استمراراً لتشجير الأحياء السكنية.. «عرقة» يتزين ب«الرياض الخضراء»    مصر تأسف لعدم منح عضوية كاملة للفلسطينيين في الأمم المتحدة    مقتل قائد الجيش الكيني و9 ضباط في تحطم مروحية عسكرية    الاحمدي يكتب.. العمادة الرياضية.. وحداوية    مجلس جامعة جازان يعيد نظام الفصلين الدراسيين من العام القادم    سلطان البازعي:"الأوبرا" تمثل مرحلة جديدة للثقافة السعودية    استمطار السحب: استهداف ست مناطق عبر 415 رحلة    تَضاعُف حجم الاستثمار في الشركات الناشئة 21 مرة    أمير الرياض يعتمد أسماء الفائزين بجائزة فيصل بن بندر للتميز والإبداع    السلطة الفلسطينية تندد بالفيتو الأميركي    الدمّاع والصحون الوساع    المستقبل سعودي    التعاون يتعادل إيجابياً مع الخليج في دوري روشن    أتالانتا يطيح بليفربول من الدوري الأوروبي    الرباط الصليبي ينهي موسم أبو جبل    الإصابة تغيب كويلار أربعة أسابيع    فيصل بن تركي وأيام النصر    الجامعات وتأهيل المحامين لسوق العمل    اليحيى يتفقد سير العمل بجوازات مطار البحر الأحمر الدولي    استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة من يوم غدٍ الجمعة حتى الثلاثاء المقبل    وفاة شقيقة علي إدريس المحنشي    التوسع في المدن الذكية السعودية    إسرائيل.. ورقة شعبوية !    في حب مكة !    المرور يحذر من التعامل مع أيّ روابط ومكالمات ومواقع تزعم التخفيض    "سلمان للإغاثة" يوقع اتفاقية تعاون لدعم علاج سوء التغذية في اليمن    الفتح يفوز بثلاثية على الرائد    أمير الرياض يستقبل مدير التعليم    سعود بن جلوي يطلع على استراتيجية فنون جدة    المفتي العام ونائبه يتسلّمان تقرير فرع عسير    الدفاع المدني يحذر مع استمرار هطول الأمطار يوم غدٍ الجمعة حتى الثلاثاء المقبل    إنطلاق مؤتمر التطورات والابتكارات في المختبرات.. الثلاثاء    السجن 5 سنوات وغرامة 150 ألفاً لمتحرش    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من ملك البحرين    الرويلي ورئيس أركان الدفاع الإيطالي يبحثان علاقات التعاون الدفاعي والعسكري    شركة تطوير المربع الجديد تبرز التزامها بالابتكار والاستدامة في مؤتمر AACE بالرياض    نائب أمير الرياض يقدم تعازيه ومواساته في وفاة عبدالله ابن جريس    الجمعية السعودية لطب الأورام الإشعاعي تطلق مؤتمرها لمناقشة التطورات العلاجية    أمير الشرقية يرعى حفل افتتاح معرض برنامج آمن للتوعية بالأمن السيبراني الأحد القادم    سمو محافظ الطائف يستقبل مدير الدفاع المدني بالمحافظة المعين حديثا    سعودي ضمن المحكمين لجوائز الويبو العالمية للمنظمة العالمية للملكية الفكرية    وصفات قرنفل سحرية تساعد بإنقاص الوزن    "فنّ العمارة" شاهد على التطوُّر الحضاري بالباحة    الضويان تُجسّد مسيرة المرأة السعودية ب"بينالي البندقية"    الأمطار تزيد من خطر دخول المستشفى بسبب الربو بنسبة 11%    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    تحت رعاية خادم الحرمين.. المملكة تستضيف اجتماعات مجموعة البنك الإسلامي    5 فوائد مذهلة لبذور البطيخ    رئيس الشورى بحث تعزيز العلاقات.. تقدير أردني للمواقف السعودية الداعمة    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. انطلاق مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية في صفر    10 آلاف امرأة ضحية قصف الاحتلال لغزة    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    السديس يكرم مدير عام "الإخبارية"    شقة الزوجية !    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    جهود القيادة سهّلت للمعتمرين أداء مناسكهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القارئ الموديل
نشر في اليوم يوم 27 - 10 - 2016

التطور الطبيعي لأي كائن مغرم بالقراءة أن يتحول بفعل الاهتمام ومراكمة المطالعة إلى قارئ نوعي. وقد يزداد ولعه بالكتب فينتقل إلى ضفة الكاتب. حيث يجعل من خزينه القرائي زادا لكتاباته. وهو أمر مقبول ومستوعب. بل محبذ أحيانا. أما أن يتحول لأسباب غير مفهومة إلى شبه كاتب ثم ينزاح إلى خانة الموديل العارض للماركات التجارية فتلك معضلة تضع أطنانا من علامات الاستفهام على رأس القراء الجدد. وهذه الملاحظة ليست مستنبتة من الأوهام أو المبالغات، بل هي حقيقة ماثلة في المشهد الحياتي اليوم. إذ لا تشكل الكتب بالنسبة للقارئ/ القارئ الموديل إلا حالة استعراضية ومكملات اكسسوارية لشخصيته.
