مهمة التداول في أسواق البورصة تحتاج إلى إدراك تام لمجريات الأحداث وانعكاساتها الاقتصادية ومؤثراتها المستقبلية وما سيترتب على النشاط التجاري في حقل من الحقول المستهدفة في التداول حيث إن تأثير الاندماج والتكتل أو إضافة ابتكار جديد أو توسيع نطاق انتشار أو استغلال امثل للإعلان أو ضخ أموال لتدعيم الموقف كل هذه العوامل تغير المؤشر ونقاط التحسن في أسواق البورصة. ولا يغيب عن البال ما آلت إليه أسهم شركة مايكروسوفت الأمريكية عندما تعرضت لتهمة الاحتكار. أو شركة هونداي الكورية عندما دب الخلاف بين المالك وابنه وعندما تفشت ظاهرة الفساد في بنك الاعتماد اللبناني. ولا ننسي فترة الركود والترقب عندما تحين مواعيد الانتخابات الرئاسية داخل الدولة ذات الشأن. هذه بعض المؤثرات الداخلية علما بأن الدول لم تعد في معزل عن الأحداث التي تحصل خارج نطاقها الجغرافي فعندما تأثرت أسواق الشرق الآسيوي كان صداها يسمع في بورصات أوروبا وأمريكا ويتفاعل معها بالانخفاض والارتفاع. وعندما نشبت حربا الخليج الأولي والثانية كان تأثيرهما واضحا للعيان وأصبح العالم في مرجل يغلي وأصابت التداولات مرحلة هيجان هستيري وبات كريشة في مهب الريح لا يستقر له حال وفقد معاييره الأساسية وأصبحت الاحتمالات متضاربة ومتعاكسة كمن أصابه مس من الجنون هذا هو الارتداد الطبيعي والمؤشر الفعلي والحقيقي الصادق لمن أراد خوض غمار هذا السوق ولكن في عالمنا الثالث وبالأخص عالمنا العربي وبالتحديد دولنا الخليجية ليس هناك معايير قياسية للتداول اما عن جهل بالمؤثرات أو إهمال للنتائج ويغلب عليها التخمين. وإلا بماذا نفسر ارتفاع قيمة سهم شركة متدنية في نتائجها وخسائرها متراكمة من سنة لاخرى. أو بماذا نفسر التزاحم علي الاكتتاب في مساهمة جديدة دون معرفة تفاصيل التأسيس ومن المتعارف عليه في الأنظمة المالية أن كل ورقة يترتب عليها التزام مالي تكون محكومة بقوانين ونظم تؤسس أساليب التعامل بها وقواعد أساسية لتداولها وهناك شركات ناجحة بكل المقاييس ولكنها تغيب عن حمى التداولات وتتراجع قيمة أسهمها وذلك ناتج عن ثقتها الزائدة بوعي المستثمر واعتمادها على إمكانياتها وانتشارها الذي لا يشفع لها عند المتعاملين في البورصة من خلال الشاشة. يضاف إلى كل ذلك أن بورصة الأسهم لدينا لا تخلو من التعامل العاطفي الذي يحدد القرار فالنشاط الذي لا يقتنع به أو بموقعه الزماني والمكاني نحجم عن تعاملاته ومداولاته بغض النظر عما أبرزته دراسة الجدوى لهذا المشروع أو ذاك. في سوق الأوراق المالية بالرغم من ذلك هناك مساهمات ظلت منسية عشرات السنين وشركات لم يظهر نشاطها فيما عدا تعييناتها مجالس الإدارة واستئجار المقار وامتلاك الموقع وبروز الإعلانات عن خططها التجارية والتي بسببها تحدث تحولات ديناميكية يظهرها المؤشر الاقتصادي ويدلل على وجود حركة على كل المستويات. وهنا لابد من النظر في مدى انطباقية ما اعلن عنه على السائد من الأنظمة والقوانين وانسجامه مع بنوده ومسايرته لنصوصه وتماشيه مع تشريعاته كي لا نفاجأ بثغرات التطبيق وعوائق التنفيذ مما يصعب علاجها إذا استفحلت حيث إننا نعلم بوجود قانون ينظم أسلوب طرح سندات الأسهم لأي شركة مزمع تحويلها إلى شركة مساهمة سواء كانت خاصة أو عامة بتقييم موجوداتها من أصول ثابتة أو متداولة وحصر مديونياتها وتمحيص التزاماتها وعقودها وتسوية ارتباطاتها وتحديد القيمة الاسمية للسهم عند الطرح بعد زيادة القيمة المضافة لتحديد السعر النهائي للتحويل إلى مساهمة في مدة لا تتجاوز شهرين من تاريخ إعلان طرحها للمساهمة وبعدها تخضع لنظام التداول للأسهم في البورصة السعودية بخطوات منهجية ومدروسة والواجب في مثل هذه الحالات على المتعاملين أن يوكلوا المهمة إلى المتخصصين في الاقتصاد لإعطاء المشورة دون إخضاعها للرغبات العاطفية التي قد تبعده عن القرار الصائب والاستثمار الأنجح اقتصاديا. وترك مقولة (مع الخيل يا شقراء).