يثير تجدد التقلبات في أسواق الأسهم الأمريكية تساؤلا: إذا تكرر حدوث الحادثة الغريبة مثل "الانهيار الخاطف" في عام 2010 مرة أخرى، هل سيكون للمنظمين رأي أفضل حول طبيعة ما حدث في ذلك الحين؟ ليس حقا. وهنا يكمن التحدي الحاسم بالنسبة للجنة الأوراق المالية والبورصات. تظهر الاختلالات السوقية الدورية.. كيف أن سرعة ودرجة تعقيد التداول تفوق قدرة المنظمين على مراقبة التداولات. على مدى العقد ونصف العقد الماضي، ارتفع الحجم اليومي للرسائل الإلكترونية المتعلقة بالتداول بشكل كبير- بحسب أحد التقديرات، 500 مرة. في الوقت نفسه، لا يزال المنظمون يعتمدون على النسخة القديمة من أنظمة المراقبة التي تفتقر إلى المعلومات الأساسية، مثل الطوابع الزمنية (أي أوقات التداول) التي يمكن الاعتماد عليها وتحديد هوية العملاء. في أحسن الأحوال، تستطيع تلك الأنظمة أن تبين فقط صورة جزئية لما حدث، بعد أشهر على وقوع الحادثة. يقول أحد مسؤولي التكنولوجيا التنفيذيين إنه أشبه باستخدام الدراجات العادية للحاق بالسيارات السريعة. بعد حدوث الانهيار الخاطف، اقترحت لجنة الأوراق المالية والبورصات حلا: تسجيل جميع الأنشطة الموجودة في أسواق الخيارات والأسهم، وجعل البيانات متاحة بسرعة من أجل التحليل. هذا "المسار الموحد لمراجعة الحسابات" سيسمح للمنظمين بتحليل الحالات الشاذة وإلقاء الضوء على أسباب الاندفاعات المحيرة من التقلبات. إن الفهم الأفضل يمكن أن يؤدي إلى تحسين نظام الضمانات - وحماية أكثر عقلانية للأسواق. المشروع معقد، لكن ليس أساسا لأنه يتطلب معالجة 58 مليار سجل يوميا. المشكلة الأكبر هي في عدد المنظمات المختلفة ذات المصلحة في النتائج - وحقيقة أن لا أحد يتحمل المسؤولية. حيث إنها تفتقر إلى الأموال من الكونجرس، فوضت لجنة الأوراق المالية والبورصات معرفة كيفية بناء ودفع تكاليف مراجعة الحسابات إلى مجموعة من الهيئات ذاتية التنظيم، بما فيها البورصات وهيئة تنظيم الصناعة المالية. وتمثل لجنة استشارية منفصلة المشاركين في السوق، الذين يقلقون بشأن التكاليف ومخاطر الامتثال وسلامة بيانات عملائهم. شق المشروع طريقه عبر مداولات وموافقات تبدو وكأنه لا نهاية لها. والتغيير الواحد على القواعد المتعلقة بالإبلاغ عن معلومات العملاء استغرق عامين ليتم إدراجه في خطة مسار مراجعة الحسابات، التي لم توافق عليها اللجنة بعد. بحسب التسلسل الزمني الأكثر تفاؤلا، لن يكتمل النظام ويعمل حتى أواخر عام 2019. وحتى عند اكتماله، لن يغطي مثل هذه الأسواق المهمة كالعقود الآجلة والسندات الحكومية، التي سوف تتطلب تعاون لجنة تجارة عقود السلع الآجلة ووزارة الخزانة. قد تكون الولاياتالمتحدة أفضل حالا بوجود جهة منظمة منفردة للنظام المالي تكون لديها الموارد والصلاحيات للتعامل مع المشاريع على مستوى السوق - لكن هذا لن يحدث في أي وقت قريب. في الوقت نفسه، يجب أن تكون لجنة الأوراق المالية والبورصات أكثر قوة. بعد أن أصدرت أوامر للمنظمات لبناء النظام، يجب عليها الضغط بشكل أكبر للحصول على نتائج. كما ينبغي عليها أيضا البت في المقترحات المقدمة بشكل أسرع، وتذكير جميع الأطراف بقدرتها على فرض غرامات على الأشخاص الذين يتوانون. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على المنظمات بذل ما بوسعها لتخفيف العبء عن كاهل المشاركين في السوق. أحد الاقتراحات: إعطاء الوسطاء التجاريين شيئا مقابل دفعهم لبناء وصيانة النظام - مثل إمكانية الوصول إلى البيانات المتعلقة بالعمليات لديهم. وهذا قد يخفف تكاليف الحفاظ على السجلات ويمنحهم نصيبا أكبر في نجاح المشروع. من المحير أن هذا ليس أصلا جزءا من الخطة. يبدو أن لجنة الأوراق المالية والبورصات تسير في الاتجاه الصحيح. فقد تعهدت الرئيسة ماري جو وايت بإتمام إجراءات الموافقة على خطة نهائية هذا العام، وبعد ذلك يمكن البدء بعملية البناء الفعلية للنظام. في أحد الدلائل الإيجابية، قامت الوكالة بتعيين مدير برنامج مخصص، يمكن أن يكون مساعدا في تسريع وتيرة العملية. من المهم تجنب حدوث أي تأخير آخر. لا تستطيع الأسواق المالية الأمريكية الحفاظ على سمعتها بوصفها الأسواق الأكثر موثوقية في العالم إذا بقي الأشخاص المسؤولون يعملون في الخفاء.