في البلدان النامية، يكثر الحديث عن محاولة اللحاق بركب الدول المتقدمة صناعياً، عبر العمل على إيجاد قطاعات منتجة، تساهم في رفد اقتصاد هذه الدول النامية بما يلزمها؛ للاكتفاء الذاتي في مجالات معينة، وحتى التصدير إلى الأسواق الخارجية. في هذه الحالة، لا بد من تشجيع الإنتاج المحلي، وتقديم منتجات محلية في مختلف المجالات، تنافس المنتجات الأجنبية، وتوفر للمواطنين سلعاً أو خدمات، بنفس جودة المُنتَج الأجنبي. لكن ما يحدث في دولنا العربية على سبيل المثال، أن المُنتَج المحلي لا يجد دعماً كافياً ليتمكن من النهوض ومنافسة المنتجات الأجنبية، وهناك نوعٌ من التسليم الرسمي والشعبي بعدم القدرة على منافسة المنتجات الأجنبية، فيكون الحل بفتح الأسواق المحلية أمامها، لتضرب أي بذرة لوجود منتجاتٍ وطنية. إذا كان المنتج الوطني الجيد مطلباً مهماً، فإنه ينبغي القيام بعدد من الخطوات، من قِبَل جهات مختلفة؛ لتمكين هذا المنتج من المنافسة، وهذا يقتضي أن تقوم الأجهزة الرسمية في الدولة بعدد من الخطوات الداعمة للمنتج الوطني، منها: نشر ثقافة استهلاك المنتج الوطني على حساب الأجنبي، وتقديم التسهيلات الإدارية والجمركية والضريبية للمنتجات الوطنية، وإعطاء هذه المنتجات الأولوية في ترسية المشاريع الحكومية. لكن هذا لا يعفي أصحاب المصانع أو الشركات من مسؤوليتهم هم أيضاً، التي تتمحور بالذات حول رفع مستوى الجودة، وتجاوز المنتج الأجنبي من هذه الناحية، وتقديم ما يمكن أن يُقنع المستهلك ليتخلى عن المنتج الأجنبي، ويثق بالمنتج الوطني. ربما يكون عامل الثقة مشكلة حقيقية، إذ إن الناس تعودوا على الثقة بالمنتجات الأجنبية، والاستهزاء بكل ما هو محلي، والاعتقاد بأنه أقل جودة من المنتج الأجنبي، لكن هذا ليس صحيحاً دائماً، فهناك منتجات وطنية وعربية تمكنت -بفضل العمل المميز لأصحابها- من الوصول إلى مستوى المنتج الأجنبي، بل وتجاوزه أحياناً. لنأخذ مثالاً من تطبيقات الهواتف الذكية، فشركة "أوبر" الأمريكية، المتخصصة في توفير سيارات أجرة عبر تطبيقها على الهواتف الذكية، والتي تأسست عام 2009، غزت العالم بعد تأسيسها بثلاث سنوات، وأصبحت أشهر شركة تقدم هذه الخدمة في العالم، لكن تطبيق شركة "كريم"، الذي أبصر النور عام 2012، تمكن من منافسة "أوبر" في الشرق الأوسط. تطبيق "كريم" أسسه شاب عربي سعودي بمشاركة آخرين؛ ليخدم منطقة الشرق الأوسط تحديداً، وتمكن من خلال التطبيق، من منافسة "أوبر"، بل والتفوق عليه، كما تشير إلى ذلك عدد مرات تحميل التطبيقين داخل المملكة، في موقع "App Annie". جذب "كريم" المستهلكين بجودته العالية، وتمكن من منافسة "أوبر" بقوة، ودفع عدداً من الشركات السعودية الكبيرة للاستثمار فيه، وأثبت كنموذج من بين نماذج أخرى أيضاً، قدرة أبناء وطننا ومنطقتنا، على تقديم الجودة التي تنال ثقة المستهلك، وتنافس المنتج العالمي. مسؤولية رواد الأعمال مد جسور الثقة مع المستهلك، عبر الاهتمام بالجودة، وسيحصدون تفضيل المستهلك لمنتجاتهم.