"الإحصاء": 1.8% معدل انتشار الإعاقة من إجمالي السكان في المملكة    الجمعية العليمة السعودية للصحة العامة ساف تشارك في مؤتمر يوم الابحاث    علامة HONOR تعلن عن رعايتها لمسابقة إجادة اللغة الصينية بعنوان "جسر اللغة الصينية" في المملكة العربية السعودية    ملتقى النص المعاصر: احتفالية شعرية وفنية تُضيء سماء نابل    سفير إندونيسيا لدى المملكة: "مبادرة طريق مكة" نموذج من عناية المملكة بضيوف الرحمن    وزير الصحة الماليزي: نراقب عن كثب وضع جائحة كورونا في سنغافورة    مستشفى دله النخيل ينهي معاناة عشريني يعاني من خلع متكرر للكتف وكسر معقد في المفصل الأخرمي الترقوي    الديوان الملكي: تقرر أن يجري خادم الحرمين فحوصات طبية في العيادات الملكية في قصر السلام بجدة    رياح مثيرة للأتربة والغبار على أجزاء من الشرقية والرياض    موسيماني: ما زالت لدينا فرصة للبقاء في "روشن"    بيريرا: التعاون فريق منظم ويملك لاعبين لديهم جودة    الأوكراني أوزيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع في الرياض    ولي العهد يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي    شهداء ومصابون في قصف لقوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    رفضت بيع كليتها لشراء زوجها دراجة.. فطلقها !    خبير سيبراني: تفعيل الدفاع الإلكتروني المتقدم يقي من مخاطر الهجوم    «هيئة العقار»: 18 تشريعاً لمستقبل العقار وتحقيق مستهدفات الرؤية    مقتل 3 فلسطينيين على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على رفح    لقب الدوري الإنجليزي بين أفضلية السيتي وحلم أرسنال    صقور السلة الزرقاء يتوجون بالذهب    السفارة السعودية في تشيلي تنظم حلقات نقاش بعنوان "تمكين المرأة السعودية في ظل رؤية المملكة 2030"    خادم الحرمين يأمر بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    تنظيم جديد لتخصيص الطاقة للمستهلكين    330 شاحنة إغاثية إلى اليمن وبيوت متنقلة للاجئين السوريين    اشتباك بالأيدي يُفشل انتخاب رئيس البرلمان العراقي    البرق يضيء سماء الباحة ويرسم لوحات بديعة    الماء (2)    جدول الضرب    «التعليم»: حسم 15 درجة من «المتحرشين» و«المبتزين» وإحالتهم للجهات الأمنية    قرى «حجن» تعيش العزلة وتعاني ضعف الخدمات    اطلع على مشاريع التطوير لراحة الحجاج.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يتفقد المشاعر المقدسة    زيارات الخير    محتالة تحصل على إعانات بآلاف الدولارات    المقبل رفع الشكر للقيادة.. المملكة رئيساً للمجلس التنفيذي ل "الألكسو"    27 جائزة للمنتخب السعودي للعلوم والهندسة في آيسف    انطلاق المؤتمر الأول للتميز في التمريض الثلاثاء    طبخ ومسرح    مواقف مشرّفة    عبر التكنولوجيا المعززة بالذكاء الاصطناعي.. نقل إجراءات مبادرة طريق مكة إلى عالم الرقمية    للسنة الثانية.. "مبادرة طريق مكة" في مطار إسطنبول الدولي تواصل تقديم الخدمات بتقنيات حديثة    سمو ولي العهد يستقبل الأمراء والمواطنين    «تيك توك» تزيد مدة الفيديو لساعة كاملة    تحدي البطاطس الحارة يقتل طفلاً أمريكياً    دعاهم إلى تناول السوائل وفقاً لنصائح الطبيب.. استشاري: على مرض الكلى تجنّب أشعة الشمس في الحج    مختصون ينصحون الحجاج.. الكمامة حماية من الأمراض وحفاظ على الصحة    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    كيان عدواني غاصب .. فرضه الاستعمار !    الهلال يحبط النصر..    كيلا يبقى تركي السديري مجرد ذكرى    وزير التعليم: تفوّق طلابنا في «آيسف 2024» يؤسس لمرحلة مستقبلية عنوانها التميّز    الخبز على طاولة باخ وجياني    أهمية إنشاء الهيئة السعودية للمياه !    الرئاسة العامة تستكمل جاهزيتها لخدمة حجاج بيت الله الحرام هذا العام ١٤٤٥ه    قائد فذٌ و وطن عظيم    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    بتوجيه الملك.. ولي العهد يزور «الشرقية».. قوة وتلاحم وحرص على التطوير والتنمية    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاتلو الجيش السوري الحر يشترون أسلحة من حزب الله ويقاتلون جيش الأسد

كان مهندس الكمبيوتر الذي يطلق على نفسه اسم //الحمصي// نسبة الى مسقط رأسه حمص يأمل أن يعمل في دبي بعد انتهاء فترة تجنيده ليتمكن من الزواج بخطيبته وبدء حياة مريحة في سوريا التي كانت تشهد تحررا اقتصاديا بطيئا.. لكن أحلامه وأحلام الالاف من الشبان السوريين تبخرت عندما بدأت الانتفاضة الشعبية ضد حكم الرئيس بشار الاسد /46 عاما/ قبل عام.
