تستمر حملة أرامكو السعودية «أريد أن أسمع»، بعد أن حققت نتائج مشرفة، ومشاركة كبيرة من موظفي الشركة خلال شهر رمضان المبارك. وتهدف هذه الحملة التي تُعد مبادرة من مبادرات المواطنة، إلى توفير المساعدات السمعية المتطورة للأطفال والشباب في الفئات العمرية من عمر سنة إلى 20 سنة، ممن يعانون من ضعف أو فقدان لحاسة السمع، ليتمكنوا من الاستماع للآخرين والتواصل معهم، ويتجاوزوا معاناتهم التي تكمن في صعوبة التواصل اللفظي، وليدركوا العالم من حولهم بشكل أفضل. لا سيما أن التقدم الكبير في المجال الطبي والأجهزة الطبية قد أسهم بشكل كبير في تخفيف الآثار الصعبة التي يسببها انعدام السمع أو ضعفه. وتقدم هذه الحملة، وما تضمنته من إسهامات كريمة، الدعم المعنوي لهذه الفئة العزيزة من مجتمعنا؛ ونحن نعيش في وطن لم يبخل على أبنائه بالعطاء، والشخص الذي يجد صعوبة في طريق الحياة، يجد أيضاً أيادي كثيرة تمتد إليه لمساعدته. وتمثل الشابة وفاء أحمد البلوشي نموذجاً يستحق الاقتداء ويدعو للتفاؤل، بدءاً من شخصيتها الطموحة وأسرتها الداعمة، وحتى محيطها الاجتماعي المتعاون. كل هؤلاء أسهموا بدور كبير في نجاحها لتجاوز الآثار الصعبة المترتبة على ضعف السمع الشديد الذي تعاني منه منذ الطفولة، وهو السبب الذي جعل سماعة الأذن رفيقة دائمة لها منذ أن كانت في الشهر السادس من عمرها. وحرصنا في هذا التقرير أن ننقل هذه التجربة وأن نوصل صوتها إلى الآخرين ممن يعانون من مشكلة مشابهة، بهدف مساعدتهم، وتحفيزهم، ولنعلم جميعاً أن صعوبات السمع يمكن تجاوز الكثير من عقباتها، وتخفيف معظم آثارها، من خلال دعم الأسرة والمجتمع. ومن هنا جاء لقاؤنا مع وفاء وأخيها عبدالقادر للحديث بتفصيل أكثر عن هذه التجربة شخصية طموحة بالنظر إلى الصعوبات السمعية التي واجهتها هذه الفتاة، وكونها مازالت تعاني من صعوبة في السمع والكلام، وتعتمد على سماعة تضعها في أذن واحدة وتتواصل مع من حولها عن طريق فهم حركة الشفتين، فقد استطاعت وفاء أن تتجاوز مراحل التعليم المختلفة بنجاح، حتى حصلت على الثانوية العامة. ومؤخراً اجتازت دورة في اللغة الإنجليزية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويحدوها الطموح في إكمال دراستها والتخصص في تصميم الديكور. بداية التشخيص في البداية تحدثت لنا والدتها التي اتصلنا بها أثناء اللقاء، وقالت:«ولدت وفاء في مستشفى أرامكو بالظهران، وبدأت في استعمال السماعة الطبية وهي في الشهر السادس من عمرها، بعد أن أصيبت بضعف شديد في العصب السمعي، يُعتقد أنه حدث بسبب حرارة شديدة ألمت بها وهي في الشهر الأول من عمرها. واستمرت وفاء في العلاج، ومنذ ذلك الوقت وهي تراجع المستشفى من فترة إلى أخرى للفحص واستبدال جهاز سماعة الأذن بآخر أحدث. وكانت أول سماعة استخدمتها، سماعة من نوع قديم، تسمى سماعات الجيب، وهي سماعة كبيرة نسبياً تعمل على توصيل الصوت إلى الأذن بواسطة الأسلاك». وتستمر والدة وفاء في الحديث عن حالة ابنتها بقولها «إنه بعد تشخيص حالة وفاء تطلّب الأمر مراجعة اختصاصيين في تخطيط السمع وتدريب النطق، لعمل جلسات تدريب السمع والنطق، إلا أنه في ذلك الوقت لم يكن يوجد عددٌ كافٍ منهم أو من المراكز المتخصصة في هذا المجال في المنطقة الشرقية، الأمر الذي دفعنا للذهاب إلى أحد المراكز المتخصصة في البحرين وأقمنا هناك لمدة عام