* الزوجة / الأم تنتظر طفلتها في غرفة القياس ويبدو أن لها فترة في السوق، ولها عدد من البنات قد يتجاوز الأربع واستغلت الدقيقة في حديثها مع نفسها، حديث برائحة احتراق وطعم قلق ويعج بالأفكار منها هل بالإمكان تحريك موقع أحد العيدين، فنحن بالكاد انتهينا من لهاث الركض خلف البنات لشراء احتياجات شوال، والآن نركض من جديد لعيد الحج. هل يمكن أن تطول الأشهر بين العيدين. ألا نستطيع تحريك أحدهما لأول السنة والآخر لآخرها. ضحكت ثم أكملت حديثها متى يتزوجن، ليركضن مع ازواجهن واستكن لما تبقى من عمري. تقول بضحكة مكتومة (ودي أقول لبناتي كرهتوني بالعيد لكن أمنع نفسي). * في الزاوية الزوج / الأب يفكر ما أن انتهي من عيد الحج حتى يزمجر عيد المدرسة بطلباته، التي لن تنتهي حتى آخر أسبوع دراسي. أغلب قروضي استهلاكية، أسكن بمنزل بقرض، واركب سيارة بقرض، ولدي تمويل بقرض شخصي، ولم اعد استطيع دفع مصاريف استقدام خادمة فأنا بالكاد أدفع للسائق، هل يمكن في يوم من الأيام أن يحل عليّ العيد الثالث وأنا بالسجن بسبب الاعسار، ما الذي قد يحصل لو تأخر راتبي شهرا، كيف أستطيع تعليم هؤلاء، وتأمين مستقبلهم، أهناك مستقبل لي لأعيشه أم أنني ورقة محترقة وبالكاد استطيع العيش بانتظار العيد. كيف عاش والدي وعددنا كان أكثر وكذلك متطلباتنا، هل ما أنا به هو سوء إدارة مالي أم ان الدنيا تغيرت، كيف لا أعرف مقاس لحافي، لأتغطى به جيداً، أين هو لحافي؟. * الابن الأصغر كان من المفترض أن يكون طالبا جامعيا لكن نسب القبول وضعت الجميع في مأزق، كيف له أن يبرر لوالديه أن نسب الامتياز التي كان يحصل عليها لن تشفع له بكرسي دراسي، وعليه أن ينتظر للعام المقبل فلا فرص ابتعاث داخلي ولا خارجي، ولا توجد خطة لاستيعابه وهذا العدد الكبير من خريجي الثانوية واخراجهم من هذه المحنة، اين الخطط التنموية، اين حديث الجرائد، أين المسؤولون؟. وهو خارج من المسجد قابل أحد معلميه، فقال له ان كنت تبحث عن منصب اذهب للجامعة، وان كنت تبحث عن الثروة فتوجه لتسعة أعشار الرزق، فأغلب التجار بلا شهادات. * الابن الأكبر مغرد مشهور تستضيفه الوزارات وتستميله البوفيهات، له في كل خبر توريقة وفيديوهات فهو الخبير بكل الشؤون السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والدينية. يصف نفسه مع المشاهير لكن حين تنتهي فقاعة مشاهير تويتر ويوتيوب وفاشنيستات انستجرام سيعود الجميع لأرض العيد الثالث، ولن يكونوا لوحدهم لكن معهم كل مَنْ جعلوا منهم أعلاما للمعرفة ليتسلقوا على أكتاف سذاجتهم وليسقط الجميع في النهاية. كانت له وجهة نظر في مستقبل شقيقه، وهي أن يترك التعليم والتجارة ويعمل بوظيفة مغرد وزاري.