أولا مدد الجيش فترة تجنيده الى ما بعد يوليو وأبقاه أربعة شهور أخرى قبل أن ينشق ويذهب الى بلدة القصير التي يقطنها 40 الفا وتقع على بعد 12 كيلومترا من الحدود مع لبنان.
وانضم الحمصي وهو شاب ملتح في أوائل الثلاثينات من العمر الى معارضين اخرين يقاتلون في التلال ويطالبون بحياة حرة وكريمة. الا أنه لا يملك سلاحا.. ولهذا فان عليه الانتظار. وقال الاسبوع الماضي وهو يقف بجوار جدار منهار من الطوب اللبن في القصير «علينا شراء أسلحة بمالنا الخاص.. عندما انشققنا عن جيش الاسد أخذ البعض معه سلاحه ولكن لم يفعل الكل ذلك».
ويشكل المنشقون مثله عن الجيش العمود الفقري للجيش السوري الحر الذي يقوده ضباط يتمركزون في تركيا حيث أعلنوا عن وجودهم خلال فصل الصيف الماضي.
وكانت حركة الاحتجاج السورية سلمية بشكل كبير في بدايتها الا أن العنف المستمر من جانب الاسد دفع المزيد من السوريين الى الرد ودعم موقف الجيش السوري الحر رغم ضعف أسلحته وافتقاره للامدادات ونظم القيادة والسيطرة.
والمقاتلون والاف السوريين الذين يؤيدونهم يمثلون طوائف دينية وأيديولوجية واسعة فهم يضمون مهربين ومعلمين.. مهندسين ومزارعين.. علمانيين وسلفيين.
(الجيش هنا يهاجم البلاد. هل رأيت الجيش الامريكي يهاجم نيويورك.. الحقيقة واضحة ولكن العالم مصر على الاكاذيب عندما يتعلق الامر بسوريا)
وهؤلاء المقاتلون هم في الاغلب مجندون من المسلمين السنة في العشرينات من العمر انشقوا عن الجيش أثناء قيامهم بعطلة أو خلال عمليات لم يمتثلوا خلالها للاوامر باطلاق الرصاص على متظاهرين غير مسلحين على حد قولهم.
كان الدافع الاساسي لمعظهم شعورا بالاجحاف تراكم على مدى عقود من الحكم الشمولي. قال الحمصي «نريد فقط الحرية.. لا داعي للاختباء ولا داعي لاراقة الدماء في الشوارع». وأعطى المقاتلون المسلحون بأسلحة أغلبها مهربة أو مسروقة سكان القصير ومحيطها قدرا من الراحة من هجمات ميليشيات الاسد وفتحوا طرقا الى لبنان لجلب الادوية ونقل المصابين. ورغم ما يلقونه من مساندة شعبية ورغم استفادتهم من تضاريس المنطقة الحدودية الوعرة حيث تتناثر منازل غير مرتفعة في المزارع والجبال فان أسلحتهم وذخيرتهم المحدودة لا تضاهي دبابات ومدافع جيش الاسد.. وعندما دكت قوات الاسد القصير ذاب المقاتلون بين الحقول.
