يختلف الأفراد ذوو الاحتياجات الخاصة عن غيرهم من أفراد المجتمع في واحد أو أكثر من مجالات النمو ومنها: المعرفية أو العقلية أو الجسدية أو الحسية أو السلوكية أو اللغوية أو التعليمية التي بدورها قد تسبب لهم حالة خاصة من حالات الاحتياجات الخاصة التي بدورها تحتاج إلى نشاطات وخدمات ورعاية خاصة، بل ومتخصصة، تلك الرعاية والخدمات الخاصة قد لا تستطيع جهة أو منظمة أو جمعية واحدة أن توفرها ما يستدعي ويحتم ضرورة التخصص في تقديم تلك النشاطات والخدمات والرعاية الخاصة. ففي هذا السياق يشير الدكتور بجامعة الملك فيصل بالأحساء عبدالرحمن المحارفي الى أن العمل لذوي الاحتياجات الخاصة حكوميا عاما أو تطوعيا خاصا يزيد وينتشر بازيادة وانتشار الإدراك بتلك الفئة من المجتمع وضرورة تلبية احتياجاتها الخاصة. وقد أولت حكومة المملكة العربية السعودية الرشيدة ووفرت كثيرا من الامكانات والموارد لهذه الفئة بداية بوزارة الشؤن الاجتماعية وعملها المستمر كما يتضح ذلك في تشجيعها العمل التطوعي لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة التي من أهمها منح التراخيص للجمعيات ذات العلاقة وتقديم الدعمين المعنوي والمادي لها وتنظيم عملها في كافة أنحاء المملكة، ونتيجة لذلك لا تكاد مدينة سعودية إلا وتجد جمعية تعنى بالاحتياجات الخاصة بها تساهم في مد يد العون لتلك الفئة ليكونوا عونا للمجتمع لا عالة عليه. مضيفا إنه رغم وجود جمعيات متعددة لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة في كافة المدن السعودية، لكن الحاجة لم تزل ملحَّة لإنشاء جمعيات أخرى في الكم والنوع. فالمساحة الجغرافية التي تمتلكها المملكة والتي انعكست بدورها على كبر مساحة محافظاتها ومدنها الجغرافية فإنها تحتاج إلى عدد أكبر من الجمعيات خاصة مع الزيادة الملحوظة في السكان في ظل ما تتمتع به البلاد من أمن واستقرار ونمو اقتصادي، لكن مدن المملكة تتفاوت وبشكل كبير في توافر جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة بها فنجدها تكثر في مدينتين كالرياض والدمام مثلا فيما، وينخفض عددها بشكل ملحوظ في مدينة كبيرة كالأحساء على سبيل المثال، ولتعدد وتنوع طبيعة النشاطات والخدمات والرعاية التي يحتاجها المستفيدون من ذوي الاحتياجات الخاصة، ربما يكون من المستحيل على مؤسسة أو منظمة أو جمعية واحدة أن تمتلك القدرة على القيام بتقديم ذلك التنوع في الخدمات والرعاية وحدها، وغياب التخصص في عمل هذه الجمعيات جعل أغلبها يتصف بالعمومية والشمولية في تقديم خدماتها بشكل قد يتسبب في بعثرة وتشتيت للجهد المبذول وبشكل سلبي قد يحد من الفائدة التي سيتلقاها المستفيدون من تلك الجمعيات. وأكد المحارفي أن الحاجة قد تكون ملحَّة للتوجه نحو تخصيص نشاطات جمعيات الاحتياجات الخاصة بشكل يضمن تقديم خدمات ورعاية أفضل وأكثر جودة وفاعلية في احتياجات خاصة بعينها كالجمعيات المعنية بالاحتياجات الخاصة الحركية أو العقلية أو السمعية أو متعددة العوق على سبيل المثال، حيث إن تخصيص نشاطات جمعيات الاحتياجات الخاصة في كيانات مستقلة - حسب نوعية الخدمات المقدمة - يتماشى مع توجيهات وزارة الشؤون الاجتماعية ومطالبات معالي الوزير بالتخصص في العمل الخيري. ومن المعلوم أن التخصص سيساعد الجمعيات على تكوين كيانات مستقلة ومؤسساتية تقدم خدمة مركزة وبتخصصية بما يعني استفادة تلك الكيانات من خدمات وزارة الشؤون الاجتماعية ورعايتها لها بشكل مستقل. وستركز