تشهد معظم مناطق المملكة خلال هذه الفترة حرارة ليست طبيعة قياسا بالسنوات الماضية، فصل الصيف في هذا العام «طل وغلب الكل» بحرارته التي أعادتنا سنوات طويلة في ظل عدم قدرة المكيفات وصمودها للتبريد طوال فترة النهار بجودة عالية، ولا تزال الحرارة في تصاعد لدرجات من الممكن أن تصل إلى اعلى بكثير من التوقعات، ولكن المفارقة المهمة والامر الحسن هو «التعايش» مع هذه الأجواء والتأقلم بها واستمرار العمل بصورة مستمرة، ولم تؤثر تلك الحرارة على الحياة الطبيعية في المملكة وفي الخليج على وجه العموم، نشاهد جميع الدوائر الحكومية والشركات في مختلف انشطتها ومجالاتها تعمل منذ ساعات الصباح الاولى بكل نهم وحرص على الإنجاز، في «تعايش» صريح وواضح، رافضة للاستسلام لدرجات الحرارة. «التعايش» له العديد من التعريفات، ولكل منها تعريفه الخاص، لكن التعريف الأدق والأشمل هو العيش في مكان وزمان واحد ولكن بأفكار ومعتقدات مختلفة، ف«التعايش» الذي فعله الشباب خلال هذه الفترة من السنة بممارسة حياتهم اليومية في ظل الإجازة الدراسية الأطول في مسيرة التعليم بكل سلاسة وسعادة، يعطي مؤشرا ايجابيا في قدرة الشباب على تحقيق «التعايش» بدرجة مميزة. «التعايش» مع درجات الحرارة العالية مؤشر مهم وقوي على ان الطريق الذي يسير عليه الشباب صحيح وسليم، طبعا هذا الامر يشكل النسبة الكبرى من المجتمع؛ لان هناك شريحة من المجتمع- وهم قلة- يقضون فترات الصيف في بلاد لا تعرف ال22 درجة مئوية في عز صيفها وهم ولله الحمد قله كما ذكرت. «التعايش» ظاهرة مهمة وضرورة يجب أن يتم غرسها في نفوس الصغار قبل الكبار، وفي عقول الاباء والأمهات، و في عقول المعلمين والأساتذة، في قاعات المحاضرات بالجامعات، وفي أذهان الخطباء في المنابر، لانه المخرج الحقيقي والسبيل الأمثل للخروج من تقلبات هذه الحياة، وتشابك تفاصيلها في الكثير من معطياتها، إذا زرعنا «التعايش» حصدنا بذوره خلال العقود القادمة، بحب وصفاء ونقاء وحياة كريمة للجميع، لان ما اصاب مجتمعنا من «اختلاف وخلاف» سبب الكثير من الفجوات بين الشباب في مختلف الأعمار، خصوصا مع الطفرة الكبيرة في مواقع التواصل والنقاشات الحادة الصريحة في الغالب منها، قبول الاخر وفتح النقاش والحوار معه ليس شرطا للإيمان بمعتقداته ولكن للغوص في تفكيره والبحث في توجهاته من اجل اتخاذ مبدأ «التغيير بالإقناع اولا»، لأن ذلك هو ديمومة الحياة وعربون نجاحها ودليل واضح على سلامة عقول وتفكير الشباب. «التعايش» مهارة نجح مجتمعنا في تطبيقها منذ وقت بصورة مؤطرة ونريد تطبيقها بصورة أشمل وأكبر، لان الجميع مجبر على «التعايش» في العرق، وفي المذهب، وفي الديانة، وفي الفكر، وفي المهنج، وفي الإيمانيات والمعتقدات، لان زمن تأجير العقول ذهب منذ زمن طويل وأصبح الوعي طاغيا بين الشباب في اعمار مبكرة من حياتهم. «التعايش» لذة الحياة التي ترسم السلام والمحبة في نفس الجميع بمختلف لغاتهم وثقافاتهم والوانهم وعقولهم وحياتهم، نحن نحرص كثيرا على فهم الاخر وتغييره بالطرق الحديثة المبتكرة التي تكفل التغيير بالقناعة لانها لذة الإصلاح، ونحن نقضي هذه الايام فترات الإجازة التي يكثر فيها الترحال بين دول العالم من مشرقها إلى مغربها، والاختلاط في مجتمعات و بيئات مختلفة ومتنوعة، وتقضي بعض الأسر في سفرها بالإجازة لفترات طويلة تتعدى في بعض منها الشهر، وهي «تتعايش» مع تلك المجتمعات وتطبق انظمتها وقوانينها بكل رحابة صدر ورضا. إذا كنت تُريد الحًياة السعيدة الخًالية مٍن العُقد، «تعايش»..