وأثار هذا التفاوت في القوى دعوات من بعض الدول الخليجية العربية وغيرها بتسليح المعارضة كما حدث في ليبيا العام الماضي. mولكن القوى الغربية تشعر بالقلق من أن تؤجج صراعا يمكن أن يتسع نطاقه في منطقة كثيرا ما تصطبغ صراعتها السياسية بصبغة عرقية أو طائفية. والاسد من الطائفة العلوية التي تمثل أقلية في سوريا التي تعيش بها أغلبية سنية جنبا الى جنب مع مسيحيين ودروز وأكراد ولاجئين فلسطينيين وتقع على الحدود مع لبنان وتركيا والعراق والاردن واسرائيل وهي منطقة شهدت اضطرابات دامية. من بين المقاتلين أبو عمر الذي يمثل بزيه الاسود الاشبه بالزي الافغاني ولحيته الكثيفة نمطا يمكن أن يقرع ناقوس خطر لدى حكومات الغرب وهي تحسب حساباتها المتعلقة بحجم المساندة التي يمكن أن تقدمها الى المسلحين السوريين الذين يحاولون الاطاحة بالاسد.
وفي حديث تملؤه عبارات دينية يروي أبو عمر كيف قاتل القوات الامريكية في اقليم هلمند بأفغانستان ثم في العراق قبل العودة الى القصير مسقط رأسه لمحاربة الاسد. وقال وهو يحمل بندقية كلاشنيكوف على كتفه «لا نريد دعما من الولايات المتحدة.. هي عدو لنا». وأضاف «بعد أن ننتهي من بشار سنذهب لمحاربة أمريكا» ثم ضحك وقال «نحن نمزح.. هذه دعابة». ومثله مثل مقاتلين اخرين نفى أبو عمر أن يكون مقاتلون أجانب من تنظيم القاعدة -الذي حث زعيمه السوريين على قتال الاسد- قد انضموا للمعركة قائلا «هل رأيتهم.. انهم ليسوا هنا». كان كل المعارضين الذين تحدثت معهم رويترز في القصير سوريين. كثير منهم من المنطقة أو من حمص وبعضهم من مدن مثل دير الزور في الشرق أو درعا في الجنوب. وينفي الكثير من المقاتلين -الذين يشعرون بحساسية تجاه تصوير وسائل الاعلام لهم على أنهم «مجموعات ارهابية» ومتشددون من تنظيم القاعدة- أن يكون للانتفاضة دافع طائفي ويتهمون حكومة الاسد أو قوى أجنبية بمحاولة استغلال الانقسامات الدينية. قال منشق عن الجيش يبلغ من العمر 24 عاما ويطلق على نفسه اسم الحسن «سلفيون.. من هم السلفيون.. أهم من يصلون.. كثير من الناس يصلون ولكني لا أعلم ما معنى السلفي».
واستطرد «نظام بشار الاسد علمنا أن السلفيين يحبون القتل. هذا هو كل شيء». وقال ان ضباطا سوريين يتعرضون لمضايقات أو يعتقلون اذا أطلقوا اللحى أو واظبوا على الصلاة أو أبدوا تدينهم بشكل واضح مضيفا «اذا صليت في الجيش فهذه مشكلة كبيرة».
وتابع «ما من أحد هنا يريد حكومة اسلامية.. عندما يرحل الاسد نريد فقط شخصا يخشى الله. سنيا.. علويا.. كرديا.. مسيحيا.. أي شخص يخاف الله ويحكمنا بالعدل ويحترم حقوقنا».
ويفسر بعض المقاتلين العدد المحدود للمسيحيين والعلويين في الجيش السوري الحر قائلين بأن المعارضين من هذه الفئات سيكونون عرضة بشكل أكبر للتعذيب أو القتل اذا اعتقلوا.
وقال ملازم سابق بالجيش يطلق على نفسه اسم ابراء «الناس من كل الطوائف يعلمون أن الثورة هي الصواب... ولكن أبناء الاقليات -على عكس الاغلبية السنية- يعلمون أن وضعهم لا يسمح لهم بأن يكونوا مشاركين فعالين في الثورة». ويقول ضباط من الجيش السوري الحر انهم يسعون للحيلولة دون انزلاق سوريا صوب حرب أهلية وهدفهم الرئيسي هو حماية المدنيين وتوفير أكبر قدر من المساعدات لسكان المناطق المحاصرة.
