يؤكد عدد من رؤساء الأندية الأدبية والمثقفين أن الوقت حان لفصل الثقافة عن الإعلام لتكون لكل منهما وزارة خاصة به تؤهله لتحرك أوسع وعدم إعاقة أحدهما الآخر خاصة وأنهما ليسا دائما على وفاق. بالإضافة إلى أن استقلالهما في الوقت الراهن مهم وضروري وذلك حتى تتوسع دائرة الحراك الثقافي بشكل أكبر وأكثر نشاطاً خاصة وأننا نشهد طفرة ثقافية في سعوديّة داخليا وخارجيا. الاستقلالية عامل حاسم يؤكد القاص والكاتب خليل الفزيع رئيس نادي المنطقة الشرقية الأدبي: إن الثقافة والإعلام ليسا دائما على وفاق، ومع أن الثقافة هي أحد مصادر المادة الإعلامية، ومع أن الإعلام أحد وسائل انتشار الثقافة وذيوعها.. لكن هذين الهدفين لن يتحققا بشكل أكثر إيجابية إذا ظلا تحت سقف واحد، فالفصل بينهما يتيح لكل منهما العمل بحرية أكثر، ودون وصاية من أحدهما على الآخر، هذا على المستوى النظري، وعلى المستوى العملي يظل الاستقلال عاملا حاسما في ترسيخ مفاهيم إدارية تتناسب مع طبيعة العمل، ومنحه آفاقا أوسع دون ضغوط إدارية أو مالية من أحد الطرفين على الطرف الآخر، وإن كان العمل متشابها لكن التخصص مطلوب. ويضيف الفزيع « لا أعني التخصص المهني بل التخصص في الأداء، فوجود وزارة ذات تخصص واحد يتيح لها العمل بشكل أفضل في مجال تخصصها، وفي دول كثيرة تم الفصل في التخصص المشترك لبعض الوزارات لتتفرغ كل وزارة لتخصصها، كالزراعة والمياه، والصناعة والكهرباء، والداخلية والبلديات، وغيرها». ويؤكد الفزيع: أن وجود وزارة للثقافة سيخدم الثقافة أكثر، كما سيخدم الإعلام أن تكون له وزارته الخاصة، والأفضل من كل ذلك هو وجود مؤسسات عامة تتولى شئون الثقافة كما تتولى شئون الإعلام، كل على حدة، وتكون لها استقلاليتها التي لا تجعلها عبئا على وزارة معينة، بحيث يكون للثقافة أكثر من مؤسسة ذات تخصصات مختلفة، وكذلك الشأن بالنسبة للإعلام. خيار مهم فيما يرى د. عبدالله الوشمي رئيس نادي الرياض الأدبي: عند النظر إلى التركيبة الإدارية للمؤسسات الرسمية الحالية فإننا نقول إن فصل الثقافة عن الإعلام يبدو خيارا مهما في سياق تعدد المهام التي تقوم بها الثقافة، إذ إنها ليست أندية ومكتبات ومعرض كتاب فقط على أهميتها الكبرى، وإنما هي تأسيس لحركة الثقافة الكبرى في الوطن، إضافة إلى أن النمط الإداري يفضي إلى هذه الرؤية، فقد كانت شؤون الثقافة تابعة للرئاسة العامة لرعاية الشباب، ثم أصبحت تابعة للإعلام، حتى وإن تقدم اسمها على اسمه، أي أنها في الحالتين كانت عبئاً على الأقوى الرياضة والإعلام، وهو ما يؤكد أن استقلالها الآن مهم لتوسيع دائرة الفعل الثقافي بشكل أكبر، ولتكثير مساراته، لاسيما والثقافة معنية بالإطار المحلي والعالمي. وزير ينصف الثقافة ويسمو بالإعلام ويؤكّد الكاتب والقاص محمد الغامدي أنّ الاختلاف بين الثقافة والإعلام يكمن في اختلاف تموضع كل منهما أمام الدولة، فالإعلام أداة الدولة بينما الدولة منجز الثقافة، وفي مقابل ذلك الاختلاف نجد أن وسائل الإعلام مقروءة ومسموعة ومرئية هي وسائل مشتركة بين الإعلام وبين الثقافة، فهي أدوات للإعلام وفي نفس الوقت هي