دأبتْ قيادات هذا الوطن، منذ الملك المؤسس جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن- طيب الله ثراه- على متابعة ورعاية مشاريع المدينتين المقدستين مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة بصفة شخصية من قبل رأس الدولة الذي يتشرف بحمل صفة خدمة الحرمين الشريفين فيهما، وتتم ترجمة هذه الخدمة دائما من خلال اضطلاع الملك شخصيا وعبر الزيارات التفقدية المبرمجة سلفا لاعتماد وتدشين ومتابعة المشاريع التنموية التي لا تتوقف ولا تتثاءب في هذه البقاع الطاهرة خدمة للإسلام والمسلمين، وحرصا على اظهارهما بالشكل الذي يليق بعاصمتي الإسلام أمام جموع المسلمين من الحجاج والعمار والزوار، والزيارة التفقدية الكريمة التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله- لمدينة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام هذه الأيام، ويدشن خلالها جملة من المشاريع التنموية التي تتجاوز تكلفتها الخمسة مليارات ريال هي استمرار لذلك النهج السعودي الذي احتضن المقدسات على أعلى المستويات، والعمل على أن لا تتوقف أعمال التنمية فيها عند أي حد، طالما كانت هنالك أي فرصة للتطوير، وتقديم الأفضل. وللملك سلمان الرجل الخبير في قضايا التخطيط والتطوير أسلوبه الخاص في خدمة ورعاية المدينتين المقدستين، ذلك لأنه ينطلق من رصيد ضخم من الخبرات العملية في ميدان التنمية الحضرية والمدنية، ويمتلك رؤية نافذة قادرة على استشراف احتياجات المستقبل، لذلك تأتي متابعته للمشاريع ليس من قبيل الوقوف عليها كمنجزات وحسب، وإنما أيضا عبر المساهمة في توجيه دفتها وتسريع تنفيذها بما يجعلها أكثر كفاءة، ويزيد من حجم الاستفادة منها، وهذه الخبرات حينما تتحد مع العاطفة الدينية تجاه أقدس البقاع، والتشرف بتقديم هذه الخدمة لهذه الأماكن فإنها ستنقل العمل هناك بكل تأكيد من خانة الرعاية إلى خانة الاحتضان، وهو ما يفعله الملك سلمان في سياق اهتمامه الشخصي- يحفظه الله- بمشاريع الانماء في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، والتي يباشرها بنفسه وبكثير من العناية والدعم السخي، دونا عما سواهما من المدن والمحافظات، لأن قضية الخدمة هنا شأن يتعبّد الله به، وهو ما تعاقب عليه بكل شغف ملوك هذه البلاد، وحرصوا على أن يكونوا قولا وعملا في طليعة العاملين على رعاية هاتين المدينتين العظيمتين. لذلك لن يكون برنامج الزيارة الملكية الكريمة لطيبة الطيبة نهائيا طالما كان سلمان بن عبدالعزيز في رحابها، لأنه لن يكتفي- حفظه الله- بما هو معتمد على جدول زيارته، وإنما سيتفقد كعادته كل جوانب الخدمة للحرم المدني الشريف، ولمدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وسيقدم لعاصمة الإسلام الأولى كل ما تحتاجه من الرعاية والخدمة المثلى التي تستحقها، ذلك لأنه، وهو القائد المشغول بتاريخ أمته، يتعامل مع هذه المدينة عبر تاريخها النبوي المشرق بأنوار الرسالة المحمدية، بكل ما فيها من عظمة الإسلام وانطلاق شعاع نوره في كافة أرجاء الأرض، ليؤسس عليه رؤيته لها، أو ما يتطلع إليه من أجلها، وهذا هو الفارق.