بذلت الدولة ممثلة بالجهات المختصة، خلال الفترة الماضية، جهوداً كبيرة في سبيل خفض استهلاك الطاقة، ولاتزال هذه الجهود تتواصل بغية الوصول إلى جعل الاستهلاك في المستويات المستهدفة، من خلال التوعية والتثقيف لوقف عمليات الهدر. وقد تم الدفع ب 4 حملات توعوية، نظمها المركز السعودي لكفاءة الطاقة في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ، بهدف الحد من الزيادة المتنامية لاستهلاك للطاقة في المملكة بمعدلات مرتفعة فاق المعدلات العالمية المتعارف عليها، خصوصا في قطاعات المباني، والنقل البري، والصناعة، التي تعتبر أهم قنوات الهدر الرئيسة للطاقة في المملكة. وتم تنفيذ هذه الحملات ضمن جهود العديد من الجهات الحكومة المعنية من وزارات وهيئات، والتي تشترك جميعها في البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة للحد من تزايد استهلاك الطاقة في القطاعات الثلاث (المباني والنقل والصناعة)، وتعتبر حملة الثلاجات والغسالات والمجمدات هي الحملة التوعوية الرابعة ضمن عدة حملات توعوية بدأ المركز في تنفيذها، وتهدف في مجملها إلى رفع الوعي ونشر ثقافة ترشيد استهلاك الطاقة لدى المجتمع من خلال تسليط الضوء على آثار ترشيد الاستهلاك على جميع الفئات. وركزت الحملة التوعوية الأولى التي تم إطلاقها في شهر مايو من العام الماضي 2014، على أجهزة التكييف لتوعية الجمهور بالسلوكيات والخطوات البسيطة لكيفية ترشيد استهلاك المكيف للطاقة، والتي تبعتها في شهر أكتوبر الماضي 2014م ، حملة للعزل الحراري تركزت حول أهمية وفوائد العزل الحراري في المباني، بهدف توعية المواطنين بأهمية العزل الحراري للمباني والآثار الإيجابية المترتبة على استخدامه، ثم حملة توعوية للمركبات الخفيفة في شهر فبراير الماضي 2014م ، وهدفت إلى تعريف المستهلكين ببطاقة اقتصاد الوقود للمركبات ودلالاتها، وتوعيتهم بسلوكيات القيادة المثلى التي تساهم في خفض استهلاك الوقود. وتنتهج جميع الحملات العديد من الأساليب والرسائل التوعوية والتثقيفية وورش العمل والنصائح والفوائد التي تهم المستهلكين والتي أثبتت الدراسات العلمية بأن إهمالها يؤدي إلى هدر الطاقة ويلحق الضرر بالأجهزة. وشهدت المملكة خلال العقود الماضية نمواً اقتصادياً متسارعاً، أدى إلى زيادة الاستهلاك المحلي من الطاقة بمعدلات مرتفعة فاقت مثيلاتها في دول العالم، حيث بلغ معدل نمو الطلب المحلي على الطاقة نحو 5% سنوياً، ليصل مستوى الاستهلاك إلى ضعف المستوى الحالي بحلول عام 2030م، ما لم تُتخذ إجراءات حيال ذلك. وبالرغم من أن هذا النمو يعزى إلى زيادة عدد السكان، والنمو الاقتصادي، إلا أن جزءاً كبيراً منه نتج عن عدم الكفاءة في الاستهلاك، وأدى إلى هدر الطاقة. وفي إطار الجهود المبذولة لوقف الهدر، أجريت دراسة ميدانية بينت ضعفا شديدا في الجانب المعرفي الخاص بقضايا الطاقة، شمل معظم المؤشرات والمقاييس التي تم استخدامها في الدراسة، وشملت: عامل مكيف الهواء، وعامل أفران الغاز، وعامل الوعي في ترشيد استهلاك الطاقة في السيارات، وعامل الوعي باستخدام الإضاءة، والثلاجات والسخانات، وعامل الوعي ببطاقات كفاءة استهلاك الطاقة، وعامل الوعي باستخدام الغسالات، وعامل الوعي باستخدام العزل الحراري. كما أوضحت الدراسة وجود اتجاهات إيجابية نحو ترشيد الطاقة، وإن كان يعوزها الجوانب المعرفية والآليات السلوكية للترشيد، ووجود اتجاهات إيجابية سلوكية تحتاج أيضاً لمزيد من الوعي والتعليم بكيفية تنفيذها. ودلت النتائج على وجود اختلافات بدلالات إحصائية عند المستوى (0.05) بين المناطق المختلفة في المملكة في جوانب عدة معرفية واتجاهية وسلوكية خاصة بقضايا الطاقة وعوامل الترشيد. وجود اختلافات بدلالات إحصائية عند المستوى (0.05) وفق العوامل الديموغرافية المختلفة نحو قضايا الطاقة وترشيدها، كما دلت النتائج على حرص الآباء والأمهات على الترشيد وممارسته بأنفسهم في منازلهم، وذلك بإطفاء المكيفات والإضاءات في حالة عدم وجود أحد يستفيد منها.. وكذلك توجيه الأبناء والخدم بالترشيد في الطاقة. وتأكد من خلال الدراسة أهمية الإعلام الجديد، إذ يحتم انتشاره الكبير على القائم على الحملة استخدامه بشكل مكثف، خاصة وأنه لا يعد مكلفاً مادياً مقارنة بوسائل الإعلام التقليدي. ولهذا جاء إنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة، معبراً عن اهتمام الدولة بإيجاد حلول عملية لمواجهة الاستهلاك المتنامي، وتصدّر قائمة مهام المركز "وضْع برنامج وطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة والخطط اللازمة لذلك" بالتنسيق والتعاون بين كافّة الجهات المعنيّة، ومن بينها القطاع الخاص، مع الحفاظ على مصلحة المواطن واستمرار النمو الاقتصادي.