بين فترة وأخرى تفاجئنا القارة الأوروبية بقرار يكون بمثابة الصدمة سواء أكانت صدمة مفرحة أوحزينة فيما يخص الداخل الأوربي بصورة خاصة والعالم أجمع بصورة عامة. وتنتهي تأثيرات الصدمة بسرعة مما يجعل أثر الصدمة على الخارج محدودا. فمن سقوط جدار برلين إلى العملة الموحدة أوتأشيرة الشينغن أودخول دول كانت أعضاء في حلف وارسو وموجهة أسلحتها تجاه غرب أوروبا وأمريكا لتصبح دولا في حلف الناتو وموجهة اسلحتها تجاه روسيا. ولكن تبقى أوروبا ومنذ زمن قوة متكاملة بغض النظر عن اتحادها من عدمه. ومنذ زمن كانت بريطانيا مختلفة. فهي لم تغير عملتها ولم تدخل في نظام تأشيرة الشنغن لأسباب بدأت بعض الدول الأوروبية تقوم بمراجعتها وخاصة بعد تكاثر الهجرة غير الشرعية والذي بدأ يزداد منذ زمن وكذلك العمليات الإرهابية التي غيرت من نمط الحياة في أوروبا. ولكن في نهاية المطاف يعتبر توحيد الكثير من الأمور في القارة الأوروبية هو شيئا يثير الإعجاب. ولكن أكبر تأثير على العالم أجمع حيال خروج بريطانيا هو تهديد لأي اتحاد بين اي دول حول العالم لأن ذلك يزيد من شكوك الكثير. ولكن الغريب الذي رآه الجميع حيال التحليلات هو التباين الكبير مما نسمعه في اوروبا وما نسمعه في عالمنا العربي. ففي أوروبا أو أمريكا لم نسمع كلمة مؤامرة، بل اختلاف في طريقة تسيير الأمور. ولكن ما سمعناه ورأيناه في مواقع التواصل الاجتماعي في محيط عالمنا العربي هو أن هناك نظريات مؤامرة حيال خطط مستقبلية بين أمريكاوبريطانيا وغيرها من التحليلات التي لا تستند على اي شيء خاصة أن دخول بريطانيا كان بطريقة مختلفة ومتأخرة سنين عن الدول الأخرى وكذلك كثرة الحديث عن انسحابها في أكثر من مرة. ولو كانت ألمانيا هي التي انسحبت لكان الوضع مختلفا لأن ألمانيا تقع في قلب أوروبا بغض النظر عن قوتها الاقتصادية بينما بريطانيا في الحقيقة جزيرة منفصلة. ولكن وللعلم فليست بريطانيا وحدها لها تحفظات على أسلوب العمل في الاتحاد الأوروبي، بل هناك غيرها ممن لا يعجبه البيروقراطية أو شروط اجتماع تمرير القرارات أثناء اجتماع يعقد ليس في بروكسل عاصمة بلجيكا والمقر الرئيس ولكن لا بد من عقده في مدينة فرنسية. وهذا إضافة لعدم وجود مساءلة بسبب تمرير الكثير من القرارات بواسطة اجتماعات جانبية تاركة المجال للتخمينات. وبالطبع هناك مكاسب وخسائر لجميع الأطراف لأسباب مباشرة في أوروبا أو اسباب غير مباشرة خارج القارة الأوروبية. ولهذا السبب يوجد في اوروبا من يريد تعجيل الانفصال وهناك في بريطانيا من يريد إعادة التصويت. وبالطبع هناك أشياء كثيرة ستتغير ولكن أهمها هو أنه منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية قد تصبح المانيا مرة أخرى مركز القرار العالمي اقنصاديا وعسكريا وإستراتيجيا. ولكن كل ما حدث هو أمور طبيعية لمجريات أحداث سياسية تتغير حسب المصالح وليس بسبب المؤامرات.