في مجتمعنا أناس عجيبون غريبون يمشون على أرضنا ويستظلون بسمائنا، فالظاهر شخص بينما الحقيقة مجموعة أشخاص في شخص، وكل شخص من هؤلاء الأشخاص مختلف بصورة كبيرة عن باقي الشخصيات، ما يجعلهم في صراع نفسي كبير، وقد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. ولمن يرى في هذا الكلام مبالغة، أقدم نماذج من هذه الشخصيات وسيجد أنها موجودة حواليه، بما لا تخطئه عين البصير حتى ولو اختفت هذه الشخصيات المريضة، وأنكرت كما هي عادتها. من شخصيات الاثنين في واحد: * ذلك الذي يملأ الأوراق والفضاء والمجالس صياحا وضجيجاً بالهجوم على البيروقراطية القاتلة للابداع، فإذا تولى مسؤولية كان أنموذجاً حياً لما كان ينتقده بالصوت والصورة، والمشكلة بعد التقاعد تجده لا يمل من انتقاد ما كان يفعله أيام عمله! * الموظف الذي يطبق اللوائح والأنظمة بحذافيرها عندما يكون المراجع شخصاً لا يعرفه، ولكنه يتحول إلى موظف آخر مختلف تمام الاختلاف عندما يجمعه بالمراجع جد من أجداده! * المربي العظيم للمجتمع، والذي لا يفتر عن انتقاد الآخرين والسعي لتعديل أخطاء أساليبهم التربوية، بينما إذا نظرت لحال أولاده لا يمكن إلا أن تقول: الله المستعان! * في الأسواق والأماكن العامة، لا تراه إلا قابضاً على يد شريكة حياته، كطائرين جميلين من طيور الكناري، فإذا دخل البيت التهم طائر الكناري وتحول إلى كائن مفترس! * والآخر صالح مصلح للمجتمع، بينما جلسات دعوى النفقة بينه وبين زوجته دائرة في المحكمة! * إذا جاء الضيوف تحول البيت إلى جنة فيما يقدم، وفِي أساليب التعامل، فإذا خرج آخر فرد ظهرت الصحون البلاستيكية، ونصبت المنصات لإطلاق الأحذية ومعها جمع من الدعوات والكلمات الخارجة. * كريم معطاء لا تتوقف موائده ليلاً ونهاراً، بينما من أقرضه قرضاً حسناً ينتظره من سنوات ولم ير ريالاً واحداً من هذا الكرم الحاتمي! باختصار: ما أكثر اثنان في واحد! واثنتان في واحدة! وسيتزايدون إذا كنا سنستمر في الاهتمام بالمظهر أكثر من الجوهر، وتغيب كلمة الحق بتراجع العقلاء ليعطوا مكانهم للأقل عقلاً!