وشعر ضابط يطلق على نفسه اسم أبو العرب بالاهانة على ما يبدو عندما سأله صحفي ان كان هناك سلفيون بين المعارضين وأجاب «لماذا يخشى الغرب السلفيين.. لماذا يخاف من الاسلام.. هذه دولة اسلامية». وتابع أن المحرك الاساسي للمعارضين هو ظلم الاسد مضيفا «الجيش هنا يهاجم البلاد. هل رأيت الجيش الامريكي يهاجم نيويورك.. الحقيقة واضحة ولكن العالم مصر على الاكاذيب عندما يتعلق الامر بسوريا». لكن لا يمكن انكار أن ثمة طابعا دينيا يسري في الحركة. اذ ان أغلب مقاتلي القصير يصلون بانتظام والكثير منهم أطلقوا لحاهم بعد أن أصبحوا بعيدين عن تدقيق الشرطة السرية. ويطلق على واحدة من أكبر الكتائب في المنطقة اسم كتيبة الفاروق في اشارة الى الصحابي عمر بن الخطاب الذي اشتهر بلقب عمر الفاروق. يكتب الاسم بحروف ذهبية على سترات مموهة لبعض المقاتلين المحليين. وبعضهم مثل أبو عمر ملتزمون دينيا بشكل لافت للنظر. قال مقاتل ذو لحية كثيفة وبدون شارب «السلام عليكم» لتحية صحفي غربي عند نقطة تفتيش. وقال «علينا أن ندعو الله.. فالله أكبر» مشيرا الى السماء.
كما أن الريبة والمرارة لاسباب طائفية تبدو منتشرة على نطاق واسع. فيسأل المقاتلون الزائرين من العراق ولبنان عما اذا كانوا من السنة أو الشيعة وكثيرا ما ينقلون شائعات عن فظائع ارتكبتها ميليشيات ايرانية في حق المدنيين السوريين. الكثير منهم مقتنعون بأن الشيعة القادمين من الخارج دخلوا سوريا لتقوية موقف الحكومة التي ينظر لها على أنها محابية للعلويين على حساب السنة. قال أحد المنشقين عن الجيش من حي بابا عمرو في حمص والذي دمر خلال شهر من الحصار ان مسؤولا علويا حرمه من التدريس بالجامعة وهو قرار اعتبره تمييزا طائفيا. وأكد الرجل الذي يدخن باستمرار وتحيط الهالات السوداء بعينيه على أنه في مسقط رأسه أصبحت القواعد الحكومية تقضي بأن علويا هو الذي لابد أن يعقد قران أي زوجين من السنة يسعيان الى الزواج.
وتساءل قائلا «هل يمكن تخيل أن مسلما يقوم بتزويج مسيحيين».. وهو يسقط الرماد من سيجارته بينما كان مقاتلون اخرون يصغون بانتباه.
في بعض القرى المجاورة يمثل المسيحيون أغلب السكان وفي قرى أخرى فان العلويين هم الذين يمثلون الاغلبية. لكن السنة يمثلون غالبية سكان القصير ذاتها كما هو الحال مع سوريا بصفة عامة.
يفضل المقاتلون هذه المنطقة الريفية حيث يمكنهم التنقل بسرعة بين الاشجار للاختفاء أو الاختباء في خنادق للاحتماء من القصف ونيران القناصة أكثر من البلدات التي اقامت فيها القوات السورية نقاط تفتيش على الطرق الرئيسية.
وتصدر أجهزة اللاسلكي التي بحوزتهم والتي تم جلبها من لبنان أصواتا باستمرار. ربما تكون الحدود السورية مع لبنان قد أصبحت منطقة قتال لكنها تحتفظ بجمالها الطبيعي. اذ تمتد السلاسل الجبلية التي تكسوها الثلوج في الافق. وتخترق أشعة الشمس السحب ويخفي رعاة الماشية وجوههم من رياح قاسية بالكوفية ذات اللونين الابيض والاحمر. ومن أجل الوصول الى القصير على المقاتلين أن يسلكوا مسارا متعرجا وسط طرق متربة ويتسلقون التلال ويقطعون غابات الارز وحقول وحدائق الزيتون لتفادي نقاط التفتيش التي تطوق البلدة. ويتوقف المقاتلون المتكدسون داخل حافلات صغيرة أو شاحنات نقل بجوار صناديق الذخيرة كثيرا في الطريق تحسبا لوجود أي نشاط عسكري او لنقل الذخيرة الى زملائهم.
