بخطوات واثقة، وحس هادئ مألوف، استطاعت أن تحتل مكانها على خريطة الإعلام السعودي، واستطاعت أن تجعل من برامجها بالقناة الثقافية السعودية، ملتقيات وأمسيات وأوقاتاً مفضلة لدى المشاهدين والمشاهدات، وما ذلك إلا لأنها اتخذت من الإعلام وسيلة للتواصل الجاد المثمر مع مشاهديها الذين تعتبرهم أصحاب فضل عليها، إنها الإعلامية السعودية « آمال عبدالله «، والتي التقيناها في هذا الحوار الصريح الذي فضفضت خلاله وأعربت عن رؤاها الخاصة في تطوير الإعلام والإعلاميين بالمملكة، وسبل النهوض بمستوى الطرح الإعلامي، وتقديم خدمة تليفزيونية متميزة. كيف كان دخولك إلى المجال الإعلامي وكيف كانت البدايات ؟ أنا قدمت على التلفزيون بطريقه تقليدية ودخلت لجنة اختبار وتقييم وتم اختياري من قبل المخرجة الدكتورة هيام الكيلانى، وكانت بداياتى مع الزميل بشير الغنيم بداية موفقة ، أضافت لى الكثير وكانت بمثابة درس أول بالتواصل وبطريقة مرحة وكان زميلاً ناصحاً. إنسانية التواصل مع الآخر، وقناعته بأن الانتقاد المبني على رغبة الإصلاح يفضي للتطوير والتقدميقولون عنك إنك تنتقدين أملاً في الإصلاح، وتعاتبين على قدر المحبة ... هل هي حرفة أم إنسانية؟ الحقيقة هي إنسانية التواصل مع الآخر، وقناعته بأن الانتقاد المبني على رغبة الإصلاح يفضي للتطوير والتقدم ، وأعتقد أن هذا هو دور كل الإعلاميين الذين لهم مصداقية بطرح السلبي والإيجابي والبحث عن حلول مع المختصين، أما تصيّد الأخطاء والعيوب، فليس من سمات المصلحين ، سواء إعلامياً أو إنسانياً. كيف ترين تواضع الإعلامي وغروره؟ الإعلامي المتواضع هو من ينجح في تحطيم الحواجز بينه وبين مشاهديه، من خلال ما يطرحه من قضايا تمسهم وتحظى باهتمامهم، ومن ميزات التواضع، القرب من الآخرين؛ من هؤلاء المشاهدين، فهم من صنعونا ويجب أن نكون لسانهم وأعينهم، أما الغرور فهو سمه لا يملكها الا الذي لديه مشكلة يريد إخفاءها، فيتخذ الغرور غطاء لذلك. الترحيب أكبر بالإعلاميين السعوديين خارج محطاتهم المحلية وأقل داخلها .. ما السبب ؟ والله أنا عندي نفس التساؤل، ولا أعلم من تكون له مصلحة في ذلك !! إلى أى حد إذن يمكن تطوير برامج الإعلام في المملكة ؟ ولماذا تتعطل بعض الأمور ؟ تطوير البرامج الإعلامية بالمملكة ممكن إلى حد كبير ، لكن للأسف عدم تجديد الدماء الشابة بالمحطات المحلية يعتبر عائقا يحد من التطور؛ بمعنى أنه لو استطعنا أن نتخلص من البيروقراطية فسيكون هناك إعلام جديد برؤية جديدة. لكن ألا يعد الإعلامي نفسه سبباً في عدم التطوير أحياناً ؟ معك حق، فأحياناً يكون بعض الإعلاميين سبباً في إعاقة النهضة الإعلامية، ومن ثم يجب على الإعلامي أن يخرج من الإطار التقليدي الجامد ويستخدم العفوية الراقية حتى يصبح أقرب إلى جمهوره، وأن يتحدث بلغة غير معقدة حتى يستطيع الجميع فهمها بكل الطبقات البسيطة والمتعلمة . وربما لا يفعل البعض ذلك فيؤخر تقدم الإعلام ونهضته، فالإعلام والإعلامي كلاهما مرتبط بالآخر، وكلاهما يصنعان بعضهما البعض؛ فعندما يكون عندى إعلام منفتح وتقنيات فنية عالية وإعلامى صاحب رسالة يظهر الإعلام المميز والناجح. وفي رأيك ما ملامح التطور الإعلامي التي يمكن تحقيقها ؟ لابد أولاً أن نعترف بأن الإعلام المحلي يقبل التقيد بالموضوعات والتحدث بحدودية، لكن بصفة عامة، يعد تقديم المواضيع الشائكة على طاولة الحوار الإعلامي أحد ملامح التطور ، لأن للإعلام دور كبير في التغير للأفضل، وكثير من الإعلاميين استطاعوا أن يصلحوا أموراً كثيرة من خلال ما يثيرون من قضايا وموضوعات. البعض يقول إن الإعلام السعودي ذو خطاب مثالي تقليدي، وإنه بعيد عن طموحات السعوديين وإيقاع العصر .. ما رأيك ؟ الواقع يقول إن إعلامنا ما زال يحتاج الكثير ومازال متحفظاً على كثير من الامور، وللأسف الشديد أصبحنا جميعا نقدم نفس الرؤيه دون تجديد، وبدأنا نفتقد البرنامج الجاد وأصبح الإعلام مجرد مسابقات وبرامج تبحث عن الفضائح، ولا يوجد خطة إعلامية للتطوير ، لذا نحن في حاجة لصياغة إعلامية جديدة تواكب الأجواء الاعلامية الحالية. في رأيك هل يعاني العالمان العربي والإسلامي من حالة عدم وعي وإدراك لأهمية الإعلام حتى الآن ؟ وما رأيك في التناقض الإعلامي الواضح بين ما يطرح على المستوى الرسمي وما يطرح على المستوى المحلي إعلامياً ؟ فعلا، وللأسف هذا هو الدارج المعتاد حالياً، وهو من الأسباب التى حدّت من الإبداع من ناحية الإعداد والإخراج، فمازلنا نعاني الكثير، أما من ناحية التناقض، فيوجد هناك تناقض لكنه تناقض مرتبط باعتبارات وأسباب خاصة بالمحطات والتليفزيونات المحلية، وفي العالم كله تخضع هذه المحطات لنظام إعلامي يطرح الأخبار بطريقة متحفظة ، كما أن الإعلام الخاص عربياً، ليس لديه قاعدة أوضوابط سوى الاهتمام بما يثير المشاهد ويزيد نسبة المشاهدة، ومن المؤسف حقاً أن أغلب القنوات باتت تعلن أخباراً مغلوطة وهذا ما شكّل هذه الفجوة وهذا التناقض، وبرأيي إنه لم يخدم الإعلام الخاص ولا المحلى، بل جعل المُشاهد فى بلبالة. أنت ميالة للبرامج الاجتماعية على غيرها .. لماذا ؟ ومن تعتبرينه أو تعتبرينها قدوة في مجال عملك المهني ؟ فعلا أنا أحب البرامج الاجتماعيه لقربها للمجتمع واحتياجاته ، لكن لا يمنع ذلك أننى أميل أيضا للبرامج السياسة وكل ما هو قيّم ومفيد للمشاهد. وأما القدوة فكل الأسماء الإعلامية الكبيرة على المستوى العربي لها قيمتها عندي، وأتمنى أن أصل لمستواهم أو أقتبس من نور نجاحهم. هل تعتبرين الحصول على الجوائز مقياساً لأدائك الإعلامي ؟ والله أى تكريم حصلت أو أحصل عليه، يكون بالنسبة لي بمثابة خطوة وتقدير من قبل الآخرين، ومسؤولية أيضاً يجب أن أكون بحجمها فأقدم الأفضل.