لماذا نتعجب، ونقف حائرين، أمام حقيقة كشف عنها وكلاء وزارة العمل بدول مجلس التعاون الخليجي؟ وذلك عندما أجمعوا أن إسهامات المنشآت الصغيرة في توظيف الكوادر السعودية في المملكة ضعيفة، ولا تتجاوز إسهاماتها 10 بالمائة، عكس ما هو في بقية دول العالم، إذ أن منشآتها الصغيرة تسهم في توظيف كوادرها بنسب تفوق 60 بالمائة.الحيرة التي انتابتنا، لا مبرر لها، فالمؤسسات تبحث عن كوادر وطنية، بشرط أن تكون مؤهلة وقادرة على استيعاب حجم العمل، هل أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، يملكون العصا السحرية، لإلزام الشباب في العمل، على الرغم من أن نسبة عالية تفتقد التدريب والتأهيل للانخراط في العمل الوظيفي؟ فالاستثمارات القائمة حاليا والارتفاع الذي تشهده المنشآت الصغيرة والمتوسطة، يتطلب عملا على مدار الساعة، ومتابعة حثيثة، لتحقيق النجاح، وهذا يتطلب فريق عمل مشتركا، ذا قدرة على العمل بصورة مستمرة، فالتوقف للحظة ربما يوقع المنشأة في مطبات تؤدي إلى الخسارة، وربما إلى إغلاقها.نسبة الدول الأخرى، في تشغيل الكوادر الوطنية، أعلى وتفوق ال 60 بالمائة، لأسباب متعددة، ربما الميزات التي تمنحها المنشآت للموظفين، واستعداد الموظفين بجاهزية كاملة، من حيث التدريب والتأهيل، ولاسيما أن المؤسسات المعنية في ذلك قد تقدم برامج متطورة ذات جودة عالية، تحفز الشباب من كلا الجنسين على العمل والقدرة على الاحترافية به، لأن الأداء الاقتصادي العالمي يعتمد على معايير الجودة وتدريب العاملين في المؤسسة، ومن هنا نجد أن تلك الدول تتفوق في توظيف كوادرها الوطنية.على الرغم من أن تطوير المنشآت الصغيرة الخليجية باعتبارها مجالاً خصباً لتوظيف الكوادر الوطنية بات أمرا ملحا، أجمع وكلاء وزارت العمل في دول الخليج، على ألا تأتي تلك المنشآت بمزيد من العمالة الأجنبية للسوق المحلية، والعمل على المساعدة في توطين الوظائف، بهدف رفع نسبة التوظيف المحلي، فهذا لا يعتبر فكرا اقتصاديا خاطئا، لأنه يهدف إلى الحفاظ على تنمية موارد الاقتصاد الوطني، إلا إنني اتساءل، «هل أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، يملكون العصا السحرية، لإلزام الشباب في العمل، على الرغم من أن نسبة عالية تفتقد التدريب والتأهيل للانخراط في العمل الوظيفي؟».وفيما يخص القرار الصادر من وزارة العمل عن إلزامية التوظيف، فقد جاء متناغما مع المصلحة العامة، لتحقيق التنمية المستدامة ودفع جيل قادر إلى سوق العمل، لتحقيق الطموح التجاري للاستثمارات، إلا أن غياب البيئة المناسبة، لتحفيزهم على العمل وتدريبهم بما يتوافق مع متطلبات المرحلة الحالية، قد يعيق تنفيذ القرار ويوقع المنشآت في تخبط، ربما يصعب التخلص منه، لأن التوظيف كعملية ديكورية، لا يحقق النماء الاقتصادي الذي نسعى إليه جميعا، بهدف الحفاظ على اقتصادنا متماسكا معافى من أية عوامل سلبية قد تحيط به.