أستعيد واحدا من الأسماء التي كان لها حضور كبير في ساحتنا المحلية والخليجية سُجل اسمه كأحد الحروفيين العرب الأوائل ويرى نفسه أحد رواد التيار الحروفي في المنطقة العربية، ذلك هو الفنان اللبناني وجيه نحله، جمعتني بهذا الفنان اكثر من مناسبة منذ 1983، عندما كان حاضرا في معرض اقامته جمعية الثقافة والفنون بجدة شارك فيه عدد من الفنانين السعوديين من بعض مناطق البلاد، وفي التسعينيات كان حاضرا احدى دورات المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية واستضافنا في مرسمه انا والباحث المؤرخ د. عفيف البهنسي الذي كان ضيفا على المهرجان، كان مرسما كبيرا في احد احياء الرياض وفيه بعض اعماله التي ينجزها لبعض الشخصيات السعودية كما قال. في واحد من اللقاءات التلفزيونية كان الحديث يتشعب ويتباعد بين تجاربه الفنية وبداياته وعلاقاته بالمقتنين ومحبي فنه في الخليج والسعودية، عُرفت اعمال نحله باتجاهها الحروفي ففي فضاءاته متسع من الحرية التي تبنيها علاقات مساحاته وحيوية تبعثها حركة فرشاته وتجريد خالص تنبعث فيه حروفه المحلقة، اصبح لنحله مقلدون يكررون او يشابهون اعماله، ولولا الخبرات والاحترافية التي تميزه لحصل بين تلك الاعمال شيء من اللبس. في حواره التلفزيوني كان يتحدث عن المقتني الخليجي فيقول ان هناك رغبة في إضافات للّوحة يستحدثها هو، بإضافة رأس خيل جامح او فتاة على خلفية فضاءاته او كونياته التي يلونها ببهجة وفرح، كانت بعض الاسر تتسابق على اقتناء اعماله، وبالفعل كان وجيه نحلة فنانا مقتدرا، ظهرت في المملكة خلال الأعوام الأخيرة أسماء يبدو انها تنتهج ذات الخط او قريبا منه وبشكل يجعلها ترسم رغبات الناس والمقتنين، فظهرت تجارب ابعد ما تكون عن الفن والبحث في جوانبه واكتشاف ما يضيف الى التجربة خلاف رخص قيمة العمل، هناك شكل من التسويق الذكي وربما هذا يتلاءم مع المشاريع التجميلية لبعض المنشآت الحكومية او الخاصة، فالبيع بالجملة، وليس على الفنان الا ان ينتج اعماله في فترات قياسية لامتلاكه أدوات الأسلوب وللتكرار الذي ينتفي معه أي بحث، ظهرت في بعض معارضنا اعمال متشابهة ومكررة وهو ليس تكرارا فنيا بقدر ما هو شكل من التصريف حسب رغبة الزبائن، كانت بعض المعارض التي تضع اسعارا متواضعة على الاعمال مناسبة للتصريف والبيع، وحتى غيرها فليس صعبا المفاوضة الى سعر متدن. لا اريد الخوض في أسماء ولكن تحولت اعمال عدد من فنانينا الى اعمال ديكور تزين المكان بتوزيعات لونية وعلاقات متكررة لا تجد فيها اختلافا فنيا او ابتكارا يضعنا في صيغة فعل فني حقيقي، ربما هو ما تسلكه بعض المؤسسات الفنية وهي توجه فنانيها الى أساليب يطلبها السوق والمقتني ولذلك لا نلمس مستويات متصاعدة عند بعض الفنانين، بقدر تراجع في القيمة والفعل الفني، والبعض لا يعنيهم ذلك كثيرا فالاهم هو ان يكون هناك طلب على اعماله وتشجع ذلك بعض المؤسسات التي تتقاسم والفنان القيمة، فالبعض لديه القدرة على تصريف وتسويق العمل الفني. عديدون يتحدثون معي عن مشاريع فنية لتجميل مقرات شركات او مؤسسات او مراكز استثمار وغيرها ولكنهم يشترطون في البداية اسعارا ومواصفات لا يعنيهم كثيرا مستويات فنية بقدر استكمال العدد ومناسبته مع ميزانية مخصصة، قد لا يجدون صعوبة في جمع ما يمكن من الاعمال الفنية ولكنهم لن يجدوا في الغالب المستويات التي ترفع من قيمة الاختيار والمقدم، وكأن الهدف لا يتعدى شكلا تزيينيا او ملء فراغ القاعات والصالات والممرات وغرف الاجتماعات ومكاتب الإدارة وغيرها.