وسائط نقل ثقافي، يحتاجها الإعلام وتحتاجها الثقافة على حد سواء. ويضيف « إن كان عامل الاختلاف ذلك يوحي لنا للوهلة الأولى بأن الجمع بين الثقافة والإعلام في وزارة واحدة يبدو مستحيلا فإن عامل التلاقي بينهما يفرض علينا القبول بجمعهما في وزارة واحدة». ويضع الغامدي الحل: في أن يتسلم الوزارة وزير من الوسط الثقافي لا الإعلامي قادر على فهم حقيقة ذلك التموضع وتلك الحاجات المشتركة فينصف الإعلام ويسمو بالثقافة. وزارة خاصة للثقافة فيما يرى حمد السويلم رئيس نادي القصيم الأدبي أنّ الأوان قد آن لأن تستقل الثقافة في وزارة خاصة ترعى المؤسسات الثقافية وتشرف على العمل الثقافي وتدعم ثقافة الوطن، « وذلك لأن الثقافة هي الخيار الذي تراهن عليه كل أمة تسعى للنهضة والتقدم « . و يؤكّد أنّ المملكة تعيش حراكا ثقافيا حيا، إضافة إلى أن الوطن يزخر بتراث حضاري عريق و كبير. ويجب أن تقوم المؤسسات الثقافية ومنظمات المجتمع المدني بدورها المتمثل بتعريف الأجيال بهذا التراث الأصيل، لأن ذلك يساعد في غرس الروح الوطنية لدى النشء والشباب. « ولكي تؤدي هذا الدور تحتاج إلى اهتمام ودعم» . ويضيف السويلم: المؤسسات الثقافية لا تزال تعيش في هامش اهتمامات الوزارة ، حتى أن دعم الوزارة للأندية الأدبية مثلا لم يتغير منذ أن كانت تابعة للرئاسة العامة لرعاية الشباب. ويستغرب السويلم من ميزانية الأندية: أن ميزانية الأندية الأدبية مليون ريال حينما كانت تابعة للرئاسة، وكانت ميزانية الدولة في ذلك الوقت في حدود سبعين مليارا. والآن بلغت ميزانية الدولة سبعمائة مليار، ولا يزال الدعم هو لم يتغير. ويختم السويلم: إن الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية أنيط بها وظائف متعددة، وحتى تؤدي دورها بمستوى كبير أؤكد على أهمية وجود وزارة للثقافة، ولا بأس أن يلحق بها الآثار وتكون بمسمى وزارة الثقافة والآثار. إضافة إلى أن ارتباط الثقافة بالإعلام سوف يضيق هامش الحرية، و هي الرئة التي تتنفس بها الثقافة. فإذا كان الإعلام رضخ لمعايير وقيود، فإن الثقافة لا يمكن أن تقبل بالقيود إلا إذا كانت ثقافة موجهة. الرياضة والإعلام طغيا على الثقافة فيما يرى محمد إبراهيم يعقوب رئيس نادي جازان الأدبي: إن مسألة فصل الثقافة عن الإعلام طرحت في أكثر من ملتقى ثقافي أو إعلامي ليس آخرها لقاء الحوار الوطني الذي استضافته حائل، ولن يكون الأخير ولكن الطرح لم يعد أن يكون تساؤلاً أو حتى رغبة لم تطرح المسألة كرؤية تتبناها الوزارة ويشارك فيها المثقفون تضع في حسابها الإمكانية والنتائج لقد ظلت الثقافة زمناً تحت مظلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب والآن هي تحت مظلة وزارة الثقافة والإعلام. ويضيف يعقوب « لقد طغت الرياضة في الأولى والإعلام في الثانية، كل ذلك على حساب الاهتمام المباشر بالثقافة ذاتها على اختلاف التجربتين الأطروحات كثيرة، فمن وزارة إلى مجلس أعلى للثقافة، ومن أندية أدبية إلى مراكز ثقافية ومن جمعيات إلى انتخابات ولم يُلمّ هذا الشتات بعد تحت مظلة واحدة لها أهداف واضحة ورؤية واضحة ولا زلنا نأمل».