التوطين بكل مدلولاته غاية وهدف سام ينبغي أن يحرص عليه كل قائم بنشاط أو عمل اقتصادي واستثماري، لأن العائد النهائي يدعم الاقتصاد الوطني ويوفر مزيدا من العناية بالموارد البشرية الوطنية ويمنحها قدرات أكبر في التعامل مع العملية الانتاجية وليست الوظيفية وحسب، وهنا ينبغي أن نفرق بصورة منهجية جادة وحاسمة بين الانتاج والتوظيف، إذ يجب أن يتحول فكر الشباب وثقافة العمل الى الدخول في منظومة انتاجية ويضعون الوظيفة خلف ظهورهم إلا بما تقتضيه طبيعة الأعمال التي يجيدونها، لأن الاقتصاد بحاجة أكثر الى الانتاج وليس تخمة وظيفية. ولعلي أتفق جزئيا مع ما ذهب اليه رئيس اتحاد اللجان العمالية نضال رضوان بمطالبته بوضع حد أدنى لأجور الموظفين السعوديين في القطاع الخاص، دون أن يؤثر ذلك بالطبع على نشر الثقافة الانتاجية، فاستقرار سوق العمل من الأهمية بحيث تتوافر ميزات تنافسية بين المؤسسات والشركات خاصة الصغيرة والمتوسطة التي يمكن أن يمارسها الشباب، وحين يحدث تعادل بين ذلك والتوظيف المستقر والقائم على حفظ حقوق العاملين والموظفين فإننا نحصد نتائج إيجابية أكثر ملاءمة للطموح في توزع أبناء البلد على كل مفاصل العملية الاقتصادية، وصحيح أن القطاع الخاص يحرص على عمالة رخيصة تتوافر لدى الأجانب، لكن في ظل ظروف آمنة وظيفيا يمكن أن يؤدي الشباب مهام تكسبهم الخبرة وكأنهم يسهمون في الحصول عليها من خلال العمل بمقابل أقل من تقديراتهم. ليس بالضرورة الضغط على القطاع الخاص لدفع مقابل أو رواتب تفوق طاقته، وإنما ترك ذلك في مسارات سوقية مفتوحة، وطبيعيا كلما قدم العامل أو الموظف جهدا مناسبا يضيف الى العمل الذي يقوم به، لابد أن يرتقي ويكسب أكثر، فهي نسبة وتناسب يجب أن تسير في مسار اقتصادي صحيح وفقا لقوانين السوق والعرض والطلب حتى يتحفز الشباب أكثر للعمل ويحرصوا على اكتساب الخبرات العملية الضرورية لإنجاز الأعمال، ودخولهم في دورة اقتصادية متكاملة تحقق أهدافنا جميعا في النمو والتنمية والاعتماد النهائي على أبناء الوطن في كل الأعمال أسوة باقتصاديات دولية أخرى أسهم في نهضتها وتطورها أبناء البلد، لأن التركيز كان على الانتاج وليس الوظيفة والدخل الثابت بغض النظر عن مستوى الكفاءة أو الانتاج الفعلي، فنحن أمام تحديات تتطلب أن يعمل الشباب أكثر ويجتهدوا ويطوروا قدراتهم ولا يرتهنوا الى الوظيفة وحسب، وإنما يبادرون الى تأسيس مشروعاتهم الصغيرة التي يمكنها أن تكبر مع الوقت في ظل حماية اقتصادية في أحد أكبر اقتصاديات العالم وأكثرها استقرارا.