الماء وطن أجيالنا القادمة. لهم علينا واجبات وحقوق. حاضرنا سيكون ماضيهم. هل سيكون حكمهم إدانة؟! هل يزيد ذلك قلقنا على مستقبل المياه في بلادنا؟! متى يصبح الماء لدينا هاجس وجود؟! لماذا بررنا لأنفسنا أعذبة مياه البحر؟! لماذا نشرنا محطاتها على بحارنا وهي ذات عمر افتراضي وبتكاليف باهظة؟! هل على كل جيل أن يعيد تجديدها والتوسع في إقامة محطاتها؟! ■■ أتفهم استمرار أبحاث تطوير تقنيات الأعذبة، لكن لن أقتنع بأسباب التوسع في محطاتها في ظل إهدارنا المياه الجوفية. التحلية تكاليف مالية مستمرة، محاذيرها مقلقة. لماذا حققنا الرقم الأول في الإنتاج عالميا؟! خيار التحلية يثير قلقي، في ظل توفر المياه الجوفية واستنزافها واهدارها بشكل عبثي. ما نستنزفه سنويا يزيد عن حصة السودان السنوية من مياه نهر النيل بمراحل عالية. ■■ خلال الخمس السنوات القادمة، يقولون بحاجتنا لاستثمار (200) مليار ريال لإنتاج المياه المحلاة. الإنفاق الهائل يثير التساؤلات. كيف سنوفر الأموال مع معرفتنا بأن الطلب على المياه يزيد على (5) بالمئة سنويا؟! نمارس استنزاف المياه الجوفية بشكل جائر على زراعات عشوائية، وعلى أخرى غير ضرورية. الحقيقة تكفي كمؤشر للتعقل في استعمال مياهنا الجوفية. الحفاظ على مياهنا الجوفية ضرورة وطنية لصالح أجيالنا القادمة. [التقارير العالمية تشير الى أزمة مياه عند العرب. يتكرر ذلك مع كل تقرير سنوي. هذه التقارير أكثر قلقا واهتماما من العرب على مياههم]. (تغريدة) كتبتها على (تويتر) في (23/10/ 2014)، لا تزال تصف الواقع. ■■ العقل أداة إدانة. أيضا قوة التدبر والتأمل والتفكير والابداع أداة إدانة. القفز فوق المحاذير تهور. تخطي المحاذير اقتحام لمهاوي الردى. الإنسان رسالة ومسئولية. الحضارة نتاج إتقان حمل الأمانة وتنفيذها. الحضارة عقل قبل كل شيء. الحضارة بناء وتعمير، ليست إفسادا في البيئة. ليست استنزافا لقدراتها ومواردها، ليست إخلالا بتوازناتها. هل علينا أن نهدر الماء الذي نملك، ثم نسعى لتعويضه بأغلى الأسعار؟! ■■ ماذا نسمي سوء استغلال مياه خزاناتنا الاستراتيجية بنوعيها المتجدد وغير المتجدد؟! مؤشرات الإدانة والتقصير وعدم المبالاة تتعاظم. هناك من يعتقد أنه يبني وهو يهدم. هناك من يجفف منابع الماء معتقدا أنه ينجز. البيئة التي تنهار وتخر صريعة من جور أفعال الإنسان ونشاطاته ستكون يوما بيئة طاردة لهذا الإنسان. ■■ الزراعات التي توقفت بمناطق خزانات مياهنا الجوفية غير المتجددة، تنبئ بخطورة أكبر مما نتخيل. أيضا الوضع البيئي المتدهور بجبال السراة المطيرة، يطيح بكل ادعاء يفيد بالاهتمام. هذا موت ملايين شجر العرعر خير دليل. واقع بيئة شجر العرعر يؤكد أن الكثير مما يتحدثون عنه من جهود في السنوات الماضية، لا يتعدى كونه حبرا على ورق. هل نعيش حالة غفلة؟! ■■ هناك عقليات تعيش حالة استكبار. في وجود المشكلة تنفي وجودها. نتفاجأ بما يشبه البيانات الجاهزة تغالط وتنفي وتبرر. ذلك يحدث مع إثارة أي مشكلة وتقصير ونتائج سلبية. في أحد الاجتماعات حول مطالبتي إنقاذ شجر العرعر من الموت، وجدت عقولا تغالط. عقولا لا تعترف بموت غابات شجر العرعر. هذه العقول تحرف الكلام الى قولهم: ضغوط تتعرض لها أشجار العرعر. شتان بين الموت والضغوط. ■■ في أمر المياه والبيئة والزراعة، مرحلة التصحيح ضرورة قصوى. نحن بحاجة لتضافر جهود عالية الهمة والطموحات. جهود مؤمنة بقضية ندرة مياهنا. مؤمنة بأن موارد مياهنا الطبيعية محدودة. حاجتنا تتعاظم لترجمة القلق الى حل مبني على استراتيجية ترسم خططا وبرامج نافعة. إنقاذ شجر العرعر من الموت في مناطقنا المطيرة، بجانب حماية مياهنا الجوفية من النضوب، مسئولية أجيال الحاضر. مسئولية تتعاظم خطورتها على الأجيال القادمة.