يظل سؤال الإرهاب والتطرف من الأسئلة الحيوية التي لا مفر منها طالما بقيت الأسباب والمسوغات الفكرية التي تتجذر في العقل المتطرف أو القابل للتطرف، لأن القضية في مجملها حالة فكرية في المقام الأول يتخذ فيها المتطرفون خيارات وقناعات سلبية ضد المجتمع والدولة بمرجعيات دينية مضللة. توقفت كثيرا عند هاشتاق في موقع تويتر يتساءل عن مبررات اختطاف الإرهاب لمراهقينا، وكثير من التعليقات اتجهت الى تحميل الأسرة مسؤولية الهدر البشري والفكري لهذه الشريحة وضياعها في مجاهل التطرف الذي ينتهي بها ضحية وجانية في نفس الوقت، ورغم أنها تتحمل قدرا من المسؤولية إلا أن الحالة الفكرية من الصعوبة السيطرة عليها دون أدوات فكرية تقرأ مستجدات الرأي والرؤية في سلوك المراهقين ما يجعل المسألة أكبر من طاقة بعض الأسر التي يمكن أن تنشغل عن أبنائها أو لا تستوعب التغيرات التي تطرأ عليها وتفسيرها بما يتناسب مع الكامن في عقل المراهق من تطورات سلبية يجيد إخفاءها. ليس الإرهاب سلوكا ترفيهيا حتى يغري المراهقين بالاستمتاع به وهم يقتلون ويفجرون ويؤذون مجتمعهم وأهلهم، وإنما هو اختطاف ذهني عميق يتناسب مع البياض العقلي الذي يخترقه أمراء الظلام في غفلة من الأسرة والمدرسة وحتى جماعة الرفاق، كما أن المؤسسات الاجتماعية التي يفترض أن تسهم في الحفاظ على النظام الاجتماعي وتماسك المجتمع إما غائبة أو غير موجودة أو غير فعالة، وبالتالي لا يمكن أن تتحمّل الأسرة وحدها المسؤولية خاصة إذا لم تمتلك الأدوات الفكرية والمعرفية التي تلاحظ من خلالها المتغيرات العقلية والسلوكية لدى المراهق. يختطف الإرهاب المراهقين لأن المؤسسات الاجتماعية ليس لديها برنامج أو منهج فكري لمساعدة الأجهزة الأمنية في السيطرة على انزياحات التطرف وتسربه الى العقل الاجتماعي والأفراد الذين يتم اختطافهم عبر المواقع الاجتماعية وغرف الدردشة، فهناك يوجد الكثيرون الذين يكمنون بأفكارهم المتطرفة التي تضلل هذه الشريحة وتسوقها بطريقة دراماتيكية نحو الإرهاب، ودون برامج علمية واجتماعية لا يمكن أن نصل الى إجابة منطقية لسؤال الإرهاب، فحتى الآن ليس هناك خطاب على قياس المراهقين وتحقيق توازن فكري مع الخطابات المتطرفة الكثيفة التي تختطف عقول الصغار في المواقع الاجتماعية التي أصبحت البيئة المثالية لإنبات بذور التطرف ومصادرة قناعات هؤلاء المراهقين وحقوقهم الطبيعية في استيعاب ما هو صحيح وخاطئ، وعليه فإن المسؤولية جماعية، إنها مسؤولية مجتمع يسمح باختراقات خطيرة لأمنه الاجتماعي والفكري والثقافي حتى نحصد مثل هذه النتائج الكارثية.