تقول الحكاية العربية إن الجاحظ، قد توفي إثر سقوط مجموعة من الكتب عليه من أرفف مكتبته. ويومها لم تكن هنالك أي وسيلة من وسائل الميديا لتخليد الحدث. إذ لم تلتقط للقارئ الكبير أي صورة تذكارية مع الكتاب إلى جانب فنجان القهوة أو في لحظة استغراق قرائي. إلا أن أثره كقارئ وكمُلهم ما زال قائما وفاعلا إلى اليوم. إذ لم تكن كتبه مجرد ديكور لسد مركبات النقص في شخصيته. بقدر ما كانت جزءا من تكوينه ومن هويته. بمعنى أنه كان مثالا للقارئ الجاد، ولم يتحول بأي شكل من الأشكال إلى صورة استعراضية فجة لفعل القراءة، كما يمارسها اليوم مشاهير الميديا.
ما يحرض نجوم القراءة المزيفين اليوم على احتضان الكتب يكمن في كون الكتاب أداة نظيفة وراقية صالحة للاستعراض. كما أنها- أي الكتب- لا تكلف الموديل أكثر من التقاط متوالية من الصور الدالة على حب القراءة. وهذا الشكل الكرنفالي الزائف له أرضيته التي يتمدد فيها. حيث معارض الكتاب المستمرة طوال العام. ومناسبات توقيع الكتب التي صارت أشبه بحفلات السهرة. والأهم أن من يستخدم الكتاب لتصعيد صورته على الملأ لن يتم اختباره فيه. إذ لا توجد لحظة استحقاق لاختبار مفاعيل القراءة. ولا يحق لأحد أن يسأل هذا الذي يقدم نفسه كقارئ عن محتوى الكتب وأثرها. لأن المهم هو قدرة هذا الموديل على إقناع الجمهور بأنه عاشق للقراءة.
إن مجرد قبول قارئ بكتابة تغريدة في تويتر كإعلان مدفوع عن منتج تجاري يشكل إساءة صادمة لفعل القراءة. لأن ذلك الاستسلام لسطوة الاعلان التجاري هو بمثابة التخلي عن الذات القارئة لصالح ذات نفعية انتهازية، لم تكن القراءة بالنسبة لها في يوم من الأيام سوى وسيلة للصعود الاجتماعي. أما عندما يظهر قارئ في إعلان تجاري صريح لماركة تجارية اتكاء على شعبيته كقارئ فهذا لا يشكل خيانة لمفهوم القراءة وحسب، بل للجمهور الذي صدق مزاعم هذا القارئ الطارئ على فعل القراءة. لأنه في هذه الحالة استثمر وجوده بين القراء وتخلى عنهم بمجرد أن لاحت له فرصة ربحية. في الوقت الذي استخدم فيه قراءه كمعجبين مستتبعين بالضرورة بالمادة الاعلانية.
بالنسبة لنجوم الميديا يشكل الحديث عن القراءة كفعل جاد حالة مضجرة وعديمة الجدوى. لأنهم لا يعانقون أفكار الكتب بقدر ما يتمسحون بمشاهير الكُتاب، وبقدر ما يلهثون وراء المنصات والمناسبات التي ترفع من منسوب نجوميتهم. كما أنهم باتوا يترافعون عن حقهم في النجومية والشهرة. وأنهم لا يقلون أهمية عن نجوم السينما والرياضة. وبالتالي يحق لهم استثمار نجوميتهم. والتأثير في توجهات الرأي العام من خلال الصور المصنوعة عن أنفسهم كقراء. أي ككائنات ناجحة وملهمة ومعافاة من التعب والجهد والنزق والقلق الذي تسببه القراءة. أي أنهم من أولئك الناجين من الوعي الشقي الذي تكون القراءة أحد أسبابه.
القارئ الموديل عادة أنيق ورشيق. ترتسم على وجهه ابتسامة الرضا والنجاح والسعادة. يلبس أفخر الملابس والماركات. ويرتاد أرقى المطاعم والمقاهي. أو هكذا صار يستعرض نفسه في مواقع التواصل الاجتماعي. وهي صورة مناقضة تماما لما كانت عليه صورة القارئ في الماضي. القارئ الذي كان يقتطع من مصروفه ومصروف عائلته ما يمكنه من شراء الكتب. القارئ الذي تبدو عليه علامات التفكير بسبب ما ازدحم به عقله ووجدانه من أفكار. القارئ الذي يحب أن يجادل ليبلور ما قرأه. وبالتأكيد ليس المطلوب أن يكون القارئ على درجة من التعاسة. ولكن على الأقل أن يظهر أثر القراءة على شيء من شخصيته أو سلوكه ليقنع القراء بأنه بالفعل قد تجاوز غلاف الكتاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.