ويمكث الرجال الذين يرتدون سترات مموهة أو السترات الجلدية الاكثر شيوعا وغيرها من الازياء المدنية تحت الجسور أو في ملاجئ خرسانية صغيرة ويعلقون البنادق على أكتافهم. يستخدم المقاتلون أي ملجأ يجدونه. وفي احدى البلدات سيطر مقاتلون على مدرسة مهجورة وناموا داخل فصولها وكدسوا الذخيرة على الجدران التي تكسوها الكتابات.
ويخضع المقاتلون اسميا لقيادة العقيد رياض الاسعد قائد الجيش السوري الحر المقيم في تركيا لكن المقاتلين في أنحاء القصير والجبال المجاورة الذين يبلغ عددهم نحو ألفين طبقا لتقديراتهم التي ربما يكون مبالغا فيها يعملون من تلقاء أنفسهم فيما يبدو أغلب الوقت.
وهم مقسمون لمجموعات.. احداها تتولى مسؤولية تهريب الدواء من لبنان والاخرى تتولى الجرحى والثالثة تتولى حماية المظاهرات من أي هجوم.
وهذه مهمة مضنية بالنسبة لمقاتلين مسلحين بأسلحة خفيفة. وخلال عدة ايام في القصير لم يشهد مراسل رويترز سوى بنادق وعدد محدود من قاذفات الصواريخ ومدفع ثقيل واحد.
قال ابراء وهو ملازم سابق بالجيش كانت معه بندقيته ام.4 تستند الى الحائط «الجيش السوري الحر لا يملك سوى الاسلحة الصغيرة والخفيفة. هذه الاسلحة تكفي فقط للدفاع عن البلدة وعن أنفسنا.. وليس لفترة طويلة». وأضاف «ماذا يمكن ان تفعل بندقية في مواجهة مدفعية وصواريخ.. لا يمكن ان تفعل شيئا. وهذه هي أسلحة الجيش السوري الحر». يحصل المقاتلون على الاسلحة من أي مكان. يجلب المنشقون عن الجيش بعضها في حين يجري الاستيلاء على البعض الاخر خلال غارات يشنونها. ويقول مقاتلون انه يجري شراء الكم الاكبر من //ضباط فاسدين// في الجيش الوطني. كما أن مسارات تهريب معروفة الى لبنان ساعدت على توفير بعض الاسلحة الاثقل لكن لا يمكن الاعتماد عليها من مخزون حزب الله الذي يدعم الاسد.
وقال قائد للمقاتلين يطلق عليه لقب العميد «في لبنان حزب الله يلعب معنا لعبة. يبيع لنا بطريقة غير مباشرة... سلاح أعطال». وأضاف «عندما نطلق القذيفة الصاروخية.. تتعطل الكبسولة».
وبأي حال فان الموارد المحدودة للمقاتلين لا يمكن أن تصل الى مدى أبعد من هذا. وقال عدد من المقاتلين ان سعر بندقية كلاشينكوف ارتفع الى أكثر من ألفي دولار بعد أن كان السعر عدة مئات من الدولارات قبل الحرب. كما أن تكلفة كل طلقة يمكن ان تصل الى دولارين.
وشكا أحد المقاتلين يدعى طارق قائلا «الليبيون لقوا دعما أفضل منا.. كان لديهم مال وأسلحة أكثر».
غير ان الكثير من السوريين غير المقاتلين يقومون بأدوارهم في المعركة مع الاسد.
في القصير يتجمع الرجال والنساء في منزل كل ليلة لصنع أعلام بالالوان الاخضر والابيض والاسود وهي الاعلام التي كانت مستخدمة قبل حقبة الاسد ولافتات وكذلك سترات مموهة وأقنعة سوداء للمقاتلين. وينظم السكان العاديون المظاهرات كل ليلة بعد صلاة العشاء في تحد للحصار الذي يفرضه الجيش منذ ستة أشهر. وهم يرقصون على ايقاع الطبول ويغنون. وكتب على لافتة حملها طفل خلال احتجاج في الفترة الاخيرة ان سوريا ليست اقطاعية للاسد وعائلته. وقال أحد المحتجين ويدعى فدا «الجيش السوري الحر هو الوحيد الذي يحمينا... نخرج للمطالبة بالحرية مثل أي بلد اخر. نريد أن نعيش كأي بلد اخر. هذا ليس كثيرا». يشارك بعض المسيحيين في الاحتجاجات لكن العنصر الديني يتدخل في بعض الاحيان. اذ كتب على احدى اللافتات «لن تركع أمة قائدها محمد».
