شكلت الاحتفالات بالأعياد مادة دسمة عند الشعراء منذ صدر الإسلام إلى يومنا هذا، حيث يلاحظ المتتبع لموضوع العيد في الأدب العربي أن مدح هذه المناسبة قد شغل حيزاً كبيراً من الأشعار التي يعتبرها البعض من غرر الشعر العربي. الجسر الثقافي رصدت آراء عدد من الشعراء عن الاختلاف الحاصل اليوم للنظرة تجاه العيد الذي اعتبره البعض مجرد عمل تقليدي يأتمر فيه عامة الناس لسنة دينية وطقوس شكلانية. عمل تقليدي بداية تحدث الشاعر إبراهيم طالع الألمعي قائلا: «أحيانا يعلو الشعراء على المآسي فيطربون أو يتصنعون الطرب ويرسمون هذا بشعرهم، ورأيت بعضا من الشعراء نظم شعرا للعيد، وقناعتي بأن كل المناسبات تنبع من الواقع والمحيط، لذا فليس العيد في كل أقطارنا العربية اليوم سوى عمل تقليدي يأتمر فيه عامة الناس لسنة دينية وطقوس متقاربة. ويضيف الألمعي: «أما مفهوم الفرح الحقيقي فقد قتلته أدلجة زائفة قمعية له في كل المناسبات الوطنية والمناسبات الفردية والاجتماعية والأسرية، وقصر مصطلح (عيد) على مناسبتين دينيتين تقرأ فيهما خطب وجمل من المحفوظات، ثم قتل العيدان الدينيان أيضا حين استحضر الشاعر أو الكاتب ما حوله من مآس تحيط به من كل جانب، لذلك مختصر الكلام أن الأعياد صارت مجرد عادات آلية تؤدى طوعا لا فرحا، فماذا نريد من الشعراء الحقيقيين أن يقولوا سوى رثاء الحياة والشعوب». شتات وتأزم ويشارك الدكتور عبد الحميد الحسامي أستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك خالد فيقول: «من خلال متابعتي لقنوات التواصل الاجتماعي وجدت أن الشعراء يحتفلون بالعيد على طريقتهم، فمنهم من يرى العيد في عيني المحبوبة ومنهم من يراه في الوطن ومنهم من لا يرى للعيد حضورا مستلهما بيت الشاعر أبي الطيب المتنبي حين قال: عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم بأمر فيك تجديد أما الأحبة فالبيداء دونهم فليت دونك بيدا دونها بيد ويؤكد الحسامي أن الشاعر أكثر إحساسا بالزمن وأكثر إحساسا بدلالة المناسبات، ولذلك نجد الشعراء يحتفون بالعيد أكثر من سواهم ويحاولون الكشف عن الدلالات البعيدة للعيد، لا سيما في هذه اللحظة التاريخية التي يعيش فيها الوطن العربي أوضاعا أليمة وشتاتا مريعا. ذكريات وأبان الشاعر والأديب المصري إبراهيم منصور عن رأيه بكلمات قال فيها: العيد عاد مودعا أفراحنا والليل نام على يتامى قريتي دون ارتداء للجديد وأبي يوزع بسمة الآباء في الطرقات من مخلاته فمتى تعود لفرحتي أعيادها؟ العيد للأطفال حين تصالحوا ويواصل منصور حديثه: «كنا قديما ننتظر العيد لأنه فرحة تأتينا بعد عناء العيش، ونحشد طاقات الفرح بكل ما أوتينا ولا نضيع لحظة من مساء ليلته حتى غروب شمسه بالملابس الجديدة بفرحتها التي أخذت من فرحة من اشتراها، مرورا بطقس الاستحمام الريفي الذي يظل البطل فيه هو (وابور الجاز) بصوته الذي يطرد النوم، لنتبادل في تقديم بعضنا حتى تحسم الأم أمرنا، وتأتي رحلة الصلاة مع الأب والرجوع، لتبدأ طقوس الطعام بعد خلع الثياب ثم العودة إليها والمرور على كرام الأقارب بنقودهم الجديدة، كان هذا احتفالنا حين كنا مسؤولين من غيرنا، أما وقد عاد الزمان كيوم كان آباؤنا فالفرحة لم تعد لنا بل نراها في عيون أبنائنا الذين يعيدون الكرة ولكن في عالم افتراضي تنقصه الفرحة الحقيقية من الكبار والصغار». تحول الفرح أما الشاعر ياسين حميد حزكر «من المغرب» فقد وصف العيد بحزن إجباري حيث تضطرب المشاعر ويتلقاها الشعراء قائلا: «العيد هذه السنة للأسف كان بطعم الإرهاب، ومن المعروف أن الأمهات تحرص على زرع البسمة في وجوه الأطفال، فيما يتكلف الآباء تعليمَ أبنائهم طقوس الإفطار من صلاة وملبس حَسَنٍ وعيدية أو هدية، الكل يحاول أن يجسد جمال الله في الأرض وأن يتوحد على كلمة واحدة هي الفرح، غير أن يد الإرهاب تأبى إلا أن تزرع الأرض رعبا وحزنا؛ فقبل العيد بأيام الإرهاب ضرب غير مكان، ضرب في الأزمنة المقدسة وفي الأمكنة المقدسة ليثبت مرة أخرى أنه لا دين له». ويتابع حزكر: «وعندما تتحول الفرحة المفترضة إلى حزن إجباري تضطرب المشاعر ويتلقاها الشعراء الذين يحملون في دواخلهم أرواح أطفال بنوع من الصدمة؛ وقد عاينتُ في المواقع الاجتماعية الكثير من الحزن في نصوص العيد التي نشرها أصحابها، لقد كانت الفرحة بطعم العزاء، وأنا نفسي هالني ما أصاب العراق الشامخ والحبيبة المملكة العربية السعودية، أرض النبي الحبيب وقرة أعين المسلمين، العيد هذه السنة لم يكن ككل الأعياد نظرا لما حدث له من أعداء الإسلام».