ليس أمامنا إلا أن نؤمن بأن التطوعَ من أهم مولدات النمو والارتقاء بأي مجتمعٍ وأي أمة. وليس أمامنا إلا أن نؤمن بأن المتطوعين الحقيقيين هم محبون للإنسانية، أولئك المتطوعون الذين يقومون بالأعمال التطوعية بدافعٍ واندفاع ذاتي من أجل تحسين ظرفٍ أو مكانٍ أو موضوعٍ من أجل النفع العام في أي مجال. لذلك فالعمل التطوعي عملٌ يؤدِّي للتواؤم والصداقة والسلام. المتطوعون هم قلوب تعمل قبل كل شيء، ثم تأتي العقول والعضلات والطاقة، وهذا الذي يجعل المتطوعين فئة بذاتها في بلدانها وفي خارج بلدانها. ورغم أي ظرف جغرافي أو سياسي تشتد العلاقاتُ القوية والجميلة بين المتطوعين، حتى أنها تلطف جو السياسة المشحون بهذه الروابط القلبية بين مئات الآلاف من المتطوعين في كل العالم. لذا فإنك لا تعجب أن يكون هناك جماعة تطوعية عالمية كأطباء بلا حدود، والسلام الأخضر يجولون العالم لعلاج الناس في كل الأرض ويحمون بيئة الكوكب، وفيهم خليط أجناس وألوان من كل ركن في المعمورة. كنا نحلم دوما في العمل التطوعي أن يخرج قويًا متماسكًا صلبًا راسخًا ومتوسعًا، ويحمل طبيعته المستقلة في عمله وإدارته؛ لأن لقيمَ التطوع ثلاثة: اللقيم الأول، المرونة أو الرشاقة. الثاني سرعة ردود الأفعال، الثالث الابتكار. وكلها لا تكون إلا بالتحرر من القالب الإداري الضيق، وثقل مجرى القرار. ورأيتُ الحلم يتحقق قبل الأمس السابع والعشرين من مارس الجاري في جلسةٍ ضمت قياداتِ العمل التطوعي في دول مجلس التعاون بمبناها الرئيس بالرياض، وبإدارة حبيبنا وصديقنا د. عادل الزياني. وكانت البادرة «الماسيّة» من مسؤولي المجلس هي تلك النظرة الصائبة في أنه قد آن وقت العمل على مشروع أو برنامج مهم للعمل التطوعي الخليجي المشترك. يعني أن شمسًا تطوعية ستشرق على كامل الخليج من الكويت شمالا حتى عمان جنوبا، وهنا أهم عنصر أريد أن أركز عليه اليوم وهو عنصر القلوب.. لأنه سيأتي بعده العمل والابتكار. لأن شعب الخليج إخوة وتمر فوقهم سُحبٌ رمادية عابرة، ولكنها تنقشع بسرعة لما تشرق شمس المحبة التطوعية. فالمحبةُ هي من نسيج التطوع ولا تنفصم عنه. وليتكم رأيتم كيف سادت المحبة بيننا في لحظات، وتجاذبنا لبعضنا بوهلات، في ذاك الاجتماع البديع الذي تحولت به القاعة إلى شكل قلب. أو أنّ هذا ما خُيِّل إلي!