الأخطاء الطبية أصبحت سلوكا روتينيا في المؤسسات العلاجية لدينا، وذلك يضاعف التداعيات السلبية للخطأ ويجعل الأرواح تتقارب مع الموت لدى كل زيارة الى طبيب عام أو اختصاصي، وأصبحنا نتعامل اجتماعيا مع حالات كارثية يمكن أن تصبح نموذجا قياسيا في طريقة ارتكاب الأخطاء سواء تمت بسبب قصور أو عدم كفاءة أو إهمال، وفي كل الأحوال تضخم طبي سلبي يضرب موعدا مع دور ووظيفة وزارة الصحة التي تتراكم الأخطاء أمامها فيما لا يوجد لديها العلاج الناجع الذي يفصل الوزارة ومؤسساتها عن سياميتها غير الصحية مع أخطاء الكوادر الطبية، فإحصائيات قضايا الأخطاء الطبية المعروضة على الهيئات الصحية الشرعية في المملكة خلال ثلاث السنوات الماضية تكشف أنها بلغت 5105 قضايا، صدر قرار في 2139 قضية، من بينها 1239 قرارا متعلقا بوفيات الأخطاء الطبية، صدر قرار إدانة في 415 منها. استمرت حالة أبرار على هذا الوضع لمدة سبعة أيام، وفي كل زيارة للطبيب كان يكتفي بصرف العلاج دون إخبارهم بتشخيص الحالة، وبذلك لم تلبث أن تعرضت لتشنجات وتحوّل لون وجهها للزرقة، وعند وصولها للمستشفى أودعت العناية المركزة لمدة 16 يوما، إلا أن حالتها الصحية لم تتحسن بل ازدادت سوءا.. ولم يوجد بين الطاقم الطبي ما يشفي غليل الأسرة بجواب شاف عن حالتهاولعل هذه الإحصائيات لا تشمل قضايا الإهمال التي تؤسس لأخطاء يجهل مصدرها لاحقا، وفي هذا الإطار أعرض قصة إنسانية لطفلة تتوجع يوميا بسبب ذلك الإهمال، وهي قصة أبرار البريئة التي أصيبت بارتفاع في درجة الحرارة توجه بها والدها إثرها لمستشفى الولادة والأطفال بنجران وأعطيت علاجا لا يتعدى مفعوله الساعتين، ولم يتم تنويمها بل اكتفوا بتشخيص الطوارئ الذي لا يعلم والدها ما هي نتائجه ولم يجد من يجيبه أو يخبره عن حالة ابنته. استمرت حالة أبرار على هذا الوضع لمدة سبعة أيام، وفي كل زيارة للطبيب كان يكتفي بصرف العلاج دون إخبارهم بتشخيص الحالة، وبذلك لم تلبث أن تعرضت لتشنجات وتحوّل لون وجهها للزرقة، وعند وصولها للمستشفى أودعت العناية المركزة لمدة 16 يوما، إلا أن حالتها الصحية لم تتحسن بل ازدادت سوءا.. ولم يوجد بين الطاقم الطبي ما يشفي غليل الأسرة بجواب شاف عن حالتها. وبعد أن تردت حالتها تم نقلها بطائرة الإخلاء الطبي إلى مستشفى مدينة الملك عبدالعزيز بجدة، وأودعت العناية المركزة وأعطيت مخدرا بنسبة عالية لا يعطى لمن هم في سنها فبدل أن يكون نسبة المخدر 5, رفعت إلى 10، وذلك زاد من تردي حالتها وأسهم في تدهور صحتها، واستمر هذا الحال لمدة 52 يوما.. الشعور باليأس سيطر على الأسرة مع العجز الطبي، فكان أن تمت إعادتها الى نجران وهي في أسوأ أحوالها الصحية بسبب إهمال طبي، وعقب خمسة أشهر حصل والدها على موافقة من مستشفى الشميسي بالرياض لاستقبالها ولضيق ذات اليد لم يستطع الذهاب جوا، وتكبد عناء السفر برا، وتم تنويمها وكشف له الأطباء أن العلاج الذي كان يعطى لها في جدة ما هو إلا منوم فقط وبعد أسبوع تمت السيطرة على التشنجات، وكان الطبيب المشرف على حالتها حريصا على أن تبقى مدة أطول ليراقب حالتها الصحية وبعد انقضاء 22 يوما منحت خروجا من المستشفى، وموعد مراجعة بعد 6 أسابيع. وبعد ذلك ظهر وجه آخر للمعاناة مع وصف الطبيب علاجا لها يسهم في وقف التشنجات عبارة عن 13 علبة ولم يكن متوافر وقتها إلا علبة واحدة فقط، وأكدوا لوالد الصغيرة أن العلاج سيتوافر غدا وأتى الغد ولم يأت العلاج، وظل والدها يبحث عن العلاج ولكن دون جدوى، واستمرت المواعيد حتى ساءت حالة تلك الصغيرة، وامتد البحث في أكبر الصيدليات في المملكة وإحدى الدول العربية المجاورة، وللأسف وجده بنفس المسمى ولكن ليس التركيبة فرفع طلبا رسميا لوزارة الصحة لتوفير علاج ابنته بحسب الوصفة التي منحت له من مستشفى الشميسي، ومر أكثر من شهر ونصف ولم يجد استجابة من أحد، وأبرار تحتاج العلاج ووالداها لا يملكان سوى الدعاء لها. من خلال هذه الوقائع لا يمكن بحال تبرئة وزارة الصحة من المسؤولية العلاجية والمعنوية لأبرار، فهناك مؤسسة صحية تورطت في سوء حالة الصغيرة وأثر تلك المسؤولية يبدأ وينتهي في الوزارة، ما يتطلب تدخلا عاجلا من معالي وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة الذي نضع أمامه قصتها مختزلة بما يسمح بوضعها تحت مجهر يكبر الصورة الذهنية للحالة بما يسمح بتشريح أولي يكشف كل الحقائق الضرورية لبدء رحلة علاج ناجعة لأن المحصلة تشمل إهمالا طبيا، وتأخرا في التشخيص في مستشفى نجران، ومخدرا زائدا، ثم إهمالا آخر في مستشفى مدينة الملك عبدالعزيز بجدة، وعدم توافر العلاج بالرياض، ثم فصل والد أبرار من العمل لتغيبه بمراجعة المستشفيات.. وأخيرا أب وأم مكلومان لا يعرفان ما يفعلانه من أجل صغيرتهما، فما دور وزارة الصحة ومعالي الوزير بصفته الشخصية والإنسانية والرسمية حيال حالة أبرار التي تتأزم وتزداد سوءا يوما بعد يوم، فهي في ذمته الى أن تبرأ الصغيرة بإذن الله من سقمها؟ @sukinameshekhis