(التهياب) مجموعة قصصية صادرة حديثا هذا العام 2016م عن (النادي الأدبي في منطقة الباحة) بالاشتراك مع (مؤسسة الانتشار العربي) ببيروت، للكاتب/ عبدالهادي القرني. ومن الواضح في هذه المجموعة تماس (فن القصة القصيرة) مع (فن المسرح) حيث اعتمد الكاتب هنا على إدخال بعض فنيات المسرح وتقنياته في ثنايا معظم النصوص التي ضمتها المجموعة، خاصة فيما يتعلق ب (السيناريو) و(الحوار) واستحضار الشخوص والمؤثرات البصرية والحركية والصوتية على خشبة المسرح، وكأنه يحيل النص (المكتوب) إلى فعل حركي محسوس ممسرح!! ولعل هذا كله نابع من اهتمام عبدالهادي القرني ب (فن المسرح) وممارسته العمل في مجال الفنون المسرحية، لسنين طويلة من حياته، ككاتب مسرحي، أو كمخرج امتهن فن (الإخراج) وساهم في إخراج كثير من الأعمال المسرحية المحلية التي تم إنتاجها وتصويرها وإخراجها وتنفيذها، وشاهدناها على خشبة المسرح السعودي خلال العشرين سنة الماضية على وجه التحديد. ولذلك كان من الطبيعي أن تتأثر لغة (القرني) القصصية النصية السردية المكتوبة بلغة المسرح وفنياته وتقنياته المعروفة، حتى كان عمله هذا مزيجا من عدة فنون منسجمة مع بعضها أدبيا وفنيا، مما يجعلنا نستعيد بذاكرتنا من جديد تلك المقولة الشهيرة التي توارثناها عن المختصين في فن المسرح وهواته التي تقول (المسرح أبو الفنون)!! ومن أوضح الأمثلة على ذلك في المجموعة ذلك النص القصصي الذي جاء تحت عنوان (لا تقف على المسرح عاريا). ففي هذا النص (مناخ مسرحي) متكامل, ، وواضح بجميع تفاصيله، ابتداء من خشبة المسرح والشخصيات وأدوارها والحدث وكيفية معالجته والحوار وإدارته، وانتهاء بما يسمى ب (النظارة) أو المتفرجين، وتفاعلهم مع ما يشاهدونه وتصفيقهم في نهاية المسرحية ومن ثم إسدال الستارة. بل إن الكاتب نفسه قد أكد في افتتاحيته لمجموعته، وعلى الصفحة التالية مباشرة لصفحة (الإهداء) وقبيل ولوج القارئ إلى عمق نصوصه على اهتمامه وافتتانه الشديد بالمسرح وفنونه وحبه له، إذ يقول: (حاولت أن أكون منصفا مع نفسي... المسرح هو الأداة الوحيدة في العالم التي تم الاتفاق عليها... فمتى يتم الاتفاق من أجله؟).