الاتجاه للحكومة الإلكترونية وتطبيقات الوسائط التقنية في تقديم الخدمات سلوك حضاري متقدم يفترض معه تهيئة كل البنيات التحتية التي تؤسس لتلك الحكومة في جميع دوائر الخدمات التي تخص المراجعين، لأن لذلك الكثير من المكاسب على أصعدة الوقت والجهد والمرونة ودقة الأداء، إذ يمكن لأي شخص إنهاء معاملاته من خلال هاتفه الذكي أو الحاسب في المنزل أو العمل أو أي مكان. أمانة المنطقة الشرقية خطت الخطوة التاريخية التي تضعها في مسار المستقبل التقني والخدمي بإطلاقها أخيرا حزمة من الخدمات التفاعلية عبر البوابة الإلكترونية بهدف التيسير على المستفيدين وخدمتهم الكترونيا، وهي ترفع شعار «معا.. للتحول إلى الأمانة الرقمية» أي أننا كمواطنين، مطالبون بأن نشد على هذا التطور وننشر المعلومات عنه ليعرفها (القاصي والداني) كما يقال؛ لأن تعريف الناس به يمثل الدور الأهم والأكبر في نشره والتعامل معه بما يحقق الطموح للحصول على مزيد من الخدمات الإلكترونية التي ستصبح عن قريب منهج إنجاز الخدمات والمراجعات بأقل الجهد والتكاليف. استجابة أمانة المنطقة لتحديات التطور التقني أجدها ذكية للغاية، ومتناغمة مع (رؤية السعودية 2030) وهي محصلة مؤكدة لكثير من الدراسات لواقع الحركة الخدمية والبلدية، وستزيد بلا شك من جودة الأداء لأن الربط الإلكتروني تفاعلي بحيث تحصل على ردود الأفعال بصورة مستمرة وفورية، بما يجعلها ترصد الإخفاقات وتحافظ على الإيجابيات وتطورها، وهي طريقة علمية للوصول إلى الحقيقة، حيث إن العلم يتخذ التجربة (Experience) والاستقراء (Induction)، لذلك فإن دخول الأمانة هذه المنظومة التقنية يعتبر كسبا كبيرا لنا كمواطنين لدينا ارتباطات قوية بأعمال وأنشطة الأمانة، وهي تجربة ستنجح بإذن الله؛ لأن الخدمات البلدية تمس نظام الحياة لجميع أهالي المنطقة، ومن الضروري أن يجدوا مسارا تفاعليا مباشرا مع الأمانة ومسؤوليها وموظفيها دون التردد على مكاتب الخدمات والدخول في دوامة من الأعمال البيروقراطية. أمين أمانة المنطقة الشرقية المهندس فهد بن محمد الجبير ورجال الأمانة في المنطقة الشرقية قادوا هذا الاتجاه الذي يعتبر رصيدا للأمانة، لأنهم يؤمنون بالتطور والتطوير وأن ثورة الاتصالات والمعلومات لن تستثني أحدا، وقد قال الجبير في ذلك بما يوضح استراتيجية العمل الجديدة: (تدشين موقع أمانة المنطقة الشرقية على شبكة الإنترنت يعد خطوة في طريق التوجه الصحيح للأخذ بأسباب التقدم)، ومعه أيضا نشدد على الخدمات المتعاظمة التي تتحقق بتطبيق هذه الإجراءات الجديدة من حيث تقديم الخدمات وتسهيل حصول المواطن والمقيم على المعلومات اللازمة لتعاملاته المباشرة مع الأمانة وإنهائها بسهولة ويسر، وذلك أيضا في إطار الإيقاع السريع للحياة واستثمار الوقت بصورة أكثر تنظيما، وهذه القفزة من أمانة المنطقة الشرقية، تحاكي ما قاله العلامة ابن خلدون الذي اعتبر التطوّر سنّة الحياة، وقال: (إنّ أحوال العالم والأمم وعوائدهم ونحلهم، لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقرّ، وإنّما هو اختلاف على الأيام والأزمنة وانتقال من حال إلى حال). المنطقة الشرقية تضم جميع تصنيفات المدن التي هي: (المدن الكبرى) التي يزيد عدد سكانها على مليون نسمة، و(المدن المتوسطة) التي يقل عدد سكانها عن مليون نسمة ويزيد على مائة ألف نسمة، و(المدن الصغيرة) التي يقل عدد سكانها عن مائة ألف نسمة ويزيد على خمسة آلاف نسمة، وهنا تأتي أهمية تعاون الأمانة مع أحد المتخصصين في (علم الاجتماع الحضري) للاستفادة من الكم الهائل من المعلومات التي سترد إليها عبر بوابتها الالكترونية، من أجل تنمية المجتمع باستخدام التحليل الإحصائي، فعلم الاجتماع الحضري يعتبر أحد فروع علم الاجتماع العام، وهو يهتم بدراسة المدن وسكانها من جميع النواحي، وكذلك الاستعانة بأحد خبراء (علم المعلومات) الذي يتعامل مع خواص وتركيب المعلومات وأساليب تنظيمها وتدفقها ونقلها وتخزينها واسترجاعها وتوزيعها وتقويمها والاستفادة منها الى اقصى حد ممكن في المشاريع المستقبلية. نأمل ألا تتوقف تجربة الأمانة عند إطلاق البوابة الرقمية، وإنما متابعة فاعليتها وضمان كفاءتها التقنية، وتطويرها من واقع مقترحات المواطنين واحتياجاتهم، فهي تمثل جهة لها نفوذها الخدمي لدى المجتمع، ويجب أن تنجح التجربة ؛ لأنه ليست من خيارات أخرى غير أن تنجح، فكما ذكرت فإن الثورة المعلوماتية ماضية ومن الأهمية ملاحقتها واستيعاب متطلباتها، ويمكن للأمانة أن تضيف الى مكاسبها الكثير كلما تعاملت مع ردود الأفعال بإيجابية وموضوعية، فالهدف النهائي تقديم خدمات ضرورية بكل دقة وإتقان وسرعة في الإنجاز، وذلك ليس صعبا إن حرصت الأمانة على كفاءة البوابة، فالتجربة لا تمثلها وحدها وحسب وإنما كل دائرة خدمية ذات ارتباط واسع بالمراجعين، فالهدف النهائي الحصول على حكومة إلكترونية كفؤة ومتجانسة ومتنافسة في تقديم الأفضل للمواطنين.