسية الإقليمية وهو ما يبنيه الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال في عصر ما بعد الحداثة.ولو كان العلمانيون العرب ماديين جدليين لقالوا إن الحداثة في بلاد المسلمين اليوم هي الوصل مع الماضي الإسلامي المنير والقطع مع حاضرنا العلماني المتخلف وهي في بلاد الغرب المسيحي تعني فعلا القطع مع الماضي المسيحي المظلم.
دين عدل
يرى دعاة العلمانية أن العلمانية ليست ثمرة تقطف وإنما هي بذرة ترعى وهي الأسلوب الكفيل بتحقيق التقدم وتجنب الاقتتال الطائفي ؟
 القائلون بهذا الرأي لا يعرفون تاريخ الإسلام وهو التاريخ الذي عرف أزهى فترات التعايش بين الطوائف من أهل الكتاب ومن غير أهل الكتاب ولم يشتك اليهود ولا النصارى أن الإسلام ضيع حقوقهم المدنية والشخصية بل نجد أن الإسلام حمى أهل الكتاب واليهود بالضبط.والقول بأن العلمانية ضرورية لحماية الطوائف يؤكد مرة أخرى جهل بعض علمانيينا بتاريخ الإسلام القائم على عقيدة (لا إكراه في الدين) فعند الفتح الإسلامي لم يفرض الفاتحون الدين بالسيف بل فرضوا على شعوب البلاد التي دخلوها فاتحين ضرائب لحماية حقوقهم مثل: الخراج والجزية وتركوهم على دينهم وعندما اقتنعت هذه الشعوب بالإسلام اعتنقت الدين الإسلامي لأنها رأت أنه دين عدل ورحمة وهل العلمانية أكثر رحمة من الإسلام؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.