وبعد أن احتل جنود المستشفى الرئيسي في القصير أقام أطباء مستشفى ميدانيا في منزل خاص حيث يئز مولد للكهرباء يعمل بالغاز في الفناء تحت ظل شجرة برتقال. ويغيرون مكان المستشفى كل عدة أسابيع. وعندما يشتد القصف يتحرك أفراد الطاقم الطبي الذين يرتدون قفازات ملوثة بالدماء بفزع بين الغرف ويتصادمون ببعضهم البعض في الممرات الضيقة لجلب الشاش من فوق المناضد الصغيرة. ويقدر قاسم الزين رئيس الفريق الطبي بالمستشفى عدد القتلى في القصير بمائة شخص منذ بدء الانتفاضة. وقال ان بعض الجراح لم تكن اساليب علاجها متاحة محليا. وأضاف ان الحالات الخطيرة ترسل الى لبنان لكن أغلبها يموت في الطريق.
وقال الزين انه في يوم أحد من الشهر الماضي استقبل المستشفى أربعة مصابين برصاص قناصة منهم امرأة في الخمسين من عمرها مصابة بطلق ناري في الصدر ورجل في السبعين من عمره مصاب برصاصة في البطن. وفي احد أسوأ الايام اصيب 52 شخصا في قصف وبرصاص القناصة قبل شهر. وتوفي سبعة.
وتابع الزين وهو يشير الى جهاز تخدير عمره نحو 45 عاما وصف من انابيب الاكسجين القديمة «نعاني من نقص في أشياء كثيرة. المعدات الموجودة في حالة مزرية». وانخرط متطوعون اخرون في العمل الاعلامي الذي يرون أنه لا يقل أهمية بسبب القيود على دخول الصحفيين الاجانب والعداء الذي تبديه وسائل الاعلام الحكومية السورية.
وجلس ناشط في الثلاثين من عمره يطلق على نفسه اسم أبو حبيب امام جهاز كمبيوتر محمول يقلب في صور لجنازة أحد السكان المحليين اقيمت في وقت سابق من هذا اليوم ويقلب في صفحات موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك والبريد الالكتروني جي ميل اللذين يستخدمهما في توزيع اللقطات.
ويتمكن قلة من النشطاء في القصير باستخدام خطوط هاتفية لبنانية من الدخول على الانترنت بإشارة ضعيفة تكفي بالكاد لارسال الصور وعادة ما تكون ابطأ من ملاحقة أحداث اليوم.
وقال أبو حبيب «الاشارة ضعيفة والسرعة بطيئة. ولا تعمل طول الوقت».
وتنطوي أيضا على خطورة. فالشبيحة عادة ما يستهدفون نشطاء الاعلام مثل محمد جربان الذي كان يطلق على نفسه اسم أبو حمزة. وكان يبيع الورد قبل الانتفاضة لكنه أخذ كاميرا وبدأ بتصوير المظاهرات في القصير في وقت مبكر.
وقال ابو حبيب «الكل يعرفه... في المظاهرات كنا نغني قائلين /يا أبو حمزة يا غالي وين البث المباشر».
وفي نوفمبر رصده مخبر للحكومة بالقرب من المستشفى. واختفى في ذلك اليوم. ثم عثر احد العاملين على جثته في وقت لاحق في أحد الشوارع ممزقة من أثر الرصاص وجراح سكين. وقال أبو حبيب ان قناة تلفزيونية حكومية بثت خبر مقتل جربان ووصفته بأنه «أكبر ارهابي في القصير». وتابع «هل تتصور ذلك. لم يمسك بسلاح في حياته ولا حتى سكين. كان يبيع الورد». وينظر الكثيرون من النشطاء الى الجيش السوري الحر بكل عيوبه باعتباره خط الدفاع الوحيد في مواجهة الجيش ولا يثقون كثيرا في المجلس الوطني السوري المعارض في المنفى.
وقال حسان /40 عاما/ وهو مدرس لغة عربية يعمل الان مع المعارضة في القصير «انه لا يفعل ما يكفي لوقف اراقة الدماء في الشوارع... كل ما نريده من المجلس هو أن يساند الجيش الحر».
وأشار الى تباين كبير في التكنولوجيا والمعدات بين المدافعين عن القصير وبين تفوق القوات الحكومية. وقال «هذه ليست حربا نزيهة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.