«أين قضيت إجازة منتصف العام الدراسي؟ قضيتها في البيتلندا، وهذه دولة جديدة ما تعرفونها، فيها عدة ولايات: غرفتلندا، وصالتلندا، ومن الأماكن السياحية الشهيرة فيها: مطبخلندا للبنات، ومجلسلندا للشباب، وإذا تريد النقاهة وسعة الصدر فعليك بالحوشلندا» من هذه الطرفة التي تؤشر إلى تعسّف البعض في الإجابة عن سؤال إجازة منتصف العام الشهير، يحق لنا أن نتساءل: من الذي جعل من شروط الإجازة أن نسافر أيا كانت ظروفنا وقدراتنا؟! فهناك ضغوط كبيرة تمارس على الآباء مع كل إجازة، أين سنسافر؟ إن لم يسمعها الأب بأذنه، فسيراها في وجوههم بعينيه! فبعض الزوجات جعلت علامة تقديرها واحترامها تذاكر السفر التي يتم حجزها مع كل إجازة، حتى إذا عادت بدأت تحدّث القريبات والبعيدات في المجالس والاستراحات ومجموعات الواتساب عن سفرتها التي رأت فيها الديناصورات! والأولاد لا يريدون العودة للمدرسة وهم لا يملكون الإجابة عن السؤال الشهير: أين قضيت إجازتك هذا العام؟ فهم يريدون الإجابة ولا يريدون أن يكونوا أقل من ابن فلان وعلان الذين سافروا مع أنهم يقضون كل وقتهم في رحلتهم على أجهزتهم! كل هذا مع شديد الأسف وغيره يجعل الأب يخضع للضغوط، ويسافر بالعائلة الكريمة حتى ولو كان لا يملك القدرة، بل قد يوقع نفسه والعائلة الكريمة في القروض من أجل أن تسعد الزوجة والأبناء لأيام معدودة، ثم يواجه ويواجهون ضغوط الديون سنوات وربما طوال العمر! من أجلنا وأجل من نحب نحتاج لمراجعة قضية وجوب السفر في الإجازة، وذلك بأن نكون أكثر ثقة بأنفسنا وأن نربي بيوتنا على ذلك، فنتخذ قراراتنا بناءً على قدراتنا لا قدرات غيرنا، وبناءً على ظروفنا لا بإملاءات الآخرين من خلال إدخال أنفسنا في نفق المقارنات المظلم الذي لا يمكن أن يوجد ضوء في نهايته. السعادة ليس شرطاً أن تكون بالسفر، ولكل إنسان أولويات موضوعة حسب إمكانياته يجب ألا يخلّ بها من أجل شهوة آنية، وأيضاً ما المانع أن نقول إننا استغللنا الأجواء الجميلة وقضينا إجازتنا في «برلندا» وهي منطقة جذب سياحي هذه الأيام، بشرط محافظتنا عليها وعدم العبث بها.