تتذكرون معي أنني سبق أنني تحدثت في هذا الحيز قبل عدة أشهر عن ظاهرة الغلاء المستشري، وتتذكرون معي أيضا، المطالب التي حددناها لوزارة التجارة والصناعة، وجمعية حماية المستهلك للحد من هذه المعضلة ومنع انتشارها، التي بات يشكو منها الغني والفقير على حد سواء، وتتفقون معي أن كلامنا لم تسمعه الوزارة، وتجاهلته جمعية حماية المستهلك، والدليل على ذلك أن الغلاء يواصل طريقه بخطوات ثابتة، بلا رحمة، ولا أحد يدفع الثمن إلا المواطن وأسرته وأبناؤه، وكان الله في عون الجميع. لنا أن نتخيل المشهد الذي ستكون عليه الأسواق عندما تعلن الوزارة أنها ستطرح كميات كبيرة من سلعة ما، يرتفع سعرها، وتعرضها بأسعار في متناول الجميع. مازلت أؤكد أن ظاهرة الغلاء في المملكة يمكن حلها بألف وسيلة ووسيلة، إذا ما توفرت الهمة، والعزم والإرادة لمساعدة المواطن، إذ يمكن الحد من جشع بعض التجار، الذين أثبت بعضهم أن لا هم له سوى جمع المال، واستثمار احتكار السلع، ولو على حساب المستهلك المسكين، وأكرر أن الحل موجود، وبقي التنفيذ من الجهات المعنية. قبل أيام، أعلنت وزارة التجارة أنها بصدد بناء ثلاثة مستودعات كبيرة، لتحقيق الأمن الغذائي في المملكة، وقالت إن هذه المخازن هدفها تأمين السلع الضرورية والمهمة، وأكدت أن اللجوء إلي محتويات هذه المخازن سيكون في حال حدوث ظروف طارئة، قلصت من استيراد تلك السلع من الدول المصدرة، وهي فكرة ممتازة من الوزارة، التي تمنيت منها أن تعلن أنها ستلجأ للفكرة نفسها، في حال وجود غلاء متعمد طال السلع الغذائية، وأنها لن ترضى بعد الآن أن يتحمل المواطن تبعات جشع بعض التجار، وستحاربه ب"الخزن الغذائي". ولنا أن نتخيل المشهد الذي ستكون عليه الأسواق عندما تعلن الوزارة أنها ستطرح كميات كبيرة من سلعة ما، يرتفع سعرها، وتعرضها بأسعار في متناول الجميع، أؤكد أن التجار سيرضخون لمطالب العقل والمنطق، وسيعرضون سلعهم بأسعار مماثلة لأسعار وزارة التجارة، وربما أقل، ولا شك أن الفكرة ستقضي على ظاهرة الاحتكار المتسبب الأول في غلاء السلع الغذائية، ويمكن استثمار أموال الدعم التي خصصتها الحكومة لدعم حليب الأطفال، والأرز في بناء المزيد من المستودعات، واستيراد السلع بأسعار مخفضة، وطرحها في الأسواق بآلية محكمة تضمن توفرها بأسعار معقولة. ننتظر من وزارة التجارة، أن تبادر بتفعيل الخزن الغذائي أكثر وأكثر، ونأمل أن تجد الدعم المطلوب من الجهات المعنية الأخرى، مع الوضع في الاعتبار أن هذه الفكرة، ستنعكس بالإيجاب نفسيا واقتصاديا على المواطن السعودي، وعلى معيشته، وسيتنفس الصعداء من الغلاء الذي أكل الأخضر واليابس.