فيصل بن بندر يؤدي الصلاة على عبدالرحمن بن معمر ويستقبل مجلس جمعية كبار السن    دولة ملهمة    نائب أمير مكة يطلع على تمويلات التنمية الاجتماعية    الإبراهيم: المملكة منصة عالمية للنقاش والابتكار والأعمال    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. اجتماعات البنك الإسلامي تناقش تعزيز النمو الاقتصادي    منتدى الرياض يناقش الاستدامة.. السعودية تتفوق في الأمن المائي رغم الندرة    وزير الإعلام يبحث التعاون مع أرمينيا    رابطة العالم الإسلامي تُعرِب عن بالغ قلقها جرّاء تصاعد التوترات العسكرية في شمال دارفور    اللجنة الوزارية العربية تبحث تنفيذ حل الدولتين    " ميلانو" تعتزم حظر البيتزا بعد منتصف الليل    الاحتلال يسعى لسرقة مقدرات الشعب الفلسطيني    وزير الخارجية يبحث مستجدات غزة    في افتتاح الجولة ال 30 من دوري" يلو".. العربي يصطدم ب" أحد".. والفيصلي يلاقي العين    النصر والنهضة والعدالة أبطال الجولة الماسية للمبارزة    استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    آل طيب وآل ولي يحتفلون بزفاف أحمد    اللواء الزهراني يحتفل بزفاف نجله صلاح الدين    منصور يحتفل بزواجه في الدمام    ديوانية الراجحي الثقافيه تستعرض التراث العريق للمملكة    النقد وعصبية المسؤول    مهنة مستباحة    فئران ذكية مثل البشر    إستشاري يدعو للتفاعل مع حملة «التطعيم التنفسي»    سيدات الأهلي يحصدن كأس بطولة السباحة    د. اليامي: إهتمام القيادة بتنمية مهارات الشباب يخفض معدل البطالة    شيف يحول الأكلات العالمية إلى شعبية    غزة.. النزف مستمر والمجاعة وشيكة    %47 من الذكور تلقوا العلاج على نفقة وزارة الصحة    منجزات البلدية خلال الربع الأول بحاضرة الدمام    تعليق الدراسة اليوم الاثنين بالمدينة المنورة    محمية الإمام عبدالعزيز تشارك في معرض أسبوع البيئة    الفضلي: يدعو إلى تعزيز الشراكة المجتمعية لحماية البيئة    ميتروفيتش ومالكوم يشاركان في التدريبات    جامعة «نورة» تفتتح منافسات الدورة الرياضية لطالبات الجامعات الخليجية    أمير المدينة المنورة يدشن مهرجان الثقافات والشعوب في دورته ال 12    اكتمال جاهزية كانتي.. وبنزيما انتظار    شوبير: صلاح يقترب من الدوري السعودي    المصاعد تقصر العمر والسلالم بديلا أفضل    أمير الرياض يؤدي الصلاة على عبدالرحمن بن معمر    جائزة الأميرة صيتة تُعلن أسماء الفائزين بجائزة المواطنة المسؤولة    صحن طائر بسماء نيويورك    أول صورة للحطام الفضائي في العالم    سعود بن بندر يستقبل أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    ذكاء اصطناعي يتنبأ بخصائص النبات    تطبيق علمي لعبارة أنا وأنت واحد    أسير فلسطيني يفوز بالبوكر عن «قناع بلون السماء»    الوسطية والاعتدال أبرز قضايا مؤتمر "تعزيز قيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي"    ولي العهد يلتقي أمير الكويت ويستعرضان العلاقات الأخوية    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يستقبل الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الاجتماعية    أمير تبوك يواسي أبناء أحمد الغبان في وفاة والدهم    محافظ خميس مشيط يدشن مبادرة "حياة" في ثانوية الصديق بالمحافظة    أمطار تؤدي لجريان السيول بعدد من المناطق    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    وزير الدفاع يرعى تخريج الدفعة (82) حربية    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    المسلسل    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يؤسس ل «فوضى عالمية».. «قانون جاستا».. إخضاع «الدولة» ل «هوى الأفراد»
نشر في اليوم يوم 12 - 09 - 2016

يؤسِّس إقرار الكونجرس الأمريكي، بشقيه الشيوخ والنواب، ل «قانون تطبيق العدالة على داعمي الإرهاب»، المعروف ب «قانون جاستا» (Justice Against Sponsors of Terrorism Act-JASTA)، لمقاربة جديدة في القواعد الناظمة للعلاقات الدولية، ويعود بالدولة، التي تعتبر الهيكل التنظيمي الأكثر تطورًا للتجمعات الإنسانية في التاريخ البشري، إلى «نموذج بدائي»، يرتهن بشكل رئيسي ب «هوى» الأفراد والحكومات.
ويحمل «جاستا»، الذي ما زال بانتظار توقيع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ليدخل حيز التطبيق، مضامين سياسية وقانونية، تتجاوز الدارج في التقارير الإعلامية، التي نظرت إليه من زاوية تهيئته للأرضية التشريعية اللازمة لمقاضاة المملكة العربية السعودية على «مزاعم» تتعلق ب «أحداث 11 سبتمبر 2001».
مبدئيًّا، القانون – الذي جاء في 21 صفحة من القطْع المتوسط – لا يحمل بين طياته ذِكرًا لاسم المملكة، وقد خصص لتمكين الأفراد الأمريكيين من رفع دعاوى أمام المحاكم الأمريكية لمقاضاة دول «ضالعة بالأعمال الإرهابية»، وذلك لتجاوز سياق قانوني آخر، مستقر في التشريع الأمريكي منذ عام 1976، ويمنح الدول حصانة أمام المحاكم باستثناء تلك الضالعة في الإرهاب، كإيران وكوريا الشمالية.
لوبيات إسرائيل وإيران
ضرورة «قانون جاستا»، من وجهة نظر المشرّع الأمريكي، جاءت في أعقاب إخضاع الإدارة الأمريكية، بقيادة الرئيس السابق جورج بوش، ل «28 صفحة» من «تقرير التحقيق» في هجمات 11 سبتمبر لقانون سرية الوثائق الحكومية.
آنذاك، وتحديدًا عام 2002، تذرّعت الإدارة الأمريكية بأن إعلان مضمون ال «28 صفحة» سيضعف قدرة الولايات المتحدة على جمع معلومات استخباراتية عن المشتبه بتورطهم في عمليات إرهابية، وهو النهج الذي سارت عليه إدارة أوباما لاحقًا، وصولًا إلى مأزقها ب «مشروع قانون جاستا».
الإعلان عن «مشروع قانون جاستا»، الذي تبنّاه سيناتوران اثنان، الجمهوري جون كورنين والديموقراطي تشاك شومر، جرى حرف مساره، بفعل عدد من لوبيات المصالح الموالية لإسرائيل وإيران، عن الغاية الرئيسية لمشروع القانون، ليزجّ باسم المملكة في الجدل الدائر أمريكيًّا ودوليًّا، وهو ما استدعى وقفة دبلوماسية سعودية قوية.
«الدبلوماسية السعودية»، ممثلة بوزير الخارجية عادل الجبير، قادت قتالًا شرسًا وناجحًا في آن، ليس لمواجهة «قانون جاستا»، بل لغايتين اثنتين:
الأولى: التصدي لسيل التقارير الإعلامية الغربية، التي يقف وراءها خصوم المملكة وحلفاؤهم، والمبنية على «مزاعم لا أصل لها»، وتسعى إلى إيجاد رابط - من أي نوع - بين المملكة وهجمات سبتمبر، وهي تقارير تكهّنت بوجود ذلك الرابط في ال «28 صفحة السرية».
الثانية: الضغط لإعلان مضمون ال «28 صفحة»، وكشفها للرأي العام العالمي، الذي لا شك في أنه سيصدم «ضحايا هجمات سبتمبر» قبل غيرهم، ويكشف حقيقة الأطراف والدول المتورطة في العمل الإرهابي الضخم، وهو ما بقيت الإدارة الأمريكية عاجزة دونه.
في مواجهة «الدبلوماسية السعودية»، وعلى وقع تهديدها ب «سحب استثمارات المملكة في أمريكا»، المقدّرة ب «750 مليار دولار»، وتأثيرات خطوة كهذه ليس على الاقتصاد الأمريكي فقط، بل على الاقتصاد العالمي، سارعت «لجنة التحقيق في الهجمات»، منتصف يوليو الماضي، إلى نفي أي صلة للمملكة بالهجمات.
وقالت لجنتا الاستخبارات بمجلسي الشيوخ والنواب، في «إعلان يوليو»، الذي رفع السرية عن «جزء» من «ال 28 صفحة»، إن «وكالات الاستخبارات الأمريكية لم تتمكّن من أن تثبت وجود صلات بين السلطات السعودية ومنفذي تلك الهجمات»، وأنها «تستبعد تورط جهات حكومية سعودية في تمويل تنظيم القاعدة».
إعلان يوليو يسقط «جاستا»
«إعلان يوليو» يسقط عمليًّا وقانونيًّا القدرة على توظيف «قانون جاستا» ضد المملكة، خاصة مع إقرار المؤسسة التشريعية الأمريكية، ومن قبلها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بزيف الادعاء الموجّه إلى المملكة، وعدم توافر إمكانية تطبيق شرط الضلوع ب «الأعمال الإرهابية».
وفي كل الأحوال، فإن القانون ما زال في طور الإقرار، ورغم مروره من مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين إلا أن دخوله حيز التطبيق بحاجة لتوقيع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي أعلنت إدارته أنها ستعرقل القانون ب «الفيتو الرئاسي»، وهو ما يفتح الباب واسعًا أمام «صراع مؤسسي»، إذ يسمح القانون الأمريكي بتجاوز «الفيتو» بتصويت ثلثي أعضاء الكونجرس لصالح القانون.
ولكن، لِمَ هذه الجلبة حول «قانون جاستا»؟، فيما يبدو أن الأمر مرتبط بالعديد من الأطراف الدولية، لعل أقلها تلك التي لم يُكشَف النقاب بشأنها فيما يتعلق ب «ال 28 صفحة» من تقرير التحقيق بهجمات سبتمبر.
التكهّنات حول مضمون «ال 28 صفحة» تثير شبهات كثيرة حول عدد من الدول، التي يشكل بعضها حليفًا استراتيجيًّا للولايات المتحدة، كإسرائيل مثلًا، وكذلك الأمر بالنسبة لإيران، التي استضافت قادة تنظيم القاعدة على أراضيها، وربما تستضيف غيرهم أيضًا.
فوضى عالمية مرتقبة
في الجانب الآخر ل «قانون جاستا»، ثمة ما يستدعي القلق حيال «فوضى عالمية» مرتقبة، فالقانون يدفع إلى تآكل «حصانة الدولة» لصالح «هوى الأفراد»، ما يعني أن القواعد والأعراف الناظمة للعلاقات الدولية ستكون في مهب رياح القانون المثير للجدل، الذي لا شك في أنه سيدفع إلى بروز لاعبين دوليين جدد.
«الاستنساخ الوطني» ل «قانون جاستا»، حال دخوله حيز التطبيق، هو حق أصيل للدول عمومًا، ويصلح أن يصار إلى تشريعات وطنية مماثلة له، وهو ما يمكن أن يُشكّل «نصرًا وطنيًّا» خاصة في ظل «ديباجة القانون»، التي تنص على أن:
«القانون يهدف إلى تضييق نطاق الحصانة السيادية للدول الأجنبية عبر السماح لمحاكم الولايات المتحدة بالنظر في قضايا تتعلق بمطالبات ضد الدول الأجنبية (الأخرى) نتيجة لضرر ما ارتكبته هذه الدولة أو مسؤولوها، بما يشمل هذا الأعمال الإرهابية».
ما يعني بالضرورة أن «الأفراد» المتضررين من الأنشطة العسكرية لأي من الدول، حال تشريع دولهم لقوانين مماثلة، وعلى قاعدتي «المساواة بين الدول» و«التعامل بالمثل»، سيتمكّنون حتمًا من مقاضاة تلك الدول في محاكم محلية، ما يكرّس الفرد كفاعل في العلاقات الدولية.
المشرع الأمريكي، في تسويغه للقانون، اعتبر أن «الإرهاب الدولي مشكلة خطيرة وقاتلة تهدد المصالح الحيوية للولايات المتحدة»، بيد أنه لم يستطع معالجة الأثر القانوني الذي سيترتب على تمكين الأفراد من مقاضاة الدول في المحاكم الوطنية، واكتفى ب «النظرة الفوقية» التي يزعم أنها تميّز الأمريكي عمّن سواه، ودون أن يتنبه إلى مزاعم مماثلة لدى مختلف شعوب الأرض.
عقيدة الاعتدال
في عالم يضج بالصراعات والضحايا، ثمة خطورة بالغة من فرط «عقد الدولة» لصالح «الأفراد»، وسيدفع إلى تصاعد حالة التوتر بين الدول، في سياقَيها الإقليمي والدولي، وينذر بمزيد من «الفوضى» و«الانفلات الصراعي».
عقيدة الدولة السعودية، في حاضرها وماضيها، تعتبر منارة للاعتدال، يهتدي بها الإقليم والعالم، بينما إسهاماتها في محاربة الإرهاب واجتثاث جذوره واحدة من الأمثلة الريادية على المستوى الدولي، وهذا ما لا يمكن التشكيك فيه أو النيل منه، ولعل أحدث الأدلة ما تشهده مكة المكرمة - في هذه الأثناء من مؤتمر عالمي سنوي، تجتمع فيه الأجناس والأعراق والوطنيات كلها، وتعكس حقيقة هذا الاعتدال.
أما «قانون جاستا» الأمريكي فقد يشكل آنيًا - إزعاجًا للعديد من الدول، التي ستضطر إلى إرسال محامين للدفاع عنها أمام «الأفراد» في المحاكم الأمريكية، لكنه سيكون أكثر إقلاقًا للولايات المتحدة، فضحايا الحملات العسكرية الأمريكية، ابتداءً من الحرب العالمية ومرورًا بحروب فيتنام وأفغانستان والعراق وغيرها، سيجدون ملاذهم في قوانين محلية مستنسخة، وهذ ما ينسحب على دول أخرى أمعنت القتل كإيران وروسيا وإسرائيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.