الدعم والجهد والعمل والنتائج وتقديم الخدمة لنشاط خاص بعينه كالتركيز على اضطرابات السلوك في جمعية خاصة به، وربما لم تكن اضطرابات السلوك تلك تحصل على نفس القدر من الدعم والاهتمام فيما لو كانت نشاطا من نشاطات كيانات تتصف بالشمولية والعموم. وعن أهمية التخصصية في الجمعيات أبان المحارفي انها تمنح الجمعيات الخاصة كيانا اعتباريا مستقلا بعد حصولها على التراخيص النظامية التي تستطيع من خلالها مخاطبة الجهات ذات العلاقة والمهتمة بالعمل الخيري، فمن جهة لكسب التبرعات وزيادة الايرادات التي من الممكن أن تمول نشاطات تخصصية، ومن جهة أخرى تشجع وتعطي الفرصة لعديد من المتطوعين من أفراد المجتمع للاشتراك كأعضاء عاملين وفاعلين في أعمال جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة المتخصصة بدلا من الاحتكار أو تحكم بعض الافراد بالمجتمع في بعض الجمعيات التي تتصف بشمولية النشاط فيها دون غيرها بشكل قد لا يخدم الأهداف التي أنشئت الجمعيات من أجلها، إضافة إلى أنه كلما كبر الكيان وتعقدت نشاطاته تعقدت بذلك إدارته ووهو ما ينعكس بدوره على مدى جودة الخدمة والرعاية التي سيقدمها فإن كبر حجمها وتعدد المستفيدون منها فإنها لن تستطيع تقديم العون للجميع بنفس الجودة. كما أن التخصصية ستؤدي بها إلى الاحترافية في تقديم الخدمة والرعاية، فتركيز جمعية الاحتياجات الخاصة في السمع مثلا سيمنحها الفرصة للتركيز على المعرفة بشكل أكبر لاحتياجات السمع الخاصة ونقل تلك المعرفة إلى الآخرين بالتعليم والتدريب والتأهيل ما قد يؤهل حصولها على الدعم الخاص لعمل الدراسات والابحاث العلمية ونشر المقالات والكتب والبحوث وتقديم الدورات وهو الذي ربما سيحولها الى بيت من بيوت الخبرة ليس على المستوى المحلي فقط، بل على المستوى العالمي، وبذلك تنتقل الجمعية من العمل الخيري التطوعي التقليدي إلى العمل التطوعي الاحترافي الذي ينتقل بالجمعية من العمل الاجتهادي إلى العمل المؤسسي المتخصص. كما ستساعدها في الملاحظة الوقتية المستمرة للمستفيدين من خلال الكشف المبكر والمتابعة المستمرة وتأهيل المستفيد للعمل في المجتمع، وتساعد في زيادة الشراكة المجتمعية لتوفير الخدمات والرعاية المستمرة أو توفير الوظائف الخاصة لدمجهم بشكل أكبر في المجتمع، وبذلك تتمكن الجمعية من تحويل ذوي الاحتياجات الخاصة من الاعتماد على الغير إلى الاعتماد على أنفسهم قدر الاستطاعة. أما الدكتور عواطف محمود حمد محمود أستاذ مساعد بكلية التربية قسم التربية الخاصة بجامعة الملك فيصل بالأحساء فتجد أن فتح جمعيات ومراكز لفئات التربية الخاصة استنادا الى نوع الإعاقة لكل الفئات قد لا يخدم أغراض وأهداف التربية الخاصة، لكنه يمكن قبول التقسيم حسب النوع في بعض الإعاقات الحسية مثل: الإعاقة «السمعية والبصرية والحركية» وبعض الإعاقات الأخرى مثل الإعاقات الانفعالية وإعاقات النمو الشامل وصعوبات التعلم خاصة الحالات الشديدة والمتأخرة. أما الإعاقات البسيطة والمتوسطة فيفضل دمجها بالمدارس العادية إذا توافر المعلم المؤهل والبيئة الصفية المناسبة، وتم تكييف المنهج وتهيئة المجتمع حتى يستطيع أن يغير تجاهه نحو الإيجابية. أما بالنسبة للإعاقة العقلية فيصعب فتح جمعيات حسب النوع لكل الإعاقات، فمثلا متلازمة داون والتوحد يمكن أن تكون لهما جمعيات حسب النوع لزيادة انتشارها وكثرة أعدادها، لكن هناك ندرة في بعض الإعاقات الأخرى فيصعب فتح جمعيات حسب نوعها لقلة العدد. كما أنه حتى ولو وجد العدد المناسب فيجب عدم نسيان الحاجة، لأن تقسيم نوع الإعاقة الواحدة حسب مستوى ونسبة الذكاء ومعرفة العمر العقلي والسلوك التكيفي حتى يستفيد المعاق استفادة قصوى من خدمات التربية الخاصة المقدمة له، متساءلة: هل بالامكان توفير الكادر المؤهل الذي يستطيع أن يخدم هذه الفئات التي ستكون أعدادها قليلة بكل جمعية مقسمة حسب النوع؟ وهل سنضم الأطفال حسب النوع ونتجاهل العمر العقلي ونسبة الذكاء؟ وأضافت بقولها: حتى تحقق التربية الخاصة أهدافها العامة والخاصة، فانه ليس بالضرورة الالتزام بالتقسيم حسب النوع لكل الفئات، لكن يمكن أن تطبق في بعضها حتى تقدم للمعاق البرامج المناسبة لنوع الإعاقة، لأنه توجد خصائص تتسم بها أنواع من الإعاقات دون غيرها، وكذلك تنفيذ الخطة التربوية الفردية والوسائل التدريسية والمادة التدريسية. أما الفئات التي لا تقسم حسب النوع فيمكن أن تنضوي داخلها لجان وجمعيات صغيرة حسب كل نوع مثل جمعية أمهات أطفال كبرحجم الدماغ مثلا وغيرها، حتى يتحقق الهدف الأول ألا وهو تحقيق التكيف والتوافق الشخصي والاجتماعي للمعاق والمجتمع. فيما يرى معلم التربية الخاصة عبدالله الزبدة أن تعدد الجمعيات المتخصصة حسب نوع الإعاقة أمر إيجابي بحكم عمله في هذا المجال، مبينا أن سبب تأييد وجود جمعيات حسب نوع الإعاقة هو اختلاف الإعاقات من حيث السمات والخصائص، فعلى سبيل المثال: اضطرابات التوحد من وجهة نظره تحتاج إلى جمعية خاصة بحكم صعوبة تفكيك رموز هذه الإعاقة. فالطفل التوحدي يحتاج لعناية فائقة منذ بداية ظهور الأعراض، ووجود جمعية متخصصة يساعد على أن يكون العمل تخصصيا أكثر، وكما أنها تقوم بتزويد أولياء الأمور والمهتمين بتعليم الأطفال -كلا حسب نوع إعاقته- وعقد المؤتمرات والندوات التثقيفية الإعلامية لنشر الوعي في المجتمع عن هذه الفئة وتنظيم احتفاليات سنويًا لذوي الإعاقة، وتقديم ندوات ومحاضرات وورش عمل لأولياء الأمور - كلا على حسب نوع الإعاقة - وتقديم برامج تدريبية لذوي الإعاقة وأسرهم ومساعدتها على مواجهة الصعوبات السلوكية لكل إعاقة، إضافة لحرص كل جمعية على إصدار مجلة علمية متخصصة تساهم في نشر الوعي. وسوف تشكل الجمعية المتخصصة فريق عمل متخصصا بنشر العديد من المؤلفات والترجمات الخاصة حسب كل إعاقة بشكل دقيق وعلمي، وانشاء برامج وأنشطة بأحدث الأساليب والتقنيات المستخدمة عالميا. وأضاف الزبدة: وجود جمعيات حسب نوع الإعاقة لا يترك مجالا للاجتهاد أو التداخل من حيث البرامج المقدمة، بل سيكون هناك تركيز أكثر في تقديم الخدمة بشكل دقيق. فعلى سبيل المثال جمعية حركية متخصصة لذوي الإعاقة الحركية للكبار والتركيز على قضية الإعاقة الحركية وتسعى لتفعيل كل ما يخدم هذه الفئة في جميع أمور حياتهم. كما أن جمعية أبصار في محافظة جدة لها مهمة محددة في تأهيل ذوي الإعاقة البصرية والمختصين والعاملين في المجال وتقديم اختبارات تقويم البصر وتوفير التكنولوجيا لضعاف البصر، لكن هذه الجمعيات المتخصصة لا توجد في جميع المناطق ما يصعب على ذوي الإعاقة التواصل معهم أو حتى تقديم الخدمة، فكل إعاقة تحتاج إلى عناية خاصة وتقديم خدمة خاصة بها. واقترح الزبدة أنه في حالة وجود صعوبة في توفير جمعيات متخصصة فمن الممكن تطويرالجمعيات بتوفير أقسام خاصة بعدد الإعاقات وإدارة الأقسام - كلا حسب تخصصه - وكل قسم قائم بذاته في تقديم الخدمة. خالد البراك ود. سعدون السعدون يكرمان أحد المعاقين