كامل، حيث التحقت وفاء ببرنامج تأهيل شامل وهي في عمر ثلاث سنوات. وقد ساعد هذا في تحسن حالتها إلى حد ما. ومع أن وفاء تسمع الآن الأصوات المختلفة بمساعدة سماعة الأذن، إلا أنها ما زالت تعاني ضعف سمع شديدا مرتبطا بضعف العصب السمعي لديها أو ما يعرف بالبقايا السمعية». نصائح للوالدين وتؤكد والدة وفاء «أن الخطأ الذي يقع فيه الوالدان هو الاعتماد على سماعة الأذن فقط، دون أن يتم تدريب الطفل في وقت مبكر على تدريبات السمع والنطق والتركيز وتمييز الأصوات. فالتدريب المبكر يساعد في تقوية حاسة السمع لدى الطفل، وفي حالة وفاء مثلاً كانت تعاني من ضعف حاسة السمع. لذا من المهم تحديد الحالة بدقة، والبدء مبكراً في البرنامج التأهيلي وعدم تأخيره». وقدمت لنا وفاء أيضاً نصيحة لننقلها للوالدين ممن لديهم طفل يعاني من صعوبات السمع، وهي أن يجعلاه يتواصل أكثر مع الأطفال الطبيعيين، ليكون أكثر فهماً واستيعاباً. جانب من حياة وفاء يكمن جانب من شخصية وفاء في طموحها، فبالإضافة إلى حبها للتعلم، وممارسة الهوايات الفنية المرتبطة بفنون التصميم، ذكرت أنها عملت في مركز الأمير سلطان لإعادة التأهيل بالدمام في البداية متطوعة لمدة عام كامل، ثم استمرت لمدة سبع سنوات هناك بعد أن عُينت معلمة تدرّس الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة هناك مادة التربية الفنية. وكما يذكر أخوها عبدالقادر، فإن وفاء تتواصل مع الأسرة وصديقاتها عن طريق فهم حركة الشفتين والتحدث ببطء واستخدام اليدين للتوضيح والتعبير، وبالتالي فهو لم يحتج أو أي من إخوته إلى تعلم لغة الإشارة. ويضيف أن الصعوبة التي تعاني منها وفاء حالياً هي فهم الكلمات الجديدة، كما أنها تجد صعوبة في القراءة، ولكنها تستطيع فهم ما تقرؤه في كثير من الأحيان. سماعة الأذن الطبية تقول والدة وفاء إن سماعة الأذن الطبية غالية الثمن، وتجد كثير من الأسر صعوبة في تأمينها. كما أن تقنيتها تتطور سريعاً. فمن سماعة الجيب التي صُرفت لوفاء مجاناً من مستشفى أرامكو وبدأت معها وهي في الشهر السادس، أصبحت الآن تستخدم سماعة متطورة تصفي الأصوات وتمنع التشويش، وقد ساعدتها كثيراً في السمع. وكما تخبرنا وفاء فإنها مرتاحة لهذه السماعة ولا تفكر في تغييرها. أبرز العقبات وعند سؤالنا وفاء عن أبرز العقبات التي تقف في طريق من لديه صعوبات سمعية، أجابت أن بعض الأشخاص الذين يعانون من صعوبات التعليم يواجهون صعوبات في التواصل مع الناس، بسبب الخجل، وهذا الأمر يؤثر سلباً على تحسن حالتهم وعلى علاقتهم الاجتماعية أيضاً، ويجعلهم أكثر عزلة وابتعاداً عن الآخرين، لذا فهي تكرر كثيراً أن من يعاني من صعوبات سمعية ينبغي له الاندماج كلياً في المجتمع وممارسة حياته الطبيعية دون شعور بالخوف أو الخجل. شكراً للحملة وفي نهاية اللقاء عبّرت وفاء وأخوها عبد القادر عن شكرهما لأرامكو السعودية لاهتمامها بذوي الصعوبات السمعية، وعلى هذه المبادرة والحملة التي ستسهم في تخفيف المعاناة لدى نسبة ليست قليلة من أبناء المجتمع وتساعدهم على إدراك العالم من حولهم والتواصل مع المجتمع. كما أكد عبدالقادر على ضرورة اهتمام القنوات التلفزيونية بلغة الإشارة، حيث إنها تساعد ذوي الصعوبات السمعية في الفهم والإدراك، وأن تتوسع في عرض هذه الخدمة. بالإضافة إلى أهمية تواجد هذه الخدمة في المرافق الحكومية